العالول: نقبل بحل الدولة الواحدة... وتعييني ليس مؤقتاً

نائب عباس في {فتح} قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يجب التخلص من الاتفاقات... وإدارة ترمب تدرس ملف الصراع

محمود العالول
محمود العالول
TT
20

العالول: نقبل بحل الدولة الواحدة... وتعييني ليس مؤقتاً

محمود العالول
محمود العالول

منذ التقيته قبل شهور، لم يتغير شيء في محيط الرجل، الذي أصبح نائبا للرئيس محمود عباس في قيادة حركة فتح، المنصب الذي يعني أنه سيكون رئيسا للحركة في حال حدوث مفاجآت، وبالتالي رئيسا للسلطة الفلسطينية. وفق منطق فتحاوي بحت، يقول إن رئيس فتح هو رئيس السلطة ورئيس منظمة التحرير أيضا. وهو منطق ثابت بعكس الشخوص المرشحين أو المنتخبين.
كان الشرطي الوحيد يقف خارج مقر التعبئة والتنظيم التابع لفتح، الذي يدير منه محمود العالول، عضو اللجنة المركزية للحركة، كل أعماله، إلى جانب قياديين آخرين. ولم نتعرض لأي أسئلة في طريقنا إلى مكتبه في العمارة ذات الطوابق الخمسة، إلى أن استقبلنا مدير مكتبه، الذي أرجأنا لاحقا، مرات عدة، بسبب تداخل المواعيد وعدم تنظيمها الذي يشير إلى فوضى ما، يعدها كثير من الفتحاويين «خلاقة» و«حميدة»، وجزءا من الثقافة العامة.
أعضاء «مركزية» وآخرون من المجلس الثوري، وكوادر في الحركة، كانوا يصلون بلا مواعيد يريدون مقابلة العالول. وبينما كان هو يستقبل وفدا من الاتحاد الأوروبي، كان مساعدوه يحاولون ترتيب الأمر، بطريقة تجنبهم الإحراج أو المواجهة مع الأصدقاء والمسؤولين. سألت العالول قبل أن نبدأ حوارنا عن حراسته، فقال إنه لا يحب الجلبة التي تحدثها، ويتمنى لو يستطيع مباشرة أعماله من دون مساعدين أيضا، إذ «ليس ثمة ما يخشاه»، كما يقول. بعدها، دار بيننا هذا الحوار:
* سأبدأ من الرئيس الأميركي ترمب، ماذا أنتم فاعلون معه؟
- هذا سؤال مطروح على العالم كله. لا أحد يستطيع أن يقرأ شيئا في سياسة ترمب. هناك كم كبير من الغموض والتخبط. لقد بدأ فورا في صنع كم كبير من التناقضات والمشكلات مع المجتمع الأميركي والعالم وأوروبا، ومع الصين واليابان. سياساته مخالفة تماما لكل السياسات الأميركية السابقة. لذلك نحن أمام حالة غامضة. هناك مقدمات محبطة، لكن ما نقوله نحن، هو إننا نبذل جهدا، وما زلنا نبذل جهودا مختلفة لتجاوز ذلك.
* في أي اتجاه؟
- أن نتواصل معه ومع إدارته. نحن أرسلنا لهم مباشرة، وعبر القيادات العربية أيضا. قلنا له أن يقرأ المنطقة جيدا وألا يتسرع. نريد العلاقة جيدة وليست متوترة. لكن بغض النظر عن أي شيء يمكن أن يحدث، نحن سنبقى متمسكين بحقوق شعبنا وثوابت شعبنا وندافع عنها، والكل جربنا خلال السنوات الأخيرة، لسنا مطواعين ولا نخضع لأي إملاءات.
* وهل كانت هناك استجابة منه؟ هل فُتحت خطوط اتصال؟
- نعم. هناك كثير من الإخوة الذين ذهبوا وتواصلوا مع أطراف مهمة وأساسية في إدارته.
* قيل إن هذه اللقاءات أمنية فقط؟
- أمنية وسياسية كذلك. وحتى الأمنية منها لم تكن موضوعاتها أمنية فقط.
