المتغيرات الدولية المحتملة تدفع ألمانيا نحو الخيار النووي

من خلال مساهمتها في تحديث ترسانتي بريطانيا وفرنسا وتعزيزهما

وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون ديرلاين في برلين (أ.ف.ب)
وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون ديرلاين في برلين (أ.ف.ب)
TT

المتغيرات الدولية المحتملة تدفع ألمانيا نحو الخيار النووي

وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون ديرلاين في برلين (أ.ف.ب)
وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون ديرلاين في برلين (أ.ف.ب)

يقف 94 في المائة من الألمان ضد التوجهات الأوروبية للتحول إلى قوة نووية في مواجهة القوى النووية العالمية الأخرى. وتدعو المنظمات الإنسانية إلى التخلي عن المفاعلات النووية في إنتاج الطاقة لصالح إنتاج الطاقة البديلة، لكن الساسة الأوروبيين، والألمان على وجه الخصوص، يشعرون بقوة خفية تدفعهم باتجاه التحول إلى قوة نووية. واندلع الجدل حول ألمانيا كقوة نووية بعد مقالة للعالم السياسي مكسميليان تيرهاله، الخبير الاستراتيجي في وزارة الدفاع الألماني، الذي قال إن ألمانيا قوية لا تنثني، وأوروبا موحدة، في مواجهة القوة العظمى روسيا - بوتين، غير ممكن إلا بالأساليب العسكرية، والنووية منها. وعلل تيرهاله مطلبه بالتقارب الظاهر بين ترمب وبوتين، وبضعف وتخلف الترسانتين النوويتين في فرنسا وبريطانيا.
وواضح حتى الآن، رغم بعض المناوشات الصغيرة، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يسعى لتحسين العلاقات مع روسيا. وعبر ترمب عن ذلك قبل فوزه الرئاسي، من خلال وصفه حلف الناتو بالقديم والرث، وعدم تطرقه إلى سياسة الانفراج ونزع السلاح. وهذه تقديرات يشترك فيها بوتين معه بالتأكيد.
تحاول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل منذ فترة معاقبة روسيا بسبب سياستها في أوكرانيا وسوريا، وتعمل لكسب الاتحاد الأوروبي لتأييد فرض مزيد من العقوبات على موسكو، لكنها تعرف أن الضغط على روسيا متعذر دون مشاركة الولايات المتحدة. وهذه حقيقة يعرف فلاديمير بوتين كيف يستغلها لمواصلة سياسته التي وصفتها ميركل بالوحشية و«جرائم حرب».
ويرى ساسة برلين أن التقارب الأميركي الروسي سيضع على الرف سياسة التوازن النووي بين أوروبا وروسيا، ويضعف الاستراتيجية الأمنية الأوروبية التي ترتكز على الترسانة النووية الأميركية في حلف شمال الأطلسي في مواجهة الترسانة الروسية. ويعتقد الاستراتيجي تيرهاله أن بوتين سيستغل التقارب مع الولايات المتحدة لإعادة مجد الإمبراطورية الروسية. وطبيعي لن يكون هذا الخيار على حساب الدول الأوروبية الكبرى مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لكنه قد يهدد البلدان الصغيرة التي كانت في إطار الاتحاد السوفياتي، أو دول أوروبا الشرقية الاشتراكية السابقة. هذا سيضعف الاتحاد الأوروبي، وهو ما يريده ساسة الكرملين: أوروبا ضعيفة ومفككة.
وربما لا يراهن فلاديمير بوتين على دعم بولندا لسياسته المناهضة لأوروبا، لكنه يستطيع بالتأكيد المراهنة على موقف اليمين الشعبوي الذي يحكم في بودابست وغيرها، بل وفي كثير من البلدان الأوروبية.
وأثار بعض السياسيين الألمان على صفحات الجرائد موضوع تشكيل محور نووي ثلاثي مع بريطانيا وفرنسا في مواجهة التهديد النووي الروسي. ولا يقع على ألمانيا هنا أن تبني قوة نووية خاصة بها، وإنما أن تساهم في تحديث وتعزيز ترسانة بريطانيا وفرنسا النووية، التي تعتبر قديمة و«تكتيكية» غير جديرة بمواجهة المخاطر دون دعم الولايات المتحدة.
ورد البعض على هذا المقترح بالقول إن البلدان الأوروبية الصغيرة، بلدان البلطيق مثلاً، ستشكك في استعداد بريطانيا وفرنسا للدخول في مواجهة نووية مع روسيا بسببها. ويشير البعض الآخر إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) لا يضمن وجود مثل هذا الحلف. كما لا يعرف أحد إلى أين سيقود اليمين الشعبوي الفرنسي (ماري لوبان) دفة السياسة الفرنسية - الأوروبية في حالة فوزه.
ويرى فريق آخر من الساسة الألمان أن من الضروري الانتظار حتى تتبين ملامح السياسة الخارجية الأميركية، والخاص منها بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، قبل الحديث عن نهج نووي في التسلح. ويشيرون إلى موقف وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الذي أكد استمرار ثقة بلاده بحلف الناتو، وطالب الدول الأوروبية برفع حصتها المالية في ميزانية الحلف.
ولا شك أن على ألمانيا، التي قد تسعى للحصول على ترسانة نووية، ألا تنسى تاريخ حروب ألمانيا السابقة. فمخاوف بعض البلدان الأوروبية من ألمانيا نووية، لا يقل عن مخاوف أخرى من روسيا النووية. ويعرف الجميع أن اتفاقية بوتسدام بين الحلفاء كانت تمنع ألمانيا من إرسال الجيش الألماني إلى الخارج بسبب تاريخه، ولم تتغير هذه الحالة إلا في التسعينات من خلال إرسال وحدات الجيش الألماني في إطار عمليات حلف الناتو وفي مهمات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة السلمية. كما تفرض الاستراتيجية النووية المفترضة أن تخرج ألمانيا من معاهدة عدم نشر الأسلحة النووية، كما قد يتطلب الأمر تغيير دستورها، وستواجه هنا بالتأكيد مقاومة شعبية داخلية غير هينة. وسبق للمستشار الراحل هيلموت شميدت أن حذر الساسة الألمان من التحول إلى قوة عظمى في أوروبا؛ لأن هذا يفزع البلدان الأوروبية الصغيرة، وقال إن على ألمانيا ألا تنسى تاريخها، وأن الحرب العالمية الثانية ما زالت في الأذهان.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.