قوى «وثيقة قرطاج» تستنفر بسبب تعديل الحكومة التونسية

نقابة العمال تعتبر التغيير «مقايضة سياسية خطيرة»... والبريكي يعد بكشف ملفات فساد «خطيرة»

قوى «وثيقة قرطاج» تستنفر بسبب تعديل الحكومة التونسية
TT

قوى «وثيقة قرطاج» تستنفر بسبب تعديل الحكومة التونسية

قوى «وثيقة قرطاج» تستنفر بسبب تعديل الحكومة التونسية

سارعت مجموعة من الأحزاب السياسية والهياكل النقابية الموقعة على «وثيقة قرطاج»، التي تشكلت بموجبها حكومة الوحدة الوطنية قبل نحو 6 أشهر، إلى عقد اجتماعات عاجلة، في رد فعل فوري على التعديل الوزاري الجزئي الذي أجراه رئيس الحكومة يوسف الشاهد «من دون استشارة أهم الأحزاب السياسية وكبرى المنظمات النقابية»، وفاجأ الرأي العام.
وكانت الهياكل النقابية طالبت الأسبوع الماضي بإقالة وزير التربية ناجي جلول، وهو قيادي في حزب «نداء تونس» الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة، وانتظرت أن يشمله التعديل الوزاري بعدما أكدت انسداد أفق الحوار مع الوزارة. إلا أن الشاهد أبقى على جلول، وعجّل بإقالة وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد عبيد البريكي، الذي عبر الجمعة الماضي عن رغبته في مغادرة التشكيلة الحكومية.
واجتمع المكتب التنفيذي لـ«حركة النهضة»، مساء أمس، لدراسة موضوع التعديل الوزاري الذي أجراه الشاهد على حكومته، «من دون الرجوع إلى الأطراف الموقعة على اتفاق قرطاج».
واستغرب رئيس حزب «حركة الشعب» القومي زهير المغزاوي، «الآلية التي اعتمدها رئيس الحكومة في إجراء التعديل الوزاري». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرأي العام الوطني كان ينتظر مراجعة أشمل وأكثر عمقاً لتركيبة الحكومة، على خلفية ما يواجهها من فشل وتقصير في قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والنقل والمالية». ودعا رئاسة الحكومة إلى «مصارحة الرأي العام بالأسباب الحقيقية التي دفعت وزير الوظيفة العمومية والحوكمة إلى إعلان عزمه على الاستقالة، بدل العودة إلى ممارسات وأساليب أسقطها شعبنا مع سقوط نظام الفساد والاستبداد». واعتبر أن التعديل «لم يحترم الأسس التي قامت عليها الحكومة، خصوصاً وثيقة قرطاج التي حولتها رئاستا الحكومة والجمهورية إلى مجرد إعلان نيات غير مجدية».
وعقد «الاتحاد العام التونسي للشغل»، وهو أكبر نقابة في تونس، إلى عقد اجتماع طارئ «لتقييم أثر التعديل الوزاري على المناخ الاجتماعي»، بعد إقالة البريكي، القيادي السابق في الاتحاد، وتعيين القيادي في «الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة» (تجمع لرجال الأعمال) خليل الغرياني، في موقعه.
وقال الناطق باسم اتحاد العمال سامي الطاهري، إن الاتحاد «لا يقبل أن يقع تعيين رجل أعمال على رأس وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومقاومة الفساد». ولفت إلى «مخاطر هذا التعديل على العمل الحكومي، وعلى العلاقة التي تربط الحكومة بمختلف الأطراف الاجتماعية». واعتبر تعيين الغرياني «مقايضة سياسية خطيرة... من شأنها تفتيت الوظيفة العمومية وضرب المكاسب التي تحققت»، في إشارة إلى برنامج الإصلاحات الهيكلية التي يطالب «صندوق النقد الدولي» بتنفيذها للحصول على قروض مالية لتمويل الاقتصاد التونسي، ومن بين تلك الإصلاحات تسريح آلاف الموظفين في القطاع العام والضغط القوي على كتلة الأجور.
وكان البريكي أشار إلى تقدّمه بملفات فساد إلى الجهات المعنية «لم يتم النظر فيها كما يجب». ووعد في برنامج تلفزيوني بكشف تفاصيل هذه الملفات. وأضاف أن عملية إقالته «تمت بشكل مهين لا يليق بالمنصب ومكانته». وأكد أنه سيكشف «مجموعة من الملفات الخطيرة» التي دفعته إلى الاستقالة. وأضاف: «أنا مستقيل ولست مقالاً». وأوضح أنه أعلم عدداً من الأحزاب السياسية، بينها «حركة النهضة» و«نداء تونس»، باعتزامه الاستقالة. غير أن الشاهد لامه على تشاوره مع الأمين العام الجديد لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي حول عزمه الاستقالة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.