تقنيات مطورة للتصوير و«الملاحة العصبية» في العمليات الجراحية

في «ورشة المستجدات في جراحة المخ والأعصاب» بجدة

تقنيات مطورة للتصوير و«الملاحة العصبية» في العمليات الجراحية
TT

تقنيات مطورة للتصوير و«الملاحة العصبية» في العمليات الجراحية

تقنيات مطورة للتصوير و«الملاحة العصبية» في العمليات الجراحية

اختتمت مساء أمس (الخميس) أعمال الورشة العلمية حول «المستجدات في جراحة المخ والأعصاب» التي نظمتها الجمعية السعودية لجراحة المخ والأعصاب وكلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز والمركز السعودي لزراعة الأعضاء، واستمرت مدة 3 أيام.
هدفت هذه الورشة العلمية بشكل خاص إلى الرفع من مهارة أطبائنا وكل العاملين في هذا المجال في ظل رؤية المملكة 2030، والاستفادة من كل ما هو جديد في دول العالم المتقدمة، ومناقشة استراتيجيات تحسين صحة الفرد والمجتمع لدينا في المملكة من خلال إدخال أحدث التقنيات الطبية العالمية.
حضر هذه الورشة العلمية كل من الرئيس المنتخب للاتحاد العالمي لجمعيات جراحة المخ والأعصاب البروفسور فرانكو سيرفادي (World Federation for Neurosurgical Societies WFNS)، والبروفسور جيوجيوس قاتسونيس من اليونان، والبروفسور علي مؤيدي من جامعة مومباي بالهند، ومتحدثون بارزون من الدول العربية والشقيقة، إلى جانب متحدثين من داخل المملكة ودول مجلس التعاون. وبلغ عدد الأوراق المطروحة 70 ورقة عمل قدمها 35 عالمًا وباحثًا من المتخصصين في هذا المجال من مختلف دول العالم.
تقنيات جراحية حديثة
لعل من أبرز المستجدات التي تمت مناقشتها تلك التي يمكن توظيفها لجعل مهمة الجراح أكثر نجاعة، والعمليات الجراحية أكثر أمانًا، وذلك بتقديم أفضل الحلول وأحدث الطرق العلاجية. وعلى سبيل الذكر لا الحصر، نوجز أهمها في الآتي:
> جهاز الملاحة العصبية الجراحية: تميزت السنوات القليلة الماضية بقفزة نوعية تقنية هائلة سيذكرها تاريخ الاختصاص، يأتي في مقدمتها جهاز الملاحة الجراحية العصبية (Neuronavigation)، الذي يعتبر أول جهاز جراحي يستخدم الكومبيوتر ونظم التقنية الحديثة في غرفة العمليات. وتعتمد هذه التقنية على برمجة إعلامية لمعطيات التصوير الإشعاعي الدقيق بالأشعة المقطعية وبالرنين المغناطيسي قبل الجراحة، فتعطينا صورًا ثلاثية الأبعاد يقع دمجها مع معطيات لإحداثيات وضعية المريض في غرفة العمليات فيتسنى للجرّاح تحديد مكان الورم وشكله والأعضاء الحيوية المتاخمة بدقة ملليمترية. كما يتمكن الجراح من متابعة مباشرة لتحركاته أثناء مراحل العملية الجراحية والتنقل الديناميكي لأدوات الجراحة.
وتعددت استعمالات جهاز الملاحة الجراحية بسرعة في مجال جراحة المخ والعمود الفقري، إذ إنه يُمَكِّنُ من التوجيه الدقيق لتحركات الجراح إلى المكان المطلوب واختيار استراتيجية جراحية أكثر أمانًا، مما يقلل بصفة ملحوظة من زمن الجراحة ومن مخاطرها على صحة المريض. كما أمكن بواسطة هذا التطور البرمجي إحداث ثورة في المجال التعليمي والتدريب الجراحي بتوفير آليات جديدة للجراحة الافتراضية التي تعطي الفرصة للجراح بتجربة العملية الجراحية، وذلك باستخدام معطيات المريض بطريقة افتراضية ودراسة جميع الاحتمالات واختيار الطريقة المثلى. ولعل هذه أولى الخطوات نحو استخدام الروبوت الجراحي الذاتي.
