أعمال الفنان السكندري محمود سعيد توثق للمرة الأولى في كتاب

أعدته خبيرة في دار كريستيز ويطلق الشهر المقبل ضمن فعاليات «آرت دبي»

لحظة غروب الشمس على النيل في الأقصر (كريستيز)
لحظة غروب الشمس على النيل في الأقصر (كريستيز)
TT

أعمال الفنان السكندري محمود سعيد توثق للمرة الأولى في كتاب

لحظة غروب الشمس على النيل في الأقصر (كريستيز)
لحظة غروب الشمس على النيل في الأقصر (كريستيز)

الفنان المصري محمود سعيد (1897 - 1964) والذي يعتبر من رواد الفن المصري الحديث، سجل عودته لصدارة المشهد الفني في السنوات الماضية، لا سيما بعد بيع عدد من لوحاته بأرقام قياسية في مزادات الفن الحديث. وبدا أن ذلك الاهتمام في تنامٍ، حيث أصبح هناك جمهور جديد لسعيد يستمتع بأسلوبه المصري الخالص في الرسم. وعزز ذلك الاهتمام الرقم القياسي الذي حققته لوحة «الدراويش» في مزاد لدار «كريستيز» عام 2010 حيث بيعت بـ(2.43 مليون دولار) وتوجت كأغلى لوحة لفنان عربي تباع في المزاد.
ولا يزال الإقبال على رؤية واقتناء أعمال سعيد مستمرًا، خصوصًا مع زيادة المعروض من أعماله في دور المزادات. ولكن كانت هناك دائمًا مشكلة تواجه خبراء الفنون في التحقق من صحة تلك الأعمال، خصوصًا مع عدم وجود معلومات موثقة حول كل عمل فني وتاريخ اقتنائه. وكان هذا أحد الأسباب التي دعت بـ«فاليري هاس» الخبيرة الفنية بدار «كريستيز» للتفكير بإعداد كتالوغ موثق ومقنن لأعمال محمود سعيد، مستعينة بخبرة المقتني المصري د. حسام رشوان، وهو من هواة أعمال سعيد ويمتلك عددًا منها.
في حوار مع هاس تحدثت حول الكتاب الشامل وأهميته وضرورة وجود غيره لتوثيق أعمال الفنانين العرب. بداية تقول إن الكتاب الصادر حديثًا يورد معلومات موثقة حول أعمال سعيد، وتضيف: «في الغرب يعد الكتاب الموثق أو كما يطلق عليه (الكتالوغ ريزونيه)، مثل الموسوعة التي تعدد أعمال فنان بعينه، ويختلف عن الكتب الأخرى التي تصدر عن الفنان في أنه يعد بمثابة مرجع كامل. ومن الطبيعي أن يستغرق إعداد تلك المراجع سنين طويلة؛ فعلى سبيل المثال يستغرق كتابة (كتالوغ) موثق لأعمال الفنان كلود كونيه أو بابلو بيكاسو عشرين عامًا على الأقل، وذلك بسبب ضخامة عدد الأعمال التي أنتجها كل منهما»، ولكن الأمر يختلف في حالة محمود سعيد، إذ إن الأعمال المعروفة للفنان، التي يمكن التأكد من أصلها لا يتجاوز الـ130 عملاً، ولهذا استغرق مشروع إعداد الكتاب من المؤلفين نحو خمس سنوات.
تعترف هاس بأنها تحمل إعجابا خاصا بأعمال محمود سعيد تؤرخ بدايته من عام 2010، مع بيع لوحتَي «الشادوف» و«الدراويش» في المزاد بـ«كريستيز دبي». «كانا عملين لا يمكن نسيانهما» تمضي هاس في حديثها: «كان فنًا جديدًا بالنسبة لي، أردتُ معرفة المزيد عنه وبحثت عن مطبوعات، ولكنني لم أجد ما أحتاج إليه. رغم وجود كتاب باللغة العربية عن محمود سعيد من إعداد عصمت داوستاشي ضم فيه نحو 295 لوحة منسوبة لسعيد ولكنها غير موثقة. أضيفي لذلك أننا كنا نتلقى لوحات لمحمود سعيد طوال الوقت في (كريستيز)، ولكن لم يكن هناك كتاب موثق لأعماله يمكننا من التحقق من تلك اللوحات».
وجدت هاس في الدكتور حسام رشوان الشريك المناسب لإعداد كتاب شامل مع شروح مفصلة عن محمود يعد الأول من نوعه عن فنان بمنطقة الشرق الأوسط، خصوصا أن د. رشوان مقتنٍ شغوف لأعمال سعيد وغيره لدرجة أن منزله تحول إلى متحف مصغر للفن الحديث، كما تشير هاس، «هو بمثابة موسوعة حية، ويعرف الكثير عن سعيد، وسنحت له فرصة مقابلة ابنته، وأحسست وقتها بأنه يجب أن يفعل شيئًا بذلك الحب والمعرفة».
خلال رحلة إعداد الكتاب تقابلت هاس مع أفراد من عائلة سعيد، وازداد إيمانها بوجوب تسجيل كل تلك المعلومات خشية من ضياعها للأبد بعد رحيل حامليها. وامتدت رحلات هاس في مصر برفقة د. رشوان لجمع المعلومات وتوثيق لوحات محمود سعيد في المتاحف المصرية، خصوصًا المتحف الذي يحمل اسم الفنان في الإسكندرية، الذي يضم 43 لوحة له. وبعد تصوير وتوثيق اللوحات بدا من المنطقي البدء في إعداد الكتاب.
ينقسم الكتاب لجزأين؛ الأول مخصص للوحات، والجزء الثاني للرسوم، ويضم الجزء الأول مقدمة بقلم المحامي ياسر عمر أمين، وهو أحد المتخصصين في قوانين الملكية الفكرية، ويعمل على تطوير نظام فعال للتحقق من اللوحات الفنية.
يقول أمين في مقدمته: «في معظم حالات بيع اللوحات الفنية، لا توجد وسيلة فعالة للتحقق منها، وهو ما يجعل المشتغلين بالفنون في المنطقة العربية من أقل الفئات حماية. وينتج عن ذلك حالة من عدم اليقين تتطور إلى نزاعات قانونية حول موثوقية العمل، التي تمثل شاغلاً للملاك والمقتنين والمشترين وأيضًا لسلالة الفنانين إضافة إلى بيوت المزادات وخبرائها».
ويبدو أن كتاب محمود سعيد سيكون فاتحة لتحضير فهارس مماثلة لفنانين عرب آخرين، فتشير هاس إلى أن ابنة الفنان شفيق عبود تقوم حاليًا بإعداد كتالوغ موثق لأعمال والدها على الإنترنت، كذلك تقوم عائلة الفنان بول غيراغوسيان بتحويل الفهرس الإلكتروني الخاص به إلى كتاب.
أتساءل: «وماذا عن رواد الفن الحديث في مصر؟ هل هناك أية مشروعات قادمة لتوثيق أعمالهم الفنية؟» تجيب: «يقوم د. رشوان حاليًا بالاشتراك مع أستاذ بجامعة الإسكندرية بإعداد كتاب حول الفنانين سيف وأدهم وانلي، أعرف أيضًا أن عائلة الفنان عبد الهادي الجزار تعد كتابًا عنه، ومن جانبي أشارك في إعداد فهرس لأعمال الفنانين محمد ناجي وعفت ناجي». غير أن هاس تؤكد على أن الأمر ليس سهلاً، خصوصًا مع قلة المصادر التي توثق تاريخ وملكية الأعمال الفنية، مشيرة إلى أن الأمر كان مختلفًا في حالة محمود سعيد، إذ إنه أنتج عددًا صغيرًا نسبيًا من الأعمال، إضافة إلى توفر بعض المعلومات عنه عن طريق أسرته ومتحفه وبعض المقتنين مثل د. رشوان.
وسيقدم الكتاب في حفل على هامش «آرت دبي» يوم 15 مارس (آذار) المقبل، إضافة إلى حلقة نقاش ومعرض لأعمال الفنان التي بيعت عبر «كريستيز» في دبي، حيث سيقوم مالكو تلك اللوحات بإعارتها للدار بهذه المناسبة: «سنستعير 12 لوحة، إضافة إلى وجود ست لوحات تعرض ضمن مزادنا المقبل في دبي».

بورتريه لسعيد وهو في الـ33 من مقتنيات ابنته

وتتصدر مزاد «كريستيز» للأعمال الفنية الشرق أوسطية الحديثة والمعاصرة في شهر مارس القادم مجموعة لوحات لسعيد، جميعها من مقتنيات العائلة الخاصة، ومنها لوحتان مثيرتان للاهتمام من مقتنيات ابنته الخاصة. حيث يشمل المزاد المرتقب لوحة «أسوان - جُزر وكثبان» إلى جانب الرسمة الأولية التحضيرية، ورُسمت كلتاهما بالألوان الزيتية في عام 1949، وتُعرضان للمرة الأولى في سوق الأعمال الفنية الشرق أوسطية. ويُشاهد في هذه اللوحة النيل في يوم مشمس، وهناك اختلافات دقيقة بين اللوحة النهائية واللوحة الأولية، خصوصًا في ألوان الجبال والسماء التي تبدو أكثر بساطة في اللوحة النهائية مقارنة باللوحة الأولية.
ومن الفروقات الأخرى بين اللوحتين النهائية والأولية أن محمود سعيد اختار في اللوحة النهائية تحريك «الفلوكة» (المركب) التي يبحر به رجلان إلى وسط اللوحة مقارنة باللوحة الأولوية حيث تبرز في صدر اللوحة النهائية (القيمة التقديرية الأولية: 250.000 - 300.000 دولار أميركي).
كما يقدم المزاد لوحة البورتريه الذاتية المعنونة «تأمُّل النفس» وهي واحدة من أكثر اللوحات الذاتية اللافتة لمحمود سعيد من بين لوحات البورتريه الذاتية الأخرى له، التي يُعتقد أن ثمانية أو تسعة، أربعة أو خمسة منها في شكل رسومات. وكما يشير عنوان اللوحة فإن محمود سعيد يتأمل في نفسه وهو في سنّ 33 عامًا في عام 1930. وهذه اللوحة أيضًا كانت ضمن مقتنيات نادية محمود سعيد ود. حسن الخادم (القيمة التقديرية الأولية: 8.000 - 12.000 دولار أميركي).

راعية الماشية في العلمين

الدراويش

غلاف الكتاب

فتاة جالسة على الأرض

لوحة «الشادوف» من أغلى اللوحات الفنية العربية



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».