الفلسطيني يعقوب شاهين «محبوب العرب» في موسمه الرابع

وصف فوزه برسالة سلام في زمن الحرب

«محبوب العرب» يعقوب شاهين لحظة الإعلان عن فوزه
«محبوب العرب» يعقوب شاهين لحظة الإعلان عن فوزه
TT

الفلسطيني يعقوب شاهين «محبوب العرب» في موسمه الرابع

«محبوب العرب» يعقوب شاهين لحظة الإعلان عن فوزه
«محبوب العرب» يعقوب شاهين لحظة الإعلان عن فوزه

ليلة فلسطينية بامتياز أمضاها مشاهدو «أراب آيدول» خلال متابعتهم الحلقة النهائية من البرنامج، والتي حصد فيها الفلسطيني يعقوب شاهين لقب «محبوب العرب».
فبعد منافسة حامية بين المشتركين الثلاثة الذين وصلوا مرحلة النهائيات في الموسم الرابع من البرنامج، والتي دارت بين الفلسطينيين يعقوب شاهين وأمير دندن من ناحية واليمني عمار محمد من ناحية ثانية، شكّل فوز المشترك الأول فيها رسالة سلام ومحبّة، لا سيما وأنه يأتي من مدينة بيت لحم رمز التسامح، كما وصفها الناطق الرسمي باسم مجموعة «إم بي سي» مازن حايك.
«هو حلم وتحققّ بعد جهد وأتمنى أن أكون على قدر المسؤولية التي حمّلتموني إياها» خاطب يعقوب شاهين جمهوره بعيد إعلان فوزه. ورغم أن متابعي البرنامج انقسموا بين مؤيّد للفلسطيني يعقوب ومحبّذ لليمني عمار محمد، الذي كان فوزه سيشكّل انقلاباً على الساحة العربية ينجزها الفنّ لأول مرة، فإن نسبة التصويت الكثيفة التي حصدها يعقوب شاهين حسمت الأمر فكان الفائز باللقب.
طيلة مجريات الحلقة الختامية من البرنامج، التي استغرقت نحو الثلاث ساعات، ساد جوّ من البهجة الممزوجة بمشاعر التأثر العالية، التي أحدثها أداء ضيفتها شيرين عبد الوهاب الرومانسي من ناحية، وأداء المشترك اليمني المتأجج برهبة الموقف من ناحية ثانية، فلم يستطع تمالك نفسه أثناء تقديمه أغنية من الفولكلور اليمني فغصّ صوته تأثّرا، بعدما شهدت الصالة حماسا كبيرا من قبل الحضور الذي وقف يصرخ باسمه تحبّبا. وأنهى وصلته الغنائية هذه موجّها دعوة إلى العالم أجمع بضرورة إيقاف الحروب قائلا: «كفانا حربا وذلاّ وبهدلة فنحن جيل يتوق إلى السلام». وألقى هذا المشهد بظلاله على غالبية الموجودين وبينهم المغنية اليمنية أروى التي وقفت تصفّق للمشترك ابن بلدها حماسا وهي تمسح دموعها، فيما اعتلت الفنانة أحلام خشبة المسرح ممسكة بقارورة مياه لتخفّف من توتّر عمّار، فارتشف الماء الذي بلّل ريقه ولكنه في المقابل لم يستطع أن يبرّد أحاسيسه المتدّفقة في تلك اللحظات.
ولعلّ حضور ياسر محمود عبّاس نجل الرئيس الفلسطيني في استوديوهات «إم بي سي» زاد من حماس المشتركين الفلسطينيين (أمير ويعقوب)، بحيث لم تفرغ الصالة وخلال كلّ واحدة من إطلالتهما على المسرح من التفاعل معهما بحماس لافت.