* وهل لمستم استجابة أو تغييرا؟ هل حدث أي اختراق؟
- يقولون إنهم يدرسون الملف. لم تتضح لدينا حتى الآن كيف ستكون السياسة الأميركية خلال الفترة المقبلة.
* لكن مواقفه خطيرة. هناك نقل السفارة، وحل الدولتين. هل تنتظرون تغييرا في مواقفه هذه؟ هل حصلتم على تطمينات؟
- نعم. هناك مواقف صعبة لكن أيضا ثمة ما يوحي بأن هناك تراجعا. بصراحة العالم كله ليس لديه توقعات محددة.
* بخصوص حل الدولتين الذي تراجع عنه، هل توافقون على دولة واحدة؟
- المسألة ليست لها علاقة بنوع الحل وشكله. المسألة متعلقة بالشروط. بالنسبة لنا، همنا الأساسي هو الحرية والاستقلال والسيادة. لا نتسرع باتخاذ الأحكام على الشكل. حل الدولة الواحدة مثلا، إذا كان بشروط إسرائيلية، أي دولة واحدة ونظام تمييز عنصري، فهذا مرفوض. موضوع الدولة الواحدة نحن أول من طرحه، قلنا دولة ديمقراطية يعيش فيها كل المكونات الموجودة على هذه الأرض.
* يعني مقبولة بهذه الشروط؟
- الدولة الواحدة التي نتحدث عنها تاريخيا، هي الدولة الديمقراطية التي يعيش فيها الجميع على قدم المساواة، نعم مقبول. لكن، نحن نعرف أن إسرائيل لن تقبله (...) لا يمكن أن يوافقوا. هم يريدون دولة نقية في يهوديتها، لذلك يطالبوننا بالاعتراف بالدولة اليهودية. الدولة الواحدة طرحناها سابقا ولا توجد مشكلة، نحن نقبل بشروطنا.
* قلت إن العالم ينتظر أن يفهم ترمب، لكن هل يستطيع الفلسطينيون الانتظار أكثر بعد 20 عاما من المفاوضات؟ ألا يجب التحرك باتجاه آخر؟
- التفاوض شيء حتمي في كل صراع، هنا أو في أي بقعة في العالم. هناك صراع مع هذا الاحتلال، وهو صراع مرير عبر كل السنوات الماضية. ونحن عندما شعرنا أن التفاوض مسألة عبثية أوقفنا التفاوض. هذا الصراع سنخوضه بكل أشكاله.
* لكنكم أوقفتم التفاوض من دون بدائل. وهناك من يدعو لتكون المقاومة هي البديل.
- المقاومة مشروعة، وأهم نقاط الإعلان السياسي في فتح تقول إن المقاومة بكل أشكالها حق مشروع، لكن لكل مرحلة شكلا مواتيا. في هذه المرحلة، الشكل المواتي هو المقاومة الشعبية. نحن نرى ذلك ونستخدمه.
* وهل ترى أن هناك مقاومة شعبية؟
- هناك مقاومة شعبية قائمة ورائعة ومحترمة في عشرات الأماكن، لكن لا بد أن يبذل جهد أكبر من أجل النهوض بها وإظهار قدرتها على الضغط. يجب أن تكون شمولية لتصبح نهج حياة. نريدها في الميدان وأسلوب حياة.
* إذن لماذا لا تنجح جوانب مهمة منها، مثل المقاطعة (مقاطعة بضائع إسرائيلية)، سرعان ما تفشل؟
- هناك معطيات. ربما نحن نأخذ خطوات قوية في البداية، لكننا نسعى من أجل أن تكون ثقافة سائدة في المجتمع. نريدها أن تصبح ثقافة. نريد من أبنائنا أن يمتنعوا عن البضائع الإسرائيلية طوعا. لذلك نحاول أن ننشرها في المجتمع من دون قرارات.
* وهل يمكن أن تصبح المقاومة الشعبية نهج حياة بوجود سلطة؟
- نعم. دواعي ذلك أن هناك احتلالا، وهناك جرائم. من أجل ذلك لا بد أن تكون نهج حياة للمواطن الفلسطيني، ونحن مع ذلك.
