أمينة البوصيري مطمئنة على مصير القفطان خائفة على مستقبل «المعلم» المغربي

من أعمال أمينة البوصيري
من أعمال أمينة البوصيري
TT

أمينة البوصيري مطمئنة على مصير القفطان خائفة على مستقبل «المعلم» المغربي

من أعمال أمينة البوصيري
من أعمال أمينة البوصيري

المصممة أمينة البوصيري غاضبة من توجه بعض المصممين المغاربة إلى دول مثل الهند لتطريز القفطان المغربي. بالنسبة لها فإن «المعلم» المغربي أكثر قدرة على تنفيذه، لأنه أكثر من يفهم تفاصيله وشخصيته وما تختزله هذه التفاصيل والتطريزات من ثقافة وحضارة. وتشير إلى أن هذا التوجه يستهدف مستقبل الصانع المغربي بشكل مباشر في الوقت الذي يُفترض فيه من المصممين دعمهم له للإبقاء على هذه الحرفة مستمرة وحية في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الكثيرة.
تعتبر أمينة البوصيري نموذجًا لمصممي القفطان المغربي الحريصين على أصالته باحترامها القصات الأصلية وطابع الحشمة الذي يجب أن يميزه، حسب رأيها. فالمرأة العربية تتقبل فساتين السهرة والمساء وكل ما له علاقة بالموضة، لكنها لا تستغني أبدًا عن القفطان في مناسباتها المهمة مهما كان الأمر، وبالتالي فإنها تبحث دائمًا عما يميزه ويطوره من دون المساس بأساسياته.
اكتشفت البوصيري شغفها بالقفطان منذ الصغر، حيث كانت تشدها ألوانه وتطريزاته عندما تزور الأسواق مع أسرتها. مع الوقت تعلمت الخياطة وتمكنت من أدواتها إلى حد أنها هي التي تولت تصميم وتنفيذ كل القفاطين التي ظهرت بها في عرسها.
شغفها به ورغبتها في التبحر في جمالياته شجعاها على الالتحاق بالقسم التقني في ثانوية للا أمينة بمدينة مكناس (وسط المغرب) لمدة 3 سنوات حصلت بعدها على دبلوم في الخياطة العصرية. وكان لتميزها الفضل في عملها كأستاذة في مجال الخياطة والتطريز مع وزارة الشبيبة والرياضة، حيث قضت 6 سنوات تتنقل بين مدينتي مكناس والقنيطرة للتدريس والتعلم في الوقت ذاته. بعد ذلك استقالت من وظيفتها لتبدأ مرحلة جديدة أسست فيها ورشتها ودارها لتصبح أحد أهم مصممي القفطان المغاربة.
ككل البدايات لم يكن طريق البوصيري محفوفًا بالورود. فبينما كانت ملمة بالتصميم والخياطة وكل ما يتعلق بالجانب الفني، فإنها احتاجت لكثير من الوقت لتُدرك أنه عليها أن تتعلم جانبًا آخر كان مخفيًا عنها، وهو الجانب التسويقي والتجاري الذي بدونه تكتمل معالم دار أي مصمم. كعادتها تعلمت الدرس بالمثابرة والتحدي والممارسة، وهكذا أتقنت اللعبة.
أول تحدٍ لها كان مشاركتها في تظاهرة القفطان السنوية بمراكش، التي يشارك فيها نخبة المصممين المغاربة. كان ذلك في 2003 وهو عام شكل بالنسبة لها نقلة مهمة في حياتها المهنية. فرغم أنها لم تصل إلى المرحلة النهائية فإنها وصلت إلى مرحلة التصفيات، وهو ما فتح عيونها على أشياء كثيرة وكذلك آفاقها.
تعترف بأن هذه التجربة كانت مهمة في تحفيزها، فخلال مشاركتها في التصفيات لاحظت الفرق الكبير بين تصاميمها وتصاميم مشاركين آخرين، وأدركت أنها تحتاج إلى العمل بجهد أكبر لتصل إلى مستوى يؤهلها للمشاركة في تظاهرة مهمة كهذه، وهو الأمر الذي تطلب منها 4 سنوات أخرى قضتها في تطوير عملها. في عام 2007، أعطى تعبها ثماره، لأنها وصلت إلى مرحلة التصفيات بسهولة لتشارك في العرض الأخير وتنال الإعجاب واحترام كل المشاركين في التظاهرة. منذ ذلك التاريخ، أصبحت اسمًا مألوفًا في التظاهرة ينتظره عشاق القفطان بشوق، خصوصًا أن في كل سنة تثبت أنها أفضل من السنة التي قبلها.
الجميل فيها أن لم تنسَ بداياتها ولا تزال متواضعة عندما تقول إن القفطان بأصالته وعراقته مادة غنية لأي مصمم. فهي لا تحتاج إلى ضخه بتغييرات كثيرة لإضفاء البهاء والفخامة عليه كونه كريمًا يتوفر على كل عناصر الجمال، بشرط احترامه، ليس من حيث القصات المحتشمة، بل أيضًا التطريزات والاعتماد على أنامل «المعلمين». أما لمستها الخاصة فتظهر في مزجها للألوان ونسبة التطريز بالأحجار حتى لا يبقى سجين الماضي والتراثي.



كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
TT

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

في منتصف القرن الماضي، كان فن الـ«آرت ديكو» والقطع المصنعة من البلاتين تُهيمن على مشهد المجوهرات الفاخرة. في خضم هذه الموجة التي اكتسحت الساحة، ظلت دار «بولغري» وفيّة لأسلوبها المتميز بالجرأة، واستعمال الذهب الأصفر والأحجار الكريمة المتوهجة بالألوان.