> المنظار الجراحي: تمت مناقشة أهم المستجدات التي طرأت على أحد أحدث طرق الجراحة لأورام قاع الجمجمة، ألا وهي الجراحة بالمنظار (Neuroendoscopy)، إذ استطاعت هذه التقنية المتجددة بعد ما اقتصر استخدامها، في السابق في مجال جراحة الأعصاب، على بعض الأمراض كالاستسقاء الانسدادي أو بعض الأورام الصغيرة بالبطينات الدماغية، فقد تغيرت الآن نظرة الجراح وطريقة تعامله مع الأورام التي كانت، في ماضٍ قريب، من مستعصيات الاختصاص ففتحت آفاقًا جديدة باستخدام منظار داخلي يسمح بالوصول إلى قاعدة الجمجمة عن طريق الأنف، مما يقلل من مخاطر استخدام الطرق التقليدية عن طريق فتح أعلى الجمجمة والاقتراب من الورم تحت المخ.
ولعل أبرز الحالات التي استفادت من تطور هذه التقنية هي أورام الغدة النخامية، فموقعها المركزي في السرج التركي للجسم العظمي الوتدي جعل منها نقطة بداية مثالية لتطوير تدريجي وجريء للمؤشرات الجراحية والتوصل لاستئصال أورام كثيرة ومختلفة الحجم والموقع بجميع أنحاء قاعدة الجمجمة. وبما أن كل تقدم يواجه صعوبات، فإن لهذه الجراحة تحديًا كبيرًا تعمل على رفعه، ألا وهو القدرة على إغلاق الفتحة الجراحية في قاع الجمجمة بإحكام لمنع تسرب السائل النخاعي، وما يمكن أن ينتج عنه من مضاعفات كالتهاب السحايا.
تصوير وتحفيز الدماغ
> تطورات في استخدامات الأشعة التداخلية: هناك مشاركة فعالة لفريق الأشعة التداخلية في مجال جراحة المخ والأعصاب، وبشكل خاص في موضوع تشوهات الأوعية الدموية للدماغ والطرق الحديثة لمعالجتها، خصوصًا «أم الدم» أو تمدد الأوعية الدموية الدماغية (Aneurysms) عن طريق القسطرة وتصميم (Embolization). هذه التشوهات التي ينتج عنها عادة نزيف بالسحايا والمخ قد تستدعي تدخلاً جراحيًا مستعجلاً في بعض الحالات. وهذه الحالات يتم تشخيصها بعد ظهور آلام شديدة وحادة بالرأس أو شلل نصفي أو إغماء وغيبوبة، ويتم توثيق هذه الإصابات بإجراء تصوير إشعاعي لشرايين الدماغ ليعطينا عدد التشوهات ومكانها وحجمها وشكلها. فتكتسي هذه المعطيات أهمية بالغة لاتخاذ قرار العلاج وطريقته. ولقد أسهمت تقنيات القسطرة وتطورها السريع على مدى العشرية الماضية بتقديم خيار علاجي جديد وفعال مع أجهزة وطرق مختلفة لتصميم هذه التشوهات باستخدام لوالب ودعامات متطورة التصميم.
> التحفيز الدماغي العميق: إن عقد الترسانة الجراحية لن يكتمل دون التطرق إلى أحدث تقنيات جراحة المخ والأعصاب، الذي أضحى حديث الملتقيات الطبية في هذه الأيام، ألا وهو التحفيز الدماغي العميق (Deep Brain - Stimulatiom – DBS) الذي قدمه البروفسور فرنسوا أليش (Prof Francois Alesch) من النمسا. تنطوي هذه التقنية على زرع جهاز طبي له دور المنبه العصبي ووضع أقطاب في أماكن معينة من نوى العقد الدماغية القاعدية (Basal Ganglia Nuclei) وظيفتها إرسال نبضات كهربائية بذبذبات خاصة إلى هذا المكان والتأثير المباشر على عمل الخلايا العصبية المريضة. ومع أن هذه التقنية ليست حديثة العهد، فإنها استطاعت مجاراة تطور التصوير الإشعاعي والكهربية الدماغية لتتمكن من تحديد مواقع الخلل في وظائف العقد القاعدية بدقة عالية. لقد اكتشف دورها في كثير من الأمراض وتقديم حلول علاجية أكبر وأنجع. ولعل أشهر هذه الأمراض هو الشلل الارتعاشي - Parkinson - ثم أتى دور الرعاش الأساسي وخلل التوتر وحتى بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب الشديد واضطراب الوسواس القهري وحتى بعض الآلام المزمنة. لكن على الرغم من ذلك ومن تعدد الحالات التي تحتاج إلى مثل هذه الجراحة فإنها لم تنتشر بالسرعة المتوقعة، ولعل ذلك يعود إلى خاصيتها التقنية ونقص في توعية جميع الأفراد في المجال الطبي للمشاركة في علاج هذه الأمراض بإمكانيات هذه التقنية ونتائجها المشجعة.



تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)
من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)
TT

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)
من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية وقصور القلب.

مخاطر استخدام الساعات الذكية

نظراً لأن العديد من الساعات الذكية تتميز بتطبيقات يمكنها اكتشاف نوبات الرجفان الأذيني atrial fibrillation (afib) المحتملة (انظر: «ساعات ذكية للرجفان الأذيني»)، فإن أعداداً متزايدة من الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة يستخدمون هذه الأجهزة لمراقبة حالتهم. لكن هل هذه فكرة جيدة حقاً؟

وقد أبرزت دراسة نُشرت في 6 أغسطس (آب) 2024، في مجلة جمعية القلب الأميركية بعض المخاطر المحتملة لهذه الممارسة. إذ ومقارنة بمرضى الرجفان الأذيني الذين لم يستخدموا الساعات الذكية، كان أولئك الذين استخدموها أكثر عرضة للانشغال بمراقبة حالتهم. وبرغم أن أغلب المستخدمين قالوا إن الجهاز منحهم الشعور بالأمان، فإن واحداً من كل خمسة أشخاص أبلغوا عن قلق شديد عندما تلقوا تنبيهات حول إيقاعات القلب لديهم.

القلق يزيد مخاطر النوبات

من الواضح أن القلق ليس شيئاً جيداً، حتى أن بعض الأدلة تشير إلى أن القلق والتوتر قد يزيدان من نوبات الرجفان الأذيني. تقول الدكتورة أوشا تيدرو، طبيبة القلب في مستشفى بريغهام والنساء التابع لجامعة هارفارد: «لكن بالنسبة لي، تؤكد هذه النتائج حقاً على أهمية التواصل الجيد مع طبيب القلب الخاص بك حول الآثار المترتبة على اكتشاف نوبة الرجفان الأذيني على ساعة ذكية».

ساعات ذكية للرجفان الأذيني

حتى الآن، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أربعة أجهزة قابلة للارتداء على المعصم قادرة على اكتشاف الرجفان الأذيني، وهي: «ساعة أبل سيريس 4» Apple Watch Series 4 وما بعدها، و«فيت بيت سينس 2» Fitbit Sense 2، و«ساعة سامسونغ غالاكسي 3» Samsung Galaxy Watch3، و«ويثينغز سكان واتش» Withings ScanWatch. يعمل كل جهاز من هذه الأجهزة عن طريق وميض الضوء على جلد معصمك الداخلي لاكتشاف تدفق الدم، وقياس معدل ضربات قلبك، واستخدام خوارزمية للتحقق من وجود إيقاعات غير طبيعية.

يأخذ الجهاز قياسات دورية أو مستمرة، ويرسل تنبيهاً إذا اكتشف إيقاعاً غير منتظم. يمكنك أيضاً فتح تطبيق على الجهاز لتسجيل تخطيط كهربائي للقلب عند الطلب - وهو تسجيل مدته 30 ثانية لإيقاع قلبك يمكن أن يكشف عن الرجفان الأذيني المحتمل.

