عرض فني جمع بين الأغنية التونسية والكويتية

ضمن تظاهرة «صفاقس... عاصمة للثقافة العربية 2016»

الجمهور وقف طويلاً لأداء البلوشي للأغنية التونسية
الجمهور وقف طويلاً لأداء البلوشي للأغنية التونسية
TT

عرض فني جمع بين الأغنية التونسية والكويتية

الجمهور وقف طويلاً لأداء البلوشي للأغنية التونسية
الجمهور وقف طويلاً لأداء البلوشي للأغنية التونسية

فاجأ الفنان الكويتي حمد البلوشي الجمهور التونسي الحاضر في افتتاح الأسبوع الثقافي الكويتي بأداء أغنية «جاري يا حمودة»، المعروفة في الخليج العربي بصوت الفنان التونسي أحمد حمزة، وأثار حماسهم وسط تصفيق حار يبرهن على عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين. ووقف الجمهور طوال أداء البلوشي للأغنية التونسية الأكثر شهرة، وظل مردداً كلماتها على أنغام الأغنية، مما يوحي بانطلاقة قوية لهذه التظاهرة الثقافية التي تندرج ضمن تظاهرة «صفاقس... عاصمة للثقافة العربية 2016».
الأسبوع الثقافي الكويتي الذي يتواصل إلى غاية يوم 28 من الشهر الحالي، في مدينة صفاقس التونسية، انطلق مساء السبت 25 فبراير (شباط) بإحياء الفرقة الموسيقية الكويتية، بقيادة الدكتور المايسترو أحمد الحمدان، لهذا الحفل الغنائي، وأدى حمد البلوشي وحمد القطان مجموعة من الأغاني الكويتية المعروفة. كان العرض الموسيقي مميزاً؛ جمع بين الأغنية الكويتية ونظيرتها التونسية، في خلطة ثقافية تعكس أهمية الروابط الثقافية بين مختلف أقطار العالم العربي.
وقبل انطلاق الحفل الغنائي، كان الجمهور الحاضر قد واكب معرضاً مشتركاً للفنان التشكيلي محمود أشكناني والمصورة الفوتوغرافية بشاير القطان، وتضمن العرض مجموعة من اللوحات التشكيلية والصور الفوتوغرافية المستوحاة من ثقافة الكويت وتراثها العريق، بما يعكس التطور الثقافي في الكويت. وقدمت هدى الكشو، المنسقة العامة لتظاهرة «صفاقس... عاصمة للثقافة العربية 2016»، باقات ورد في حفل تكريم الوفد الكويتي، وعدداً من الجوائز التكريمية لجميع أعضاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، يتقدمهم علي الظفيري، السفير الكويتي لدى تونس، والدكتور بدر الدويش، الأمين العام المساعد لقطاع الفنون رئيس الوفد.
وأكدت الكشو أن الأسبوع الثقافي الكويتي تمت برمجته كمسك ختام للأسابيع الثقافية العربية والأجنبية، ضمن تظاهرة «صفاقس... عاصمة للثقافة العربية 2016»، وقالت إن «الكويت تزور تونس بموسيقاها وفنونها وتحفها، وتشارك بفعالية في هذا العرس الثقافي العربي». وقالت الكشو أيضًا إن الأسبوع الثقافي الكويتي مثل «نافذة أنيقة للاطلاع على الثقافة الكويتية، وعلى تقاليد وعادات الشعب الكويتي الشقيق».
ويضم الوفد الكويتي عدداً من الفنانين والباحثين من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والفرقة الموسيقية الكويتية، وفرقة مسرح الخليج العربي التي ستعرض عملاً مسرحياً بعنوان «المدينة الحزينة»، وقد حازت هذه المسرحية على جائزة أفضل عرض مسرحي متكامل في الكويت.
وخلال هذه التظاهرة الثقافية العربية، ستقدم فرح الصباح من قطاع الآثار والمتاحف مداخلة علمية تستعرض من خلالها «أبرز المعالم الأثرية الكويتية، وجهود الحكومة في حمايتها وصيانتها»، وهي مداخلة هدفها التعريف بالإرث الحضاري الكويتي العريق.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».