المعارضة الإسرائيلية تطالب نتنياهو بالاستقالة

في أعقاب تقرير «مراقب الدولة» حول إخفاقات الحرب على غزة

الدخان يتصاعد من بنايات وسط غزة تعرضت للقصف الجوي خلال حرب يوليو 2014 (أ.ب)
الدخان يتصاعد من بنايات وسط غزة تعرضت للقصف الجوي خلال حرب يوليو 2014 (أ.ب)
TT

المعارضة الإسرائيلية تطالب نتنياهو بالاستقالة

الدخان يتصاعد من بنايات وسط غزة تعرضت للقصف الجوي خلال حرب يوليو 2014 (أ.ب)
الدخان يتصاعد من بنايات وسط غزة تعرضت للقصف الجوي خلال حرب يوليو 2014 (أ.ب)

توجه رئيس المعارضة الإسرائيلية، يتسحاق هيرتسوغ، إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، طالبا استقالته الفورية بسبب ما ورد في تقرير مراقب الدولة، القاضي يوسف شبيرا، من إخفاقات في الحرب على قطاع غزة في صيف 2014. وقال هيرتسوغ، إن التقرير واضح في إدانته لتقصيرات رئيس الحكومة، الذي لم يعالج بشكل جدي أو مهني، قضية الأنفاق التي حفرتها حماس، وتمتد تحت الحدود وتصل إلى عمق الأراضي الإسرائيلية.
وكان التقرير قد صدر رسميا، أمس، وفيه جرت معالجة سياسة القيادات السياسية والعسكرية قبيل الحرب وخلالها. وخرج المراقب باستنتاج أن الحكومة ومجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر، لم يدرسا الوضع في قطاع غزة عند مصادقتهم على الحرب. ولم يعرفا شيئا عن الأنفاق وعددها وأخطارها. ولم يعرفا شيئا عن الأوضاع الإنسانية المتدهورة للمواطنين الفلسطينيين في القطاع. ولم يحددا أهدافا استراتيجية لإسرائيل هناك. ومع ذلك، فقد صوتا إلى جانب الحرب، ووافقا على كل ما طرحه أمامهما الجيش، وتبنيا حربا لم تحظ بالاستعداد اللازم.
واتهم المراقب نتنياهو، بإخفاء معلومات أمنية حيوية عن وزراء المجلس الأمني المصغر؛ لأنه لا يثق بهم. وانتقد بشدة وزير الدفاع في حينه، موشيه يعلون، على مشاركته نتنياهو في هذه السرية، ولم يلق مسؤولية على الجيش بوضع خطة سريعة للتخلص من الأنفاق وتدميرها. وانتقد بشدة أيضا، رئيس أركان الجيش في حينه، بيني غانتس؛ لأنه لم يضع خطة مجدية لتدمير الأنفاق. وبعد الحرب، اتضح أن نصف الأنفاق ما زالت سالمة. وهناك اليوم 15 نفقا تمتد في العمق الإسرائيلي حتى الآن، والحكومة لم تجر أي بحث بشأنها ولا بشأن قطاع غزة، على الرغم من أنه يعتبر حاليا ساحة الحرب المحتملة الأولى.
وقد تلقفت المعارضة هذا التقرير لمهاجمة نتنياهو، ومطالبته بتحمل المسؤولية بشجاعة، وإعلان الاستقالة. وطالب عدد من الأهالي الذين ثكلوا أبناءهم في تلك الحرب، أيضا، بأن يتحمل كل الوزراء الذين خدموا في الحكومة السابقة ولا يزالون وزراء في الحكومة الحالية، المسؤولية ويستقيلوا. وتوجهت حركة «نساء يصنعن السلام»، التي تضم أمهات حارب أولادهن في هذه الحرب، برسالة إلى أعضاء المجلس الوزاري، أمس، جاء فيها: «لسنا مستعدات للجلوس مكتوفات الأيدي وانتظار الجولة المقبلة. تقرير مراقب الدولة لا ينشغل بنا، نحن اللواتي انتظرن طوال 50 يوما، بلاغا من الابن والأخ والأب، وركضنا مع أولادنا إلى الملجأ، متخوفات من القرع على الباب». ونظمت الحركة مظاهرة لها مقابل مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، بعد ظهر أمس، طالبت فيها المتظاهرات، بمنع الجولة المقبلة من الحرب ودمج النساء في اتخاذ القرارات.