رغم أن عقداً واحداً يكفي فإن استعمال أكثر لا يؤثر بقدر ما يزيد من الفخامة (بولغري)

في هذه الفترة أيضاً ابتكرت تقنية خاصة بها، أصبحت تعرف بـ«توبوغاس»، وتستمد اسمها من الأنابيب التي كانت تستخدم لنقل الغاز المضغوط في عشرينات القرن الماضي. ففي تلك الحقبة أيضاً بدأ انتشار التصميم الصناعي في أوروبا، ليشمل الأزياء والديكور والمجوهرات والفنون المعمارية وغيرها.

ظهر هذا التصميم أول مرة في سوار ساعة «سيربنتي» الأيقونية (بولغري)

في عام 1948، وُلدت أساور بتصميم انسيابي يتشابك دون استخدام اللحام، تجسَّد في سوار أول ساعة من مجموعتها الأيقونية «سيربنتي». أدى نجاحها إلى توسعها لمجموعات أخرى، مثل «مونيتي» و«بارينتيسي» و«بولغري بولغري».

في مجموعتها الجديدة تلوّنت الأشكال الانسيابية المتموجة والأجسام المتحركة بدرجات دافئة من البرتقالي، جسَّدها المصور والمخرج جوليان فالون في فيلم سلط الضوء على انسيابية شبكات الذهب الأصفر ومرونتها، واستعان فيه براقصين محترفين عبّروا عن سلاستها وانسيابيتها بحركات تعكس اللفات اللولبية اللامتناهية لـ«توبوغاس».

بيد أن هذه التقنية لم تصبح كياناً مهماً لدى «بولغري» حتى السبعينات. فترة أخذت فيها هذه التقنية أشكالاً متعددة، ظهرت أيضاً في منتجات من الذهب الأصفر تُعبر عن الحرفية والفنية الإيطالية.

ظهرت تقنية «توبوغاس» في مجوهرات شملت أساور وساعات وعقوداً (بولغري)

لكن لم يكن هذا كافياً لتدخل المنافسة الفنية التي كانت على أشدّها في تلك الحقبة. استعملتها أيضاً في مجوهرات أخرى مثل «بارينتيسي»، الرمز الهندسي المستوحى من الأرصفة الرومانية. رصَّعتها بالأحجار الكريمة والألماس، وهو ما ظهر في عقد استخدمت فيه «التنزانيت» و«الروبيت» و«التورمالين الأخضر» مُحاطة بإطار من الأحجار الكريمة الصلبة بأشكال هندسية.

بعدها ظهرت هذه التقنية في ساعة «بولغري توبوغاس»، تتميز بسوار توبوغاس الأنبوبي المرن، ونقش الشعار المزدوج على علبة الساعة المصنوعة من الذهب الأصفر والمستوحى من النقوش الدائرية على النقود الرومانية القديمة. تمازُج الذهب الأصفر والأبيض والوردي، أضفى بريقه على الميناء المطلي باللكر الأسود ومؤشرات الساعة المصنوعة من الألماس.

من تقنية حصرية إلى أيقونة

تزينت بمجوهرات الدار نجمات عالميات فكل ما تقدمه يُعدّ من الأيقونات اللافتة (بولغري)

«بولغري» كشفت عن مجموعتها الجديدة ضمن مشروع «استوديو بولغري»، المنصة متعددة الأغراض التي تستضيف فيها مبدعين معاصرين لتقديم تصوراتهم لأيقوناتها، مثل «بي زيرو1» و«بولغري بولغري» و«بولغري توبوغاس». انطلق هذا المشروع لأول مرة في سيول في مارس (آذار) الماضي، ثم انتقل حديثاً إلى نيويورك؛ حيث تستكشف الرحلة الإرث الإبداعي الذي جسدته هذه المجموعة من خلال سلسلة من أعمال التعاون من وجهات نظر فنية متنوعة.

قوة هذه التقنية تكمن في تحويل المعدن النفيس إلى أسلاك لينة (بولغري)

بين الحداثة والتراث

قدّم الفنان متعدد المواهب، أنتوني توديسكو، الذي انضم إلى المنصة منذ محطتها الأولى ترجمته للأناقة الكلاسيكية بأسلوب امتزج فيه السريالي بالفن الرقمي، الأمر الذي خلق رؤية سردية بصرية تجسد التفاعل بين الحداثة والتراث. منح الخطوط المنسابة بُعداً ميتافيزيقياً، عززته التقنيات التي تتميز بها المجموعة وتحول فيه المعدن النفيس إلى أسلاك لينة.

تطورت هذه التقنية لتشمل قطعاً كثيرة من مجموعات أخرى (بولغري)

ساعده على إبراز فنيته وجمالية التصاميم، الفنان والمصمم الضوئي كريستوفر بودر، الذي حوَّل الحركة اللامتناهية وتدفق اللوالب الذهبية في «بولغري توبوغاس» إلى تجربة بصرية أطلق عليها تسمية «ذا ويف» أو الموجة، وهي عبارة عن منحوتة ضوئية حركية تتألف من 252 ضوءاً يتحرك على شكل أمواج لا نهاية لها، تتكسر وتتراجع في رقصة مستمرة للضوء والظل، لكنها كلها تصبُّ في نتيجة واحدة، وهي تلك المرونة والجمالية الانسيابية التي تتمتع بها المجموعة، وتعكس الثقافة الرومانية التي تشرَّبتها عبر السنين.