مصافحة ترمب لضيوفه تثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي

خبراء: المصافحة يمكن أن تكشف الكثير عن الشخص

الرئيس دونالد ترامب يصافح الرئيس التنفيذي  لشركة سوفتبنك ماسايوشي سون في برج ترمب في نيويورك (أ.ب)
الرئيس دونالد ترامب يصافح الرئيس التنفيذي لشركة سوفتبنك ماسايوشي سون في برج ترمب في نيويورك (أ.ب)
TT

مصافحة ترمب لضيوفه تثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي

الرئيس دونالد ترامب يصافح الرئيس التنفيذي  لشركة سوفتبنك ماسايوشي سون في برج ترمب في نيويورك (أ.ب)
الرئيس دونالد ترامب يصافح الرئيس التنفيذي لشركة سوفتبنك ماسايوشي سون في برج ترمب في نيويورك (أ.ب)

أثار الرئيس الأميركي دونالد ترمب صخبًا إعلاميًا من وقت لآخر خلال مصافحته رجال الدولة. تارة يظل ممسكًا باليد وتارة يسحب الشخص المقابل له بهزة، وتارة أخرى يربت بيده اليسرى بشكل إضافي على يد الضيف.
وبثت شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية مؤخرًا مشاهد مضحكة تلقائية في الغالب، كما تتندر برامج السخرية بهذا الشأن. وكانت صور لقاءات ترمب مصدر إلهام على مواقع التواصل الاجتماعي أوحت لمستخدميها بتركيب صور وتعليقات مضحكة.
وبعد التندر بشأن حجم يد ترمب قرر المتندرون تأجيل التطلع لمصافحته. وتعتبر المصافحة باليد أحد تقاليد التحية والترحيب التي تكتسب أهمية كبيرة في التواصل بين البشر. ولا تكاد تجد ناصحًا بشأن كيفية تحقيق مستقبل أفضل يخلو من تقديم نصيحة عن أفضل طريقة للمصافحة، حيث إن المصافحة هي التي تعطي الانطباع الأول عن الشخص.
وتعتبر المصافحة غالبًا مفتاحًا للبداية الجيدة، وهي منتشرة في الثقافات الغربية بشكل أساسي. إذا رُفضت المصافحة فإن ذلك يمكن أن يتسبب في جلبة وصخب، تمامًا كما حدث قبل وقت غير بعيد في برلين عندما رفض إمام مصافحة
معلمة لأسباب دينية.
إذا صدقنا تفسيرات لغة الجسد، فإن المصافحة يمكن أن تكشف الكثير عن الشخص المصافح «ولكن هناك للأسف استهانة من قِبَل الكثيرين بالمصافحة» حسب مونيكا ماتشنيج، المستشارة في لغة الجسد، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية.
توضح ماتشنيج في كتاب لها أن راحة اليد المتجهة لأسفل على سبيل المثال عند المصافحة تشير إلى أن صاحب هذه اليد يريد أن يكون الطرف القائد في العلاقة. فإذا أشار كف اليد إلى أعلى فإن ذلك يمكن أن يكون دليلاً على الخضوع. فإذا مد شخص كفه بشكل متعامد فإن ذلك يعني أن العلاقات ستكون بين ندين. وهناك كثير من المعايير الأخرى.
ويوصي دليل الآداب واللياقة لماتشنيج بـ«ألا تكون المصافحة لطيفة ورقيقة بشكل مبالغ فيه ولا شديدة القبض وألا تستمر أطول من اللازم». وهناك اتفاق بين كثير من هذه الأدلة على ضرورة ألا تكون المصافحة متراخية بشكل مفرط وألا تكون هناك آثار للعرق على اليد. وكما أظهر ترمب فإنه من الممكن لأي شخص آخر أيضًا ارتكاب بعض الأخطاء عند المصافحة.
النرجسية وقلة الاهتمام والتركيز على الذات وعدم التعاطف مع الآخرين، كل ذلك تقرأه الخبيرة ماتشنيج من مصافحة ترمب لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي قبل بضعة أيام عندما ظل ترمب يهز يد ضيفه ويربت عليها على مدى نحو 20 دقيقة من أجل إعطاء المصورين فرصة للتصوير.
ورغم أن لدى ترمب بالتأكيد مستشارين بهذا الشأن، فإنه يبدو وكأنه يعتمد على سليقته في ذلك «فلقد تصرف بالوسائل التي أعطته إياها الطبيعة الأم» حسبما رأى شتيفان فيرا، المتخصص في لغة الجسد والذي يعتبر ترمب «ظاهرة خاصة بلغة الجسد» مما يجعل الرئيس الأميركي جديرًا بالاهتمام من هذه الناحية، لأن لغة الجسد لا تكذب أبدًا حسب الخبير الألماني.
ويرى فيرا أن السياسيين الذين يتصرفون بشكل فظ يحصدون أصوات أكثر كشخصيات يقتدى بها. المصافحة موجودة في تاريخ البشرية منذ زمن بعيد بشكل يستحيل معه معرفة أصلها، ربما كانت وراء نشأتها الأولى رغبة في أحد أشكال التلامس والثقة والتعبير عن الاهتمام «وهذا أمر نتقاسمه مع الحيوانات»، حسبما أوضح الطبيب والمتخصص في علم الإنسان فولف شيفينهوفل ذات مرة في مقابلة مع إذاعة ألمانيا «دويتشلاند فونك»، حيث ذكر أن المصافحة كانت موجودة بالفعل في زمن الرومان واليونانيين.
وهناك نظرية منتشرة بشأن أصل المصافحة يذهب أصحابها إلى أن البشر يريدون بالمصافحة إثبات أنه ليس هناك سلاح في يدهم. وحسبما أوضح فيرا، فإن المصافحة خففت دائما من الفوارق بين الفئات والطبقات مما يعطيها «أهمية هائلة». وأخيرًا وليس آخرًا فإن المصافحة تمكن الإنسان من استشعار معلومات منها على سبيل المثال القوة أو الضعف أو البعد أو القرب أو التوتر أو الهدوء.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».