مستكشفون يوثقون بطائرات «درون» معالم هونغ كونغ قبل تلاشيها

يبحثون عن التراث في أماكن مهجورة وتغطيتهم اشتهرت على «يوتيوب»

بناية مهجورة وسط هونغ كونغ  استكشفها أعضاء المجموعة  -  «مسرح الدولة» الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1952 من ضمن 114 مبنى وضع على قائمة هيئة الآثار
بناية مهجورة وسط هونغ كونغ استكشفها أعضاء المجموعة - «مسرح الدولة» الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1952 من ضمن 114 مبنى وضع على قائمة هيئة الآثار
TT

مستكشفون يوثقون بطائرات «درون» معالم هونغ كونغ قبل تلاشيها

بناية مهجورة وسط هونغ كونغ  استكشفها أعضاء المجموعة  -  «مسرح الدولة» الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1952 من ضمن 114 مبنى وضع على قائمة هيئة الآثار
بناية مهجورة وسط هونغ كونغ استكشفها أعضاء المجموعة - «مسرح الدولة» الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1952 من ضمن 114 مبنى وضع على قائمة هيئة الآثار

قرر ثلاثة مستكشفين ملثمين بشقة سكنية ببرج بمنطقة نورث بوينت في هونغ كونغ إطلاق طائرة «درون» سوداء في الجو لتحلق بارتفاع يزيد على عشرة طوابق لترصد السيارات والترام والمشاة في الشارع.
«لو أننا تعلمنا شيئا من خبراتنا السابقة، فإن المبنى الذي يصوره الدرون، وهو مسرح بني عام 1952 على أعمدة غير اعتيادية، سيهدم لأنه ليس مدرجا على قائمة تراث هونغ كونغ المعماري». هكذا برر المستكشفون مغامرتهم.
وتجدد السلطات في هونغ كونغ المدينة نيابة عن المستثمرين، وليس نيابة عن الناس، وفق أحد المستكشفين الذي استخدم اسما مستعارا: «غوست»، ويعني الشبح، وظهر في المقاطع المصورة واضعا كمامة واقية من التلوث، ومرتديا قفازات من دون أصابع ليبدو أشبه بلص بنوك ملثم أو فنان غرافيتي.
يتبع المستكشفون منظمة «هونغ كونغ أربكس» التعاونية، وتتطلب الحملات التي يقومون بها أحيانا التعدي على ممتلكات الغير، أو السير في الظلام، أو في أماكن مهجورة، أو حتى خطرة.
لكن على عكس بعض المستكشفين الحضريين، فهم لا يخوضون المخاطر حبا فيها؛ إذ إن هدفهم الأهم هو إزالة القشور الخارجية لاستكشاف التاريخ المختبئ أسفلها، وأحيانا يتم هذا حرفيا عن طريق الحفر في التراب والتنقيب وسط القمامة لعمل أرشيف مصور عن هونغ كونغ والبيئة خلال فترة الاستعمار التي عاشتها تلك الدولة.
وحتى الآن أفرجت «منظمة هونغ كونغ» عن أكثر من عشرة أفلام فيديو جميعها توثق عمليات التفتيش الرسمية على السجون المهجورة، والشقق السكنية، ودور السينما، والمستشفيات، والأندية الليلية، ومراكز الشرطة، والمخابئ المخصصة للاختباء من التفجيرات والقنابل، وأنفاق المترو، وحطام إحدى السفن، وغيرها من المواقع في هونغ كونغ وغيرها من دول آسيا. ويقول المتحمسون لهذا الاتجاه إن الأفلام الحزينة ذات المؤثرات الصوتية الكئيبة التي تقدم غالبا من دون سرد، تعكس تأملا صائبا في التطور الحضري وكذلك في اندثاره.
وفي وصفه للفيلم الذي أنتجته تلك المجموعة، قال البروفسور لي كاه وي، أستاذ مساعد الهندسة المعمارية، بالجامعة الأهلية بسنغافورة، إن «هذه الأفلام تتمحور حول دفعنا لمواجهة ما يعرف بجمال الخسارة»، مضيفا: «تدفعنا هذه الأفلام لأن نقف وجها لوجه أمام أنقاض الحداثة، والخرائب التي تتكدس أمامنا مع استمرارنا في البناء».
وأفادت المجموعة بأن أفلامها المصورة شوهدت أكثر من 20 ألف مرة على موقع «يوتيوب»، وأن صورها ومقاطعها المصورة اقتبست أو استخدمت في معرض دولي، وفي كتاب مصور سيطرح قريبا، وأيضا في حملة دعم وإنقاذ «السوق المركزية» من الهدم، وتعود السوق لفترة الثلاثينات من القرن الماضي، بوسط هونغ كونغ.
فأعضاء الجماعة الثمانية، وجميعهم من المقيمين في هونغ كونغ منذ فترة طويلة، يستخدمون أسماء مستعارة لجذب انتباه الناس إلى ما يقومون به من أعمال، لا إلى شخوصهم؛ وأيضا لأن عدم الكشف عن هويتهم يجنبهم المساءلة القانونية. ولذلك؛ وافقوا على الظهور في مقابلات صحافية شرط استخدام أسمائهم المستعارة فقط.
والكثير من المباني التي بنيت هنا قبل عودة هونغ كونغ للصين عام 1997 بعد الاحتلال البريطاني لها، قد بني مكانها مبان أخرى أكثر ارتفاعا؛ وذلك بسبب ازدحام المدينة بناطحات السحاب، ونظرا لما تمثله المباني القديمة من إغراء اقتصادي بعد تحويلها إلى ناطحات سحاب.
لكن هناك بعض المباني التي استمر وضعها معلقا لسنوات بسبب عدم إتمام عمليات الإخلاء والهدم، وهناك مبان أخرى مثل «مسرح الدولة» الذي بني عام 1952 والذي صوره المستكشفون مؤخرا، فهو مفتوح جزئيا للزوار. على سبيل المثال، فالمساحة الرئيسية لمسرح الدولة تستخدم حاليا صالة للعبة «سنوكر»، وترى جمعية «هونغ كونغ أربكس» مثل هذه المباني أهدافا مقبلة لحملة التطوير الحضري.
وغالبا ما يقضي أعضاء جمعية «هونغ كونغ أربكس» أسابيع في البحث عن أماكن غامضة ومهجورة قبل زيارتها، وبمجرد الدخول إليها يقومون بتوثيق وتدوين كل ما يصادفونه، مثل الصور العائلية، وأفلام الأشعة، وأضرحة الأجداد، وجميعها أشياء لن تسجل في كتب التاريخ.
فوفق لي هو ين، مدير برامج المحافظة على التراث المعماري بجامعة هونغ كونج: «لولا هذه الجماعة من المغامرين الحضريين لكانت جميع هذه المباني اختفت من دون أن يدري أي إنسان ماذا تعني بالنسبة للمجتمع في فترة من الفترات». أضاف، أنه يعتبر أعضاء تلك الجماعة بمثابة «علماء في الأنثروبولوجيا الحضرية».
منحت هيئة الآثار التابعة لحكومة هونغ كونج 114 مبنى ومعلما ثقافيا حق الحماية الدائمة من الإزالة أو تغيير الملامح، وأعدت لائحة شملت نحو 1000 مبنى تاريخي ستشمل قريبا «مسرح الدولة» الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1952.
بيد أن البروفسور لي من أفاد بأن التصنيف الثاني لم يوفر الحماية القانونية من هدم المباني، وأن تصرف مسؤولي هونغ كونغ جاء على عكس ما فعلته جارتهم الآسيوية الغنية سنغافورة التي كانت هي الأخرى مستعمرة بريطانية، حيث منحت حق الحماية لمباني حديثة البناء مثل «مسرح الدولة» بهونغ كونغ.
وتشكلت هذه الجماعة عام 2013 علي يد «غوست» وصديق له استخدم اسم «إيكو دلتا»، والاثنان مخرجا أفلام غير متفرغين، واكتشفا المواقع الأولى لمنظمتهم «هونغ كونغ أربكس» بينما كانا يستكشفان أماكن لتصوير فيلم باسم «إيكو دلتا».
وبعدما حاز مقطع مصور قاما بتصويره عن حطام سفينة على تغطية واسعة في وسائل الإعلام الصينية، بحسب الصديقين، قررا إنشاء صفحة على موقع «فيسبوك» باسم «هونغ كونغ أربكس»، قبل أن يقوما بتحميل أفلامهما على موقع «يوتيوب»، وعلى موقع للمنتديات يحمل اسم «تامبلر بلوغ».
ويقول أعضاء «هونغ كونغ أربكس» إن أفلامهم تأتي بمثابة تعبير مرئي عن الحركة السياسية المحلية التي لقيت دعما في هونغ كونغ؛ إذ أنها تعكس قناعة الكثير من الشباب بأن هوية مدينتهم تختلف عن طبيعة الصين الأم. فالحركة المحلية هي نتاج للحركة الديمقراطية التي عرفت باسم احتجاجات «أوكيوباي سنترال» التي اجتاحت هونغ كونغ عام 2014 لتعكس الخوف السائد بين الكثيرين هنا من أن بكين تمارس القمع ضد مبدأ «بلد واحد بنظامين سياسيين» الذي اتبع عند نقل حكم هونغ كونغ للصين. فهذا المبدأ منح المدينة درجة أعلى من الاستقلال القانوني، والمالي، والسياسي حتى عام 2047.

* خدمة «نيويورك تايمز»



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.