* بالحديث عن الاحتلال، تم الإعلان مرارا عن خطوات ضده، مثل وقف التنسيق الأمني. لماذا لا تترجم؟
- هناك كم كبير من الضغوط، وهناك آراء تقول إنه لا يمكن استخدام العصا الآن، هددوا وأجلوا استخدامها. لكن أنا أقول لك لا محالة بالنهاية، لا بد من إعادة النظر في كل أشكال العلاقة.
* هناك من يقول إن السلطة لن تستطيع ذلك، لأنها جاءت ضمن اتفاق اسمه أوسلو.
- صحيح هناك اتفاق، لكن لدينا مبررنا. كل الاتفاقات لم يلتزم بها إلا طرف واحد، هو السلطة. لذلك يجب ألا نلتزم بهذا الاتفاق.
* هل خفتم في لحظة من أن تهدم خطوات من هذا القبيل السلطة؟ وهل أنت مع حل هذه السلطة في مرحلة ما؟
- لا، لست مع حل السلطة، باعتبارها إنجازا، لكن مع أن تقاد السلطة باتجاه تعميق التناقض مع الاحتلال. هذه السلطة لن تحل، لكن ربما تنهار بفعل الحصار، أو وقف الأموال، وأسباب أخرى. مهمتنا هي أن نعمق التناقض بصراحة.
* مستعدون للذهاب حتى النهاية؟
- مصالحنا تتطلب ذلك. حماية أرضنا وأطفالنا وشعبنا هي مسؤوليتنا.
* في مسألة ثانية تماما، تم اختيارك نائبا لرئيس حركة فتح. هل هذا منصب بصلاحيات حقيقية أم فخري؟
- لا لا طبعا، يوجد لدينا في النظام الداخلي صلاحيات لنائب الرئيس. وأنا لست باحثا عن هذا الأمر. لكن هناك كما هائلا من المهام لا بد من القيام به، وأنا أسعى لذلك. هناك أعباء يتحملها الرئيس، وجزء أساسي من مهامي كيف أساعد في حمل جزء من الأعباء.
* وهل اختيارك لهذا المنصب أنهى أي تدخلات خارجية؟
- مبدأ التدخلات الخارجية ليس مرتبطا، بل كان أحد العناوين. ما فعلناه سينهي جزءا من التدخلات الخارجية. هذه التدخلات دائمة وقائمة منذ سنوات طويلة، ومن أجل ذلك نقول القرار الوطني المستقل. أنت تدرك مدى أهمية الورقة الفلسطينية وحرص كثيرين في الإقليم على امتلاكها.
* وفي موضوع دحلان تحديدا؟ هل انتهت تلك التدخلات؟
- في هذا الموضوع دعني أقول، إن تدخل الرباعية كان فظا، ونحن رفضناه. والآن لم يعد موجودا. نحن حددنا سياسة تمسكنا بها وصمدنا بها، وهذا قاد إلى تراجع الآخرين.
* طيب، اختيارك في منصب نائب الرئيس، هل له علاقة بانتقال سلس للسلطة؟
- ربما يساعد هذا الموضوع. لكن أرجو ألا يؤخذ الأمر من هذه الزاوية. نحن نعتقد أنه ما دام هناك توافق وهناك حالة من الانسجام، فإنه يضمن الانتقال السلس.
* نقل عنك أن تعيينك نائبا للرئيس، جاء محددا بفترة زمنية.
- لا لا. ضمن القانون في فتح، هناك مراجعة وتقييم لكل المهام بعد عام من إعلانها، هذا ما قصدته.
* كان البعض يتوقع أن يجري الدفع باتجاه مروان البرغوثي (أسير عضو لجنة مركزية).
- بالنسبة لمروان هو قائد وصديق عزيز ومناضل. وهو تاج عز في فتح، له منا كل التقدير والاحترام. ونحن نبقى نناضل من أجل حريته.
* طيب عدم اختياره أو إعطائه مهام، كيف تفسره؟
- هذا موضوع أحيانا يثيره بعض الناس الذين لديهم رغبة في إثارة إشكال. أريد أن أسأل أي أحد أن يقنعني أو يضع لي فكرة، إذا سُلّم مهام تنفيذية كيف سيمارسها؟ إذا كانت هناك إجابة، كل المواقع مفتوحة له بالطبع.
