لبنان: دعوات للتنسيق مع دمشق... ومخاوف من اتخاذها ذريعة للتطبيع

تحيي مشروعًا قديمًا أجلّته حكومة ميقاتي... وتقسم الحكومة اللبنانية

لبنان: دعوات للتنسيق مع دمشق... ومخاوف من اتخاذها ذريعة للتطبيع
TT

لبنان: دعوات للتنسيق مع دمشق... ومخاوف من اتخاذها ذريعة للتطبيع

لبنان: دعوات للتنسيق مع دمشق... ومخاوف من اتخاذها ذريعة للتطبيع

أحيت الدعوات الأخيرة للتنسيق بين الحكومة اللبنانية ودمشق لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مشروعًا قديمًا طُرح على طاولة مجلس الوزراء في عهد حكومة الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي، واتخذت الحكومة آنذاك قرارًا بتأجيله على ضوء انقسامات مكوناتها، قبل أن تتجدد الدعوات نفسها بعد تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري.
وانسحبت الانقسامات نفسها بين أركان الحكومة الجديدة، خوفًا من أن تكون قضية اللاجئين التي تعتبر أكثر ملف ضاغط على الحكومة، بوابة لتطبيع العلاقات الرسمية مع النظام السوري، وهو ما ألمح إليه وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستطيع أن أفسر الطروحات الجديدة إلا بهذه الخانة»، داعيًا حزب الله الذي طرح أمينه العام حسن نصر الله القضية أول من أمس، إلى أن «يضمن بنفسه عودة اللاجئين، ويعيدهم إلى المناطق التي يسيطر عليها في سوريا، وأن يقوم بكل ما يلزم لإقناع المشردين من أرضهم بالعودة بمعزل عن الحكومة»، مشددًا على «أننا لا يمكن أن نقوم بأي مسعى لدى النظام لعدم توفر الثقة فيه بأن سيوفر لهؤلاء اللاجئين الأمان والسلام، ولن يقتلهم ويذبحهم في المخيمات».
ورأى المرعبي أن «أسرع طريقة لعودة السوريين هو خروج حزب الله من سوريا ليعود المهجرون إلى مناطقهم التي يسيطر عليها الحزب»، مشيرًا إلى أن إمكانية التنسيق مع النظام السوري غير وارد لسببين، أولهما أننا عضو مؤسس في الأمم المتحدة ونلتزم بمبادئها وأسسها، وعليها أن تقوم هي بالمهمة والإجراءات»، والثاني «إننا شاركنا بكتابة شرعة حقوق الإنسان، وهذا كله يؤكد أنه يستحيل علينا أن نجبر أي سوري على العودة إلا من خلال قناعة بأنه عائد نحو الأمان والسلام وحياته غير مهددة بأي شكل من الأشكال». وقال المرعبي: «الدولة لا يمكن أن تتواصل مع النظام القاتل الذي يدمر مدنه ويقتل شعبه، وهذا أمر يتخطى طاقة أي إنسان أن يتحمل تبعاته الأمنية بالنظر إلى أن سلامة اللاجئين ستكون مهددة»، مشددًا على أن «هذا الأمر لا يمكن لأحد أن يقوم به سوى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول الكبرى من غير التنسيق مع النظام، ونحن لا ثقة لنا أساسًا بالنظام».
وأشار المرعبي إلى أن أعداد النازحين «تتناقص»، لافتًا إلى أن العدد «بات أقل من مليون بعد انخفاضه بنسبة 20 في المائة تقريبًا»، مضيفًا: «هناك 200 ألف نازح خرجوا من لبنان خلال عام ونصف العام، وهذا مؤشر جيد، سواء إذا ذهب جزء منهم إلى سوريا أو إلى أماكن أخرى».
ويشير الرفض القاطع للتنسيق مع النظام من جهة تيار «المستقبل» الذي يمثله المرعبي في الحكومة، إلى انقسام حاد بين أركان الحكومة حول هذا الملف الذي يشجعه «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، بينما يعارضه «المستقبل». ولا تزال تلك المقترحات في إطار المطالب الإعلامية، إذ لم تُطرح على طاولة مجلس الوزراء بتاتًا، كما أنها غير مدرجة على جداول أعمال الحكومة المقبلة، بحسب ما قال وزير البيئة المقرب من عون طارق الخطيب لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن «حل مشكلة اللاجئين فعليًا، وفق المقترحات التي تتحدث عن تنسيق حكومي بين الطرفين، يعبر عن الواقع». ويضيف: «بصرف النظر عن الرغبة السياسية، نحن مضطرون للتنسيق مع دولة لأنه في التعاطي مع ملف اللاجئين، يجب تحديد النازح من غير النازح»، معتبرًا أن هذا المقترح «يتضمن جزءًا كبيرًا من الواقعية والصحة لحل الأزمة».