أما نتنياهو فقد رد بحدة على التقرير، وشكك في مهنية معديه، ورفض مطلب الاستقالة. وقال: «الدروس المهمة فعلا لا توجد في التقرير، بل في قرارات الحكومة السرية، ونحن نطبقها من دون إعلانات وتصريحات إعلامية. نحن نطبقها بشكل أساسي بإصرار وبهدوء». وأضاف: «مسؤوليتي الأولى كرئيس للحكومة، هي الاهتمام بأمن إسرائيل ومواطنيها. هكذا فعلنا في الجرف الصامد. لم يكن في الدولة أي مجلس وزاري تم إطلاعه على الأمور كما فعلنا». كما اتهم نتنياهو، من دون ذكر أسماء، أعضاء المجلس الوزاري السابق، بتسييس النقاشات في المجلس الوزاري وتسريب بعضها. وقال: «لقد وجهنا لحماس أقصى ضربة عرفتها في تاريخها. قضينا على نحو ألف مخرب من حماس، وعلى كبار قادته، وأسقطنا أبراج الإرهاب، وعملنا بكل قوة، بمسؤولية وبتنسيق كامل بين القيادتين السياسية والعسكرية».
وقد اعتبر مراقب الدولة رد نتنياهو مسيئا له وللمؤسسة التي يقودها. وقال: «نحن أعددنا تقريرا مهنيا، وكنا نتوخى من رئيس الوزراء أن يحترم الأسس الديمقراطية التي أهلتنا لهذه المهمة، وأن يستفيد من ملاحظاتنا لتصحيح الأوضاع».
وردت وزارة الدفاع على التقرير، قائلة إنها استخلصت النتائج المطلوبة من التقرير ومن كثير من الفحوصات الداخلية الخاصة بها. وأما رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، فأعلنت أنها تقوم بدراسة أهم الملاحظات والاستنتاجات المطلوبة. وقالت: «عشية معركة الجرف الصامد، كانت لجيش الدفاع معلومات ملموسة حول أغلبية الأنفاق والمنظومة التحت أرضية. تعتبر الفترة الزمنية بعد معركة الجرف الصامد من أكثر الفترات هدوءً منذ عام 1967 على الحدود مع قطاع غزة. طيلة هذه الفترة، نعمل وفق خطة عمل منتظمة، واستثمرنا أكثر من ملياري شيقل في التعامل مع المنظومة التحت أرضية وإيجاد حل تكنولوجي. وقد قام جيش الدفاع بطرح خطورة التهديد أمام المسؤولين المعنيين مع تحليله وتوضيح المعاني العملياتية، واعتبر التهديد خلال مداولات المجلس الأمني المصغر، كأحد التهديدات الخمسة المركزية. كما حرص الجيش على إطلاع أعضاء لجنة الخارجية والأمن البرلمانية على صورة الموقف حيث تفقدوا أحد الأنفاق التي اكتشفت وتلقوا التقارير المعنية حول الظاهرة كما كانت معروفة لدى جيش الدفاع في تلك الأيام».
يذكر أن الجيش الإسرائيلي خرج في الثامن من يوليو (تموز) 2014 إلى حرب أسماها «عملية الجرف الصامد» في قطاع غزة، استمرت حتى 26 أغسطس (آب). وقد أطلقت حماس خلالها أكثر من 4500 صاروخ وقذيفة هاون على إسرائيل، وتمكنت منظومة القبة الحديدية من إسقاط 735 منها، وبذلك منعت حدوث إصابات بالغة في صفوف المدنيين في مراكز الإسكان. وفي المجمل العام، قتل 68 جنديا و4 مدنيين إسرائيليين وعامل أجنبي. أما على الجانب الفلسطيني، فقد مني بأكبر عدد من الخسائر البشرية منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، أكثر من 2200 قتيل، من بينهم نحو 1100 مدني على الأقل. كما تم إلحاق خسائر مادية ضخمة بالبنى التحتية في غزة، وحسب التقديرات تم هدم أكثر من عشرة آلاف بناية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.