الفحص مقابل المراقبة

بادئ ذي بدء، لا توصي الدكتورة أوشا تيدرو باستخدام ساعة ذكية لأي شخص لم يتم تشخيصه ولكنه يعاني من أعراض تدل على الرجفان الأذيني، والتي تشمل الشعور بالخفقان في الصدر وضيق التنفس والتعب والدوار. تقول الدكتورة تيدرو: «بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، نبدأ بأجهزة المراقبة القياسية، التي يغطيها التأمين». عادة ما تشمل هذه الرقع التي توضع على الصدر، التي تتعقب إيقاع قلبك لمدة أسبوعين إلى أربعة أسابيع.

يستخدم نحو 30 في المائة من الأميركيين الأجهزة القابلة للارتداء مثل الساعات الذكية أو أساور اللياقة البدنية لتتبع لياقتهم البدنية وصحتهم العامة. ولكن بالنسبة للسكان عموماً، فإن خطر الإصابة بالرجفان الأذيني منخفض للغاية، وغالباً ما تكون النوبات قصيرة وعابرة. ونتيجة لذلك، فإن استخدام هذه الأجهزة لفحص الأشخاص بحثاً عن الرجفان الأذيني ليس عملياً.

مع ذلك، بالنسبة للأشخاص المصابين بالرجفان الأذيني المعروف، قد تكون مراقبة الساعة الذكية مفيدة، كما تقول الدكتورة تيدرو. إذا كنت تمتلك بالفعل أحد هذه الأجهزة، فقد يساعد استخدامها في تتبع تواتر ومدة نوبات الرجفان الأذيني في إعلام طبيبك لطلب المشورة. اسأله عما يجب عليك فعله - إن وجد - عندما تصاب بنوبة رجفان أذيني، بما في ذلك ما إذا كان يمكنك مشاركة البيانات من جهازك. لا تتردد في تعطيل إشعارات الرجفان الأذيني إذا وجدت أنها تجعلك تشعر بالقلق، كما تقول الدكتورة تيدرو.

أدوية مضادة لتخثر الدم

إن أغلب الأشخاص المصابين بالرجفان الأذيني يتناولون أدوية مضادة للتخثر لمنع السكتة الدماغية، بناء على درجة تأخذ في الاعتبار العمر والجنس وما إذا كانوا يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو السكري أو حالات أخرى.

تقول الدكتورة تيدرو: «من المثير للاهتمام أن عدد وتوقيت نوبات الرجفان الأذيني لا تؤثر على هذه النتيجة». لذلك، يتناول كبار السن المعرضون لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية عادة أدوية مضادة للتخثر يومياً، بقطع النظر عما إذا كانوا يعانون من رجفان أذيني شبه مستمر أو نوبة واحدة فقط كل بضعة أشهر.

نظراً لأن أدوية منع تخثر الدم تجعل الأشخاص عرضة للنزيف، فإن الباحثين يستكشفون ما إذا كان يمكن للأشخاص تناول الأدوية لمدة شهر واحد فقط بعد نوبة الرجفان الأذيني (كما تم اكتشافها بواسطة ساعة أبل) بدلاً من الاستمرار في تناول أدوية منع تخثر الدم إلى أجل غير مسمى. تأمل دراسة بعنوان (REACT-AF): «تقييم إيقاع القلب لعلاج التخثر باستخدام مراقبة مستمرة للرجفان الأذيني» في تجنيد 5 آلاف مريض في 100 مركز في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

لا تتردد في تعطيل إشعارات الرجفان الأذيني إذا جعلتك تشعر بالقلق

نوبات قصيرة وطويلة

إن نوبات الرجفان الأذيني غير متوقعة، وتستمر من دقائق إلى أيام أو أسابيع أو أكثر من ذلك بكثير. يصنف الخبراء الاضطراب إلى ثلاث فئات رئيسية بناء على مدته:

- نوبات متقطعة: تحدث بشكل متقطع (من يومياً إلى عدة مرات في السنة) ولكنها تتحسن من تلقاء نفسها أو بالتدخل في غضون سبعة أيام من بدء النوبة.

- نوبات مستمرة: نوبة تستمر لأكثر من سبعة أيام.

- نوبات دائمة: رجفان أذيني متواصل، يستمر لأكثر من عام.

* رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا»