شبح العزوف يؤرَق الحكومة الجزائرية

تواجه الحكومة الجزائرية صداعا حادا يتمثل في احتمال عزوف نسبة كبيرة من الناخبين، عن استحقاق البرلمان المرتقب يوم 4 مايو (أيار) المقبل. والسبب فتور كبير يظهر على الجزائريين، الذين لا يرون في صندوق الاقتراع أداة تغيَر من معيشتهم المهددة حاليا بخطة تقشَف صارمة، تنفذها السلطات منذ عام ونصف العام نتيجة لشح الموارد المالية. غير أن برودة المواطنين تجاه الانتخابات ليست هي وحدها من يقلق المسؤولين في البلاد، وإنما أيضا دعوة المعارضة إلى مقاطعة الموعد بذريعة أنه مزوَر ومحسوم النتيجة لصالح أحزاب «الموالاة»، التي تؤيد سياسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وتقول السلطات إن آلية استحدثتها المراجعة الدستورية، التي جرت العام الماضي، كفيلة بضمان نزاهة الانتخاب. ويتعلق الأمر بـ«الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات»، التي وضعت على رأسها وزير العلاقات مع البرلمان، ومندوب الجامعة العربية بالاتحاد الأوروبي سابقا، عبد الوهاب دربال.
حاول عبد الوهاب دربال، الذي كان في تسعينات القرن الماضي قياديا بارزًا في حزب «حركة النهضة» الإسلامي المعارض، خلال لقاء مع صحافيين أخيرًا، طمأنة الرأي العام بخصوص دور «الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات» في التصدي لأي محاولة لتزوير الانتخابات؛ إذ قال إنه يعتزم «متابعة الوزراء المترشحين للاستحقاق، في حال ثبت أنهم استعملوا وسائل الدولة خلال حملة الانتخابات». وهنا، علَق ناشطون بشبكة التواصل الاجتماعي، بسخرية على كلامه؛ لأن الوزراء المترشحين يستعملون دائما الإمكانات المتاحة لهم بصفتهم موظفين ساميين في الدولة، لتوظيفها لمصلحتهم في الانتخابات، من دون أن تتصدى لهم الهيئات التي تسهر على نزاهة الانتخابات.
دربال أبدى، في الواقع، قلقه من احتمال التلاعب بأرقام اللائحة الانتخابية، بعدما نقلت صحف عن مسؤول بوزارة الداخلية بأن 3 ملايين متوفى، لم تسقط أسماؤهم من اللائحة. وفهم من كلامه أن الحكومة قد تستعمل هذه الكتلة لتضخيم نسبة المصوَتين، في حال رأت عشية الموعد، أن مؤشرات العزوف كبيرة. ويشار إلى أن «هيئة مراقبة الانتخابات»، تتكون من 410 أعضاء، نصفهم قضاة والنصف الآخر ناشطون بالمجتمع المدني. وقد تم اختيارهم من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وكان ذلك كافيا في نظر المعارضة للحكم عليها بأنها غير مستقلة، وأنها لن تستطيع إبعاد شبح التزوير.
* الحرص على الشفافية
وقال دربال أن «دسترة» الهيئة التي يرأسها، والنص عليها بأنها «دائمة»، بمثابة «إشارة واضحة، حسبه، للأهمية التي يوليها الرئيس لشفافية العملية الانتخابية». وأضاف بأن «تركيبتها المتكونة من قضاة وكفاءات وطنية، أمر يبعث على الطمأنينة والارتياح ويؤكد إشراك المواطن في إدارة الشأن العام». وتابع بأن «القانون الذي يحدد تفاصيل عملها، منحها 11 صلاحية تتعلق بمرحلة ما قبل انطلاق العملية الانتخابية، تتناول التأكد من المراقبين والترشيحات، ومن استعمال وسائل الدولة من طرف المترشحين والأحزاب، إلى جانب التأكد من الهيئة الناخبة وكل التحضيرات الخاصة بالعملية». وتمتد صلاحياتها إلى مصاحبة العملية الانتخابية، من خلال تنظيمها بدء من فتح صناديق الاقتراع إلى نهاية فرز الأصوات.
وقد أعلنت القوى السياسية الكبيرة مشاركتها في الموعد، وأبرزها «حزب السلطة الأول»: «جبهة التحرير الوطني» الذي يرأسه الرئيس بوتفليقة، ولكن لا يحضر اجتماعاته أبدا، وأمينه العام هو وزير التضامن سابقا الدكتور جمال ولد عباس، الذي قال إن أي راغب في الترشح بصفوف الحزب ينبغي أن يتوفر فيه شرط واحد، هو «عدم الإساءة إلى رئيس الجمهورية بأي شكل من الأشكال».
وتملك «الجبهة» الأغلبية بـ«المجلس الشعبي الوطني»، (الغرفة البرلمانية الأولى)، وهي «الحزب الواحد» قبل دخول البلاد عهد التعددية الحزبية عام 1989. ويرجح متتبعون أنها ستحافظ على هذه المكانة في البرلمان الجديد، بينما لقي البرلمان الذي انتهت ولايته انتقادا شديدا، بسبب خضوعه للحكومة فيما يخص التشريع. فأكثرية القوانين التي أصدرها خلال 5 سنوات الماضية، جاءت من الحكومة وليس من النواب. وتقول المعارضة البرلمانية إن كل مبادرتها بإطلاق قوانين تمت مواجهتها بالرفض من طرف الأغلبية الموالية للحكومة؛ لأنها لا تصب في مصلحة السلطة التنفيذية.
* ضمن معسكر «الموالاة»
وسيشارك في المعترك أيضًا «حزب السلطة الثاني»، وهو «التجمع الوطني الديمقراطي»، القوة الثانية في البرلمان بقيادة وزير الدولة ومدير الديوان برئاسة الجمهورية أحمد أويحي، الذي كان رئيسا للوزراء. ويسعى «التجمع» إلى استعادة الأغلبية التي ضاعت منه منذ انتخابات 1997، التي حل فيها أولا رغم أنه تأسس 3 أشهر فقط قبل الاقتراع! ويوصف هذا الاستحقاق بأنه «أكبر عملية تزوير في تاريخ البلاد». ويواجه أويحي حاليا سيلا من الانتقادات؛ بسبب موقفه المعادي لتولي المهاجرين المزدوجي الجنسية مناصب سامية في الدولة.
وضمن «كتلة الموالاة»، تبرز أحزاب أقل شأنا؛ لأنها حديثة النشأة. ومن أهمها «تجمع أمل الجزائر» الذي يرأسه وزير الأشغال العمومية سابقا عمر غول، و«الحركة الشعبية الجزائرية» بقيادة عمارة بن يونس وزير التجارة سابقا. وكلاهما يراهن على حصة في البرلمان لا تقل عن 50 مقعدا من مجموع 462 مقعدا.
* ... ومعسكر «المعارضة»
أما في معسكر المعارضة فالشرخ عميق داخل «تنسيقية الانتقال الديمقراطي»، التي تضم أهم التشكيلات المعارضة. ويعود الانقسام إلى إعلان البعض المشاركة في الانتخابات، بينما رفض البعض الآخر. ومن أبرز المشاركين، الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، الذي سيدخل المعترك بلوائح مرشحين مشتركة مع «جبهة التغيير»، بقيادة وزير الصناعة سابقا عبد المجيد مناصرة. ولقد عقد الحزبان أخيرًا «وحدة» إيذانا بوجود مؤشرات على انتعاش في صفوف التيار الإسلامي الذي تراجع رصيده الانتخابي كثيرا، منذ الفوز الساحق لـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» نهاية 1991، وهي التجربة التي أجهضها الجيش عندما تدخل لإلغاء نتائج تلك الانتخابات، بحجة أن الإسلاميين «يشكلون خطرا على الديمقراطية الناشئة». ودخلت البلاد في حرب أهلية بعدها، وما زالت تعيش إفرازاتها إلى اليوم.
أيضًا من ضمن كتلة المعارضة، سيدخل سباق الانتخابات «جبهة العدالة والتنمية» برئاسة عبد الله جاب الله، و«حركة النهضة» وأمينها العام هو محمد ذويبي، و«حركة البناء الوطني»، بقيادة أحمد دان. والأحزاب الثلاثة إسلامية عقدت هي أيضا تحالفا بمناسبة الانتخابات سمّته «الاتحاد الإسلامي». ويشار إلى أن جاب الله كان رئيسا لـ«النهضة»، وجرى الانقلاب عليه من طرف قياديين منها عام 1998، وكان من بينهم عبد الوهاب دربال، وتمت إزاحته.
ويبرز الحزب العلماني «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، بوصفه أحد أهم أحزاب المعارضة المشاركة في الانتخابات. وكان قد غاب عن انتخابات 2012 على أساس أن البرلمان «لا يوفر منبرا حقيقيا يتيح التغيير المنشود». واللافت أن هذا الحزب عاد إلى المسار الانتخابي، من دون أن يتغير أي شيء يشجع على المشاركة في الانتخابات، إذا تم أخذ بعين الاعتبار مبررات غيابة عن الاستحقاق الماضي. ويرجح متتبعون أن يحقق الحزب نتيجة جيدة في منطقة القبائل، إلى الشرق من العاصمة، فقط؛ لكونه حزبا نشأ بهذه المنطقة الناطقة بالأمازيغية، وقياداته ومناضلوه كلهم من القبائل.
* جبهة القوى الاشتراكية
غير أن الحزب القبائلي الأكثر شعبية، هو «جبهة القوى الاشتراكية»، وهو أقدم حزب معارض أسسه عام 1963 رجل الثورة حسين آيت أحمد، الذي توفي العام الماضي. وتشارك «الجبهة» في الاستحقاق المقبل، وتعوَل على تحقيق نتيجة أفضل من الاستحقاق الماضي الذي خرجت منه بـ26 مقعدا. وكل الأحزاب المعارضة، التي سبق ذكرها، طالبت من السلطات إنشاء لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات، تتكون من كفاءات لم يسبق لهم أن مارسوا مهام حكومية، ومشهود لهم بالاستقامة ونظافة اليد. غير أن الرئيس بوتفليقة رفض هذا الطرح، مفضلا آلية يتبع أعضاؤها له.
ما عدا «الأوزان الثقيلة»، تحاول الأحزاب الصغيرة أن تجد لنفسها مكانا في «قبة زيغود يوسف» (مبنى البرلمان)، فيما يوجد إجماع في الوسط السياسي والإعلامي، بأن حظوظها ضئيلة. ولقد أطلق 14 حزبا صغيرا تكتلا انتخابيًا يرأسه رجل الأعمال هواري حميدي. وأحد هذه الأحزاب: «التجمع الجزائري»، عرض العام الماضي ما يعادل 4 آلاف دولار، على كل شخص يرغب في الترشح في صفوفه. وكان ذلك مؤشرا على أن هذه الأحزاب «موسمية» لا تظهر إلا في المواعيد الانتخابية؛ مما يجعل حظوظها بالفوز ضئيلة. غير أن أكبر عقبة تواجهها في الاستحقاق المقبل، هي شرط تضمنه قانون الانتخابات الجديد، يتمثل في حصول كل حزب على 4 في المائة من نتائج آخر انتخاب؛ حتى يمكنه دخول المعترك الجديد، بينما هذه الأحزاب كلها مجتمعة لا توفر هذه النسبة.
ويطغى على الخطاب السياسي في فترة ما قبل الانتخابات، قضايا التقشف وأزمة أسعار النفط زيادة على تهديدات الإرهاب بالحدود. وتتهم أحزاب المعارضة الحكومة، بالعجز عن التصدي للمشكلات التي خلفها انهيار سعر البترول، على اقتصاد مبني على الريع لم يعرف النمو منذ أن استقلت البلاد عن الاستعمار الفرنسي. واضطرت الحكومة في إطار مواجهة عجز الموازنة، إلى وقف استيراد السيارات والكثير من المنتجات الغذائية، والمواد المصنعة ونصف المصنعة؛ ما تسبب في ارتفاع فاحش للأسعار في السوق المحلية. فالجزائر لا تنتج شيئا، تقريبًا، ما عدا النفط والغاز. ويقول الخبراء المتشائمون من مستقبل الاقتصاد، إن البلاد ستعلن إفلاسها في غضون ثلاث سنوات ما لم تسرع الحكومة لإيجاد مصادر دخل جديدة. وإذا استمر تآكل احتياطي العملة الصعبة (110 مليارات دولار بداية العام)، ستفرغ خزائن الدولة من المال بحلول 2020، بحسب الخبراء أنفسهم.
* المخاطر الأمنية
أما عن الأمن، فأحزاب الموالاة والمعارضة متفقة على كون الخطر الذي يهدد الأمن القومي للجزائر، هو «دواعش ليبيا» الذين هددوا جيش البلاد بـ«عمل استعراضي»، انتقاما منه بسبب تعاونه مع قوى غربية وبخاصة فرنسا؛ من أجل دحر المتطرفين في البلد الجار. وتعتبر الجزائر نفسها أكثر بلدان منطقتي المغرب العربي والساحل الأفريقي تضررا من ترسانة السلاح الليبي المفتوحة على الهواء، التي تسرَب منها الآلاف من القطع، عبر الحدود التي يفوق طولها 900 كلم.
وطلبت «الشرق الأوسط» من المحلل السياسي محمد صالحي قراءة في الظروف التي يجري فيها التحضير للانتخابات، وحظوظ المشاركين فيها، فقال: «هناك إشكاليات عدة تطرح حول نزاهة الانتخابات، ومنها التزوير بمختلف الوسائل المعروفة وغير المعروفة، ومنها ما يدور حاليا من حديث حول وجود ثلاثة ملايين ناخب ميت ومدى قدرة هيئة دربال على منع التزوير، والوقوف في وجه المزورين، رغم أن دربال يحاول التأكيد أنه بمقدوره أن يفعل ذلك. أمر آخر مهم، هو سيطرة «المال القذر» على بعض لوائح المترشحين وتصدرها؛ إذ إننا نسمع ونرى كيف يصل إلى البرلمان في كل ولاية «بارونات» مكانهم الطبيعي هو السجن... أو على الأقل الشارع والمقهى وليس البرلمان».
وأضاف صالحي «إشكالية أخرى تطرح وهي المحاباة في إعداد لوائح المترشحين... وحسب ما وصلني من معلومات بخصوص التحالفات الإسلامية الجديدة، فقد بدأ هذا المشكل غير الطبيعي يطرح نفسه بجدية في هيئاتها القيادية. ويجرني هذا إلى الحديث عن الكتل السياسية ممثلة في التحالف الرئاسي ولواحقه وكذا الكتلتان الإسلاميتان: الاتحاد وحركة مجتمع السلم التاريخية، اللتان عليهما إقناع مناضليهما بالتجند للانتخابات، بعدما تمت إحالتهم على البطالة السياسية الإجبارية، بفعل الخلافات الحادة بين القيادات؛ ما دفعهم إلى العزوف عن النضال والالتزام بالبيوت والمقاهي، وفي أحسن الأحوال بالمساجد».
وتابع صالحي كلامه قائلا «هناك تكتل آخر نشأ قبل فترة قصيرة يضم الأحزاب الصغيرة، ويهدف إلى التغلب على مشكلة عتبة الـ4 في المائة، سواء بمطالبة رئيس الجمهورية بإعفائها من هذا الشرط، أو بتعاون أعضائها على جمع توقيعات المواطنين لتتمكن من تقديم مرشحين، وتشكيل لوائح ترشيح مشتركة على غرار الاتحاد أو التكتل الأخضر عام 2012. وهنا تجدر الإشارة إلى وجود بعض الأحزاب الصغيرة، التي رفضت الانضمام إلى هذا القطب، وهدفها واضح هو البقاء منفردة بحثا عن حرية في بيع لوائح الترشيح لتجار المخدرات والمجرمين والمسبوقين قضائيا».
أيضا يقول المعلق السياسي الجزائري، إنه يتوقع فوز أحزاب الموالاة «لما تملكه من استقرار نسبي في الهياكل وأموال طائلة، ونفوذ في الإدارة ودعم فوقي، وحتى التزوير الذي قد تلجأ إليه كما حدث في مختلف الاستحقاقات الماضية، للوصول إلى النسبة الضامنة لبقاء نمط الحكم الحالي، واستمرار رموزه في قيادة الدولة. أما التكتلات الإسلامية فستكون ثانية في الترتيب؛ وذلك لاعتبارات عدة، منها حالة التشرذم التي لزمتها لأكثر من 10 سنوات، وتأخرها في عقد وحدتها التي تزامنت مع الانتخابات؛ ما أعطى كثيرين، حتى من أبناء التيار الإسلامي، انطباعا بأن مسعى الوحدة يهدف أصحابه إلى ضمان مقاعد لهم في البرلمان».
وأوضح صالحي، بأن أهم المشاكل التي ستعترض الإسلاميين في الانتخابات هي «نقص إمكانياتهم المادية مقارنة بأحزاب التحالف الرئاسي الذين ينهلون مباشرة من مؤسسات الدولة. وأيضا هناك المحيط الدولي الذي تمثله القوى الكبرى، التي ترفض تشكيل حكومات يديرها الإسلاميون، وما النموذج التونسي إلا مثال على ذلك».
* رأي وزير سابق
من جهته، يقول وزير الإعلام سابقا، محمد السعيد الذي أعلن مشاركة حزبه «الحرية والعدالة» في الاستحقاق «كنا نتمنى أن تجري الانتخابات في مناخ سياسي أفضل، لا يعكر صفوه استمرار أزمة الثقة بين الشعب وقيادات مؤسساته. هذه الأزمة تُبقي على ظلال الشك في مصداقية التصريحات الرسمية المتعلقة بضمان نزاهة وشفافية الانتخابات، أضف إلى ذلك أن تجارب سابقة منذ تطبيق التعددية السياسية عودتنا على التناقض الصارخ بين الخطاب الرسمي والممارسة الميدانية».
وعبر السعيد عن أسفه، لـ«كون السلطة لم تعالج هذا الجانب في إصلاحاتها السياسية المعلنة، بالانفتاح الحقيقي على الحوار مع سائر القوى السياسية والاجتماعية، والبحث عن حلول توافقية للمشكلات المطروحة، بل تجاهلت كل شيء عندما انفردت بتعيين نصف أعضاء اللجنة من المجتمع المدني دون استشارة الأحزاب السياسية عن المقاييس المعتمدة مثلما فعلت عند تعيين رئيس الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات». وأردف «بالمناسبة، يصعب جدا في مثل هذه الحالة، وصف هذه الهيئة بالمستقلة؛ لأنه يصعب التصديق بأنها مستقلة عن السلطة السياسية التي عينت أعضاءها جميعا وضمنت، بالتالي، ولاءهم لها، أو مستقلة عن الإدارة التي أوكلت إليها مهمة تنظيم العملية بكاملها، وهي التي برعت في فن ترتيب نتائج الانتخابات كما يُطلب منها».
وبخصوص ما يشاع حول استمرار سيطرة «الموالاة» على البرلمان الجديد، قال السعيد «مثل هذه الشائعات موجهة للقضاء على أمل التغيير عند الناس. وبالتالي الزيادة في نسبة العزوف الانتخابي؛ حتى يخلو الجو للوجوه التي ملَ منها الناس، أو لزيادة إضعاف شرعية الهيئة التشريعية الجديدة إحراجا للنظام السياسي القائم، وقد تكون أيضا تسريبا يعبر عن نية حقيقية لدى السلطة لإبقاء دار لقمان على حالها». وأضاف الوزير السابق «شخصيا لا أستبعد أن تكون هناك بعض التعديلات في توزيع المقاعد بين أحزاب الموالاة... ولا أظن، خلافا لما يقال، أن المنافسة ستكون فعلا مفتوحة كما حصل في عام 1991. تلك التجربة لن تتكرر في القريب المنظور؛ لأن نتائجها آنذاك أفسدت حسابات أصحاب القرار، معنى هذا أن الاحتمال الأكبر هو احتفاظ السلطة بالأغلبية البرلمانية، ربما ليس بالشكل العددي المفضوح كما حصل في 2012، وتُترك بقية المقاعد للمنافسة الحرة بين الأحزاب المشاركة خارج تشكيلة الموالاة».