ومن شأن طرح هذه القضية من مجلس الوزراء، أن يفجّر الحكومة من الداخل، ويعرضها للانقسامات بالنظر إلى التباين بين القوى السياسية المتمثلة في الحكومة حول قضية التنسيق مع النظام السوري. لكن الوزير الخطيب، أكد أن تماسك الحكومة، يمنع انقسامها، قائلاً: «على العكس، كل الأمور تناقش بهدوء وإيجابية على طاولة مجلس الوزراء». وقال: «جميع الأفرقاء لهم مصلحة بتقليص عدد اللاجئين، علمًا أن أحدًا لا يستطيع أن يفرق على وجه الدقة بين النازح وغير النازحين، كون أن هناك غير نازحين سجلوا على أنهم نازحون».
وتبدو المقترحات الجديد، إحياء لمقترح قديم تم تقديمه في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بدأ بمبادرة من الأمانة العامة في المجلس الأعلى اللبناني - السوري بهدف التنسيق لإعادة اللاجئين السوريين، وكانت هناك «جهة لبنانية مكلفة من الحكومة اللبنانية بمتابعة الموضوع»، كما قال مصدر مواكب للمقترح السابق لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن المساعي السابقة «اصطدمت بصعوبات من الجهة اللبنانية ولم نصل إلى نتائج»، نافيًا أن تكون دمشق قد فرضت التنسيق معها لحل أزمة اللاجئين.
وقال المصدر: «حاولت الأمانة العامة أن تجد إطارًا للتنسيق، وكانت الحكومة السورية موافقة على التنسيق معها، لكن الحكومة اللبنانية التي أبدت موافقة مبدئية، وبسبب انقسامات الوزراء فيما بينهم على الملف، طلبت تأجيل الموضوع رغم أن الجهات اللبنانية المكلفة بالتنسيق مع دمشق لحل أزمة اللاجئين، كانت قد قطعت مراحل متقدمة»، مشددًا على أن المساعي في ذلك الوقت «كانت تضم ثلاثة أطراف لحل القضية، هي الحكومتان اللبنانية والسورية وبالتعاون مع المنظمات الدولية».
وأوضح المصدر أن المراحل المتقدمة التي تحدث عنها «هي عبارة عن التوصل إلى صيغة معينة، تتضمن تنسيقًا يشارك فيه الجميع (الحكومتان اللبنانية والسورية والمنظمات الدولية المعنية) بهدف وضع خطة مرحلية لإعادة اللاجئين إلى بلادهم، بعدما اتخذ لبنان آنذاك إجراءات للحد من تدفق اللاجئين إلى لبنان».
تجمد المشروع آنذاك، ولم يُطرح مجددًا في عهد حكومة الرئيس تمام سلام. وبعد تشكيل الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة الرئيس سعد الحريري، تحدث وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول في حديث إذاعي عن ضرورة قيام لجنة وزارية لبنانية سورية مشتركة للتنسيق حول إعادة اللاجئين، قبل أن يعلن أمين عام حزب الله حسن نصر الله أول من أمس، استعداده ليقوم بوساطة لتسهيل إعادة اللاجئين، داعيًا في الوقت نفسه الحكومة اللبنانية «لتقرر وتدرس جديًا كيف تجري اتصالاً رسميًا مع الحكومة السورية» من أجل «وضع خطة واحدة لأن هذا أمر لا يمكن أن يعالجه لبنان وحده».
ويرى الكاتب والمحلل السياسي راشد فايد أن المطالبة بالتنسيق مع النظام السوري لحل أزمة اللاجئين «هو مطلب حق يُراد به باطل»، موضحًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأنه «يُراد منه الدخول بحوار مع النظام السوري». ويستطرد قائلاً: «لبنان يجب أن يلتزم بالقرارات الدولية»، لافتًا إلى الجهود الدولية الساعية لإيجاد حل للأزمة السورية يأخذ برأي المعارضة السورية، ويضيف: «حين ينشأ الوضع يكون لبنان عندئذ ملزمًا بالتعاطي مع الحكومة السورية الجديدة التي تتمخض عن الحل السياسي». ويؤكد فايد أن أزمة اللاجئين «تبلغ من العمر 6 سنوات، فلا ضرورة للتعجيل بالأمر الآن. حين تتشكل حكومة انتقالية في سوريا تتمخض عن الحل السياسي في سوريا، عندها لبنان يستطيع أن يتواصل مع الحكومة السورية المنبثقة عن تلك الجهود الدولية». كما يستبعد فايد أن يكون تيار المستقبل مستعجلاً لحل أزمة اللاجئين عبر هذه الآلية.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.