* كان يفترض أن تذهبوا في منظمة التحرير إلى انتخابات أيضا على غرار فتح.
- نعم. هناك فكرة أساسية ونسعى لها منذ أكثر من عام، من أجل عقد المجلس الوطني الفلسطيني. هناك لجنة تحضيرية من أجل هذه المسألة. سنسعى بكل ما نستطيع من جهد من أجل إنجاز هذا الموضوع.
* هل ثمة عقبات؟
- نعم، طبعا. نحن لسنا معزولين، هناك تدخلات، هناك صراعات، لكننا مصرون على ذلك.
* وهل حُسم أمر مكان عقده في الداخل أو الخارج؟
- هناك نقاش.
* من ضمن مهام المجلس الوطني، هل نتوقع استحداث منصب نائب رئيس السلطة؟
- دعنا نصل ونرى. لكل حادث حديث. هذا الأمر مطروح، نعم صحيح.
* وهل ثمة مرشحون؟ هل ثمة شروط أن يكون عضو مركزية مثلا أو تنفيذية؟
- المبدأ هو أن يكون هناك نائب لرئيس السلطة، هذه مسألة مهمة، لكن أين وكيف؟ التوازنات تلعب دورا في مجموعة أخرى من القضايا، يجب البحث بشأنها. حتى الآن لم نبحثها.
* حماس تقول إن هذا الأمر محسوم. لا داعي له، ورئيس المجلس التشريعي هو رئيس السلطة في حال شغور المنصب.
- طيب دعنا ننتظر إجابة من حماس أولا. هل تريد أن تدخل الجسم الفلسطيني أو لا؟ ثم إنه لا يوجد الآن رئاسة للمجلس التشريعي. يجب انتخاب هيئة جديدة.
* الفصائل تشيخ مثل الناس. هل ترى أن فتح شاخت؟
- الموضوع ليس أنها تشيخ، حركة فتح هي حركة تحرر وطني، أتت من أجل تحقيق الحرية والاستقلال. وما زالت لم تنجز هذين الهدفين، وستبقى شابة حتى تنجزهما. شعارنا هو حرب الشعب طويلة الأمد. وهذا يعني أنه سيكون هناك عدد من الأجيال، ستستمر. نحن نعتني بالشبيبة، بالأشبال. من أجل ذلك، تجدد فتح دائما شبابها حتى تتمكن من إنجاز الاستقلال.
* ما هدفك الأهم في منصبك الجديد؟
- تجديد الشباب، والنهوض بالحركة، ومعالجة كم كبير من الثغرات، والتصالح مع الشارع الفلسطيني، وخلق حالة من الانسجام داخل الحركة وبين الحركة والمجتمع.
* يعني هل توافق على أن هناك فجوات بين الحركة والشارع؟
- بالتأكيد.
* هل تعتقد أن سبب ذلك هو تماهي فتح مع السلطة إلى حد كبير؟
- لا يوجد توجه حاسم. بصراحة كل الأحزاب تسعى أن تكون جزءا من السلطة. هناك خلط. لا بد من إعادة التركيز على أن فتح حركة تحرر وطني. يجب أن نعيد الأولوية لهذا الموضوع، والنضال واستمراره. أحيانا كثيرة تكون جزءا من السلطة أو على رأس السلطة. هذا هدف لكن في دولة. نحن لدينا خلط. توجد سلطة ولم ننه الاحتلال، ولا توجد دولة. يعني هكذا قيدت الأمور. وسأبذل جهدا كبيرا لتتغير.
* ما تقوله لا يعجب الإسرائيليين!
- أعجبهم أو لا، ليس شأنهم.
* وهل تخشون من ربيع فلسطيني في مرحلة ما؟
- لا لا. في الربيع تخرج الجماهير باتجاه حاجاتها الأساسية، أو لتغيير الحكومة. تناقضنا جميعا هنا هو مع الاحتلال. إذا كان من أجل الاحتلال، فلتخرج نحن معها. أصلا، جرى التخطيط لأن يكون الربيع في فلسطين أولا، لكن ذلك لم ينجز.