وكانت الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب قد أحيت الحلقة الختامية من «أراب آيدول» في إطلالات ثلاث قدّمت خلالها أغاني من قديمها وجديدها، وأبكت الحضور وفي مقدّمهم أعضاء لجنة الحكم في أغنيتها الرومانسية «كده يا قلبي»، والتي رافقها فيها على البيانو الموسيقي ميشال فاضل وكذلك مقدّم البرنامج أحمد فهمي عازفا على الكمان.
طيلة مجريات الحلقة لم يستطع الحضور حسم نتيجة المنافسة الفنيّة تلك، ففيما اعتبر البعض أن المشترك اليمني هو من يستأهل الفوز خصوصاً وأن «إم بي سي» لم توفّر أي فرصة لدعمه، إلا أن شريحة أخرى من الجمهور كانت تؤيّد المشتركين الفلسطينيين ممنية النفس بأن تحوز فلسطين على هذه الفرصة مرة جديدة، بعد أن فاز ابنها محمد عساف على اللقب في الموسم الفائت.
وكان اللبنانيون يتابعون وقائع هذا البرنامج من على شاشات التلفزيون في بيوتهم، وقد سكنتهم حيرة كبيرة فيما يتعلق بتحديد اسم الفائز باللقب، خصوصاً وأن الموسم الرابع من «أراب آيدول» حمل في جعبته أصوات جميلة جديرة بأن يفوز أي منها باللقب. وكان مقدّم البرنامج أحمد فهمي قد أعلن بعيد توقّف عملية التصويت للمشتركين الثلاثة بأن هذا الموسم حمل نسبة تصويت عالية.
وكانت الحلقة قد اختتمت بأغنية خاصة أعدت للمناسبة بعنوان «ملعونة الحروب»، أداها المشتركون الثلاثة على المسرح ضمن ديكورات مسرحية معبّرة. كما جرى خلالها نقل مباشر من مدينتي بيت لحم ومجد الكروم (مسقطي رأس المشتركين الفلسطينيين)، حيث تجمهر فيهما مؤيدوهما بأعداد كبيرة.
وفور إعلان فوز الفلسطيني يعقوب شاهين رفع هذا الأخير العلم الفلسطيني مهللا وهو يتلقّى التهاني من زميليه أمير وعمّار. وعلى أثرها غرّد مدير عام «إم بي سي» عبر حسابه الخاص على موقع «تويتر» الإلكتروني يقول: «الليلة ليلة فلسطين بامتياز ومبروك ليعقوب شاهين و(إم بي سي) على هذا البرنامج الرائع»، وعلّق في تغريدة أخرى يقول: «أجراس العودة في بيت لحم تقرع للتآخي والسلام وتقبّل الآخر، (إم بي سي) شوكة في زمن التفرقة والتطرّف والعنف».
بعيد ذلك عقد مؤتمر صحافي حضره أعضاء لجنة التحكيم الخاصة بالبرنامج (نانسي عجرم وأحلام ووائل كفوري وحسن الشافعي)، إضافة إلى المتحدّث الرسمي باسم مجموعة (إم بي سي) مازن حايك وصاحب اللقب يعقوب شاهين، أكدوا فيه مجتمعين بأنه لا مجال للمقارنة بين موهبتي الفائز باللقب لهذا الموسم من ناحية ومحمد عساف الذي حمله في الموسم الماضي من ناحية ثانية، إذ إن لكلّ واحد منهما ميزته الخاصة في الأداء وفي خياراته الفنيّة المستقبلية.
يذكر أن الجوائز التي حصل عليها حامل اللقب تضمّنت عقداً فنياً مع شركة «بلاتينيوم ريكوردز» للإنتاج والتوزيع الموسيقي، إضافة إلى فرصة المشاركة مع كبار النجوم في رحلة «ستارز أون بورد» لهذا العام، وكذلك رصيد حجوزات فندقية بقيمة 50 ألف دولار قدّمت له من قبل تطبيق «يا مسافر» أحد الرعاة الرسميين للبرنامج.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».