«مستر أربيل»... نادٍ للموضة يتحدى الصورة النمطية للشاب العراقي

أسسه ثلاثة أصدقاء انطلقوا به للعالمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي

أحد أعضاء النادي (رويترز)
أحد أعضاء النادي (رويترز)
TT

«مستر أربيل»... نادٍ للموضة يتحدى الصورة النمطية للشاب العراقي

أحد أعضاء النادي (رويترز)
أحد أعضاء النادي (رويترز)

قام ثلاثة شباب من مدينة أربيل الكردية العراقية بتحويل شوارع مدينتهم إلى منصة لعرض الأزياء عبر إنشائهم ناديا للموضة يتحدى الصور النمطية للعراقيين، وذلك بحسب تقرير لوكالة «رويترز».
وبشواربهم المبرومة وستراتهم الأنيقة وحبهم المشترك للموضة أسس الأصدقاء منذ المرحلة الثانوية عمر نهاد وجوران بشتوان وأحمد مهدي، ناديا للمتأنقين سموه «مستر أربيل» العام الماضي.
لكن أقصى أحلام هؤلاء الشبان - الذين يطلق عليهم البعض وصف «هيبسترز» وتعني أصحاب الأشكال والملابس غير المألوفة - لم تكن لتبلغ بهم حد تصور اهتمام وسائل الإعلام العالمية بهم.
وقال عمر نهاد، وهو سمسار سابق في البورصة في العشرينات من عمره، إنه فوجئ بمدى الاهتمام العالمي باللقطات المصورة التي بثوها على الإنترنت والتي حققت خمسة ملايين مشاهدة.
وقد ذكر نجوم على وسائل التواصل الاجتماعي مثل الممثل جورج تاكي بطل فيلم «ستار تريك» - الذي له مليونا متابع لصفحته على موقع «تويتر» - هؤلاء الشباب على الإنترنت.
وقال نهاد: «أقصد أننا لم نكن نتوقع حتى أن تتحدث عنا وسائل إعلام محلية. والآن أصبحنا موضوعا لوسائل إعلام عالمية، وهذا أمر محفز جدا لنا».
وعلى الرغم من المقابلات الكثيرة التي تجريها معهم محطات تلفزيونية ومجلات وجلسات التصوير يصر هؤلاء الشبان على أنهم أناس يحرصون على ما هو أكثر من مجرد حُسن المظهر.
فهم يريدون إضفاء لمسة ذوق رفيع للمدينة ومساعدة مجتمعهم المحلي.
ورغم أن النادي للرجال فقط فإنه يستخدم منصاته على الإنترنت للترويج للنساء اللواتي يعملن لتحسين حقوق الفتيات وفرصهن.
وإضافة للقاءاتهم الدورية وهم يلبسون أزياء مختلفة تتفاوت من شبه الرسمية إلى الرسمية بربطة العنق السوداء وأزياء قديمة ترجع للحقبة العثمانية... يهدف أعضاء نادي أربيل لدعم الحائكين المحليين والصناع اليدويين الذين يساهمون في خروج الأزياء التي يضعونها بصورتها النهائية الأنيقة.
وقال مؤسسو نادي «مستر أربيل»، إنه على الرغم من كون مدينتهم بمثابة واحة هدوء في بلد تمزقه حرب منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة له في 2003 فإن أربيل لا توفر لهم الفرص التي يتوقون لها. وتقع أربيل عاصمة إقليم كردستان على بعد 100 كيلومتر فقط من المعركة الشرسة لطرد تنظيم داعش المتشدد من آخر معاقله في العراق وهو مدينة الموصل.
وقال بشتوان (26 عاما) وهو يرتدي سترة من ثلاث قطع وحذاء مصنوعا بالطلب طبع عليه شعار النادي من دون جوارب بطبيعة الحال: «عندما بدأنا كنا في وضع سيئ. أزمة اقتصادية ثم حرب متوقعة على تنظيم داعش. وبالتالي لم تكن هناك أي أنشطة تجارية، لذا بدأنا بفكرة التجمع والقيام بشيء مختلف وفريد من نوعه ليتيسر للناس تحقيق ربح كما يمكننا تغيير مظهر الناس والطريقة التي يفكرون بها».
ويزين الرجال وهم في العشرينات والثلاثينات من العمر ستراتهم بالمناديل الأرجوانية وساعات الجيب، ويحملون عصي التقاط صور السيلفي، وينظمون جلسات تصوير في صالونات التجميل المحلية، ثم ينشرون الصور على حسابهم في «إنستغرام»، حيث يتابعهم أكثر من 60 ألف شخص.
وهناك نحو 40 عضوا في النادي الذي يتلقى كثيرا من طلبات الالتحاق لدرجة دفعت المؤسسين إلى التفكير في تشديد شروط الانضمام التي تفرض بالفعل معايير مرتفعة على الذوق في ارتداء الملابس.
والآن ومع ذيوع صيت النادي تزداد أحلام أعضائه.
يقول نهاد إن النادي يهدف لتدشين علامته الخاصة للملابس وفتح متجر والتعاون مع دور الأزياء.
كما يتمنى أن يرى «مستر أربيل» في صفحات أشهر مجلات الموضة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».