الرئاسة اليمنية تشير إلى احتمال قريب للخلاص من الحوثيين

مقاتلة تقلع من على متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة تقلع من على متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
TT
20

الرئاسة اليمنية تشير إلى احتمال قريب للخلاص من الحوثيين

مقاتلة تقلع من على متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة تقلع من على متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

وسط إشارات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى احتمالية الخلاص من الجماعة الحوثية في بلاده خلال العام الحالي، ضربت الغارات الأميركية مساء الأربعاء - فجر الخميس أهدافاً مفترضة للجماعة في صنعاء ومحيطها، وصولاً إلى معقلهم الرئيسي في صعدة.

وفي حين لمحت تصريحات العليمي إلى وجود مشاورات بخصوص ما يجب فعله على الأرض بالتوازي مع الحملة الجوية الأميركية ضد الحوثيين، تحدث إعلام الجماعة عن سقوط 3 جرحى جراء الغارات الأخيرة في صنعاء وصعدة.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أمر ببدء حملة ضد الحوثيين المدعومين من إيران في 15 مارس (آذار) الماضي وتوعدهم بـ«القوة المميتة»، في سياق سعيه إلى إرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

ووفق ما أورده الإعلام الحوثي، فقد استهدفت 6 غارات أميركية فجر الخميس منطقة براش شرق جبل نقم بضواحي صنعاء، وهي منطقة تحوي تحصينات جبلية وأنفاقاً لتخزين الأسلحة والذخائر، وسبق أن استُهدفت المنطقة أكثر من مرة منذ بدء حملة ترمب ضد الجماعة.

دخان يتصاعد بسبب ضربة ليلية أميركية استهدفت موقعاً مفترضاً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد بسبب ضربة ليلية أميركية استهدفت موقعاً مفترضاً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

وفي مدينة صنعاء، اعترف الحوثيون بالتعرض لـ3 غارات على جبل نقم الذي يضم مستودعات محصنة للأسلحة، إلى جانب ضربة استهدفت موقعاً في حي الجراف شمال المدينة لم تتطرق الجماعة إلى طبيعته.

وفي معقلِ الجماعة الرئيسي محافظةِ صعدة (شمال)، اعترفت الجماعة بالتعرض لـ3 غارات شمال مركز المحافظة (مدينة صعدة) فجر الخميس، وذلك بعد ساعات من التعرض لـ6 غارات بمنطقة السهلين التابعة لعزلة آل سالم بمديرية كتاف.

وفي ظل التعتيم الحوثي على الخسائر العسكرية على مستوى العتاد والعناصر، فقد اكتفى إعلام الجماعة بالإشارة إلى إصابة 3 أشخاص جراء الضربات في صنعاء وصعدة، وتضرر منازل بسبب الضربة في حي الجراف.

مواجهة ممتدة

وتزعم الجماعة الحوثية أنها مستعدة لمواجهة «طويلة الأمد» مع واشنطن، فيما يرجح مراقبون يمنيون أنها تعرضت لخسائر كبيرة على صعيد العتاد والعناصر خلال الأسابيع الستة الماضية؛ بما فيها على مستوى خطوطها الأمامية مع القوات الحكومية في مأرب والحديدة والجوف.

وتعرضت الجماعة منذ بدء حملة ترمب لأكثر من ألف غارة جوية وضربة بحرية، وفق ما أقر به زعيمها عبد الملك الحوثي، كانت أشدها قسوة الضربات التي دمرت الأسبوع الماضي ميناء رأس عيسى النفطي شمال الحديدة.

وتحدث الحوثيون عن مقتل أكثر من 215 شخصاً وإصابة أكثر من 400 آخرين من المدنيين منذ منتصف مارس الماضي، وزعم القطاع الصحي التابع لهم أن من بين القتلى نساءً وأطفالاً، فيما لم يُتحقق من هذه المعلومات من مصادر مستقلة.

وكانت الجماعة تلقت نحو ألف غارة وضربة جوية في عهد الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، بين 12 يناير (كانون الثاني) 2024، و20 يناير 2025، قبل أن تتوقف الضربات على أثر هدنة غزة المنهارة بين إسرائيل وحركة «حماس».

في مقابل ذلك، تصدر الجماعة بيانات شبه يومية تزعم فيها مهاجمة القوات الأميركية في البحر الأحمر والبحر العربي، كما تزعم إسقاط 22 مسيّرة منذ بدء تصعيدها البحري في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وأطلق الحوثيون 14 صاروخاً باليستياً باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي، دون التسبب في أي إصابات مؤثرة، إلى جانب تبني إطلاق عدد من المسيّرات خلال المدة نفسها.

دفن شخص في مقبرة بصنعاء قال الحوثيون إنه قتل بغارة أميركية (إ.ب.أ)
دفن شخص في مقبرة بصنعاء قال الحوثيون إنه قتل بغارة أميركية (إ.ب.أ)

وكانت الجماعة منذ انخرطت في الصراع البحري والإقليمي بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أطلقت نحو 200 صاروخ ومسيّرة باتجاه إسرائيل، دون أثر عسكري، باستثناء مقتل شخص واحد خلال يوليو (تموز) الماضي بانفجار مسيّرة في شقة بتل أبيب.

وتوقف الحوثيون عن هجماتهم في 19 يناير الماضي عقب اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس»، لكنهم عادوا للهجمات إثر تعذر تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة، وقرار ترمب شن حملته ضدهم.

احتمالية الخلاص

وتتفاءل الأوساط السياسية اليمنية؛ وفي مقدمهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، بأن يكون العام الحالي هو عام الحسم ضد الجماعة الحوثية، خصوصاً بعد المتغيرات الإقليمية وعودة ترمب إلى البيت الأبيض.

وترى المكونات اليمنية الشرعية أن الضربات الأميركية غير كافية لإنهاء تهديد الجماعة المدعومة من إيران، وأن الحل الأمثل هو دعم القوات الشرعية لتحرير الحديدة وصنعاء وبقية المناطق الخاضعة للجماعة بالقوة.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مجتمعاً مع قادة الأحزاب والمكونات السياسية (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مجتمعاً مع قادة الأحزاب والمكونات السياسية (سبأ)

وفي أحدث تصريحات للعليمي، خلال لقائه في الرياض قيادات التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، قال إن «المهم اليوم ما يتعلق بالفاعلية الإجرائية على الأرض، التي نتشاور بشأنها الآن، حيث نؤكد أن الشروط الموضوعية كافة باتت مواتية ليكون هذا العام هو عام الحسم، والخلاص، وإنهاء معاناة شعبنا التي طال أمدها».

ووفق الإعلام الحكومي، فقد أشار العليمي إلى ما وصفه بـ«التراكم المحقق في مسار المعركة على الصعيدين المحلي والدولي، وفي مقدم ذلك تصويب السردية المضللة بشأن الوضع اليمني، وإعادة تعريف الميليشيات الحوثية بصفتها تهديداً دائماً وليس مؤقتاً للأمن والسلم الدوليين».

ورأى العليمي أن من ثمار جهود «المجلس» الذي يقوده «التحول الإيجابي في موقف المجتمع الدولي؛ سواء على صعيد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، وعلى صعيد الانتقال من سياسة الاحتواء، إلى خيار الردع الحازم»، في إشارة إلى الحملة الأميركية المتصاعدة.

وحض رئيس مجلس الحكم اليمني على «الاستثمار الفاعل في المتغيرات المشجعة، وعدم تفويت فرصة إدارتها الجماعية بكفاءة وحنكة؛ لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، وبأقل تكلفة ممكنة».

الحوثيون متهمون بالتسبب في مقتل نحو 350 ألف يمني خلال 10 سنوات من انقلابهم (أ.ب)
الحوثيون متهمون بالتسبب في مقتل نحو 350 ألف يمني خلال 10 سنوات من انقلابهم (أ.ب)

كما شدد العليمي على «تصفير» الخلافات كافة بين القوى الوطنية، و«التفرغ لمعركة استعادة الدولة، حيث تكمن الشراكة الحقيقية في تحقيق تطلعات الشعب، وإنجاز استحقاقات التحرير، وبناء الدولة العادلة، القائمة على المواطنة المتساوية، وتجريم العنصرية بأشكالها كافة»؛ وفق قوله.

وفي حين تربط الجماعة الحوثية توقف هجماتها بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدخال المساعدات، فإنه لا يوجد سقف زمني واضح حتى الآن لنهاية حملة ترمب، وسط تكهنات لا تستبعد أن تدعم واشنطن حملة برية تقودها القوات الحكومية اليمنية لإنهاء نفوذ الجماعة العسكري.