غوتيريس: عرقلة تعيين فياض خسارة لليبيا... و«جنيف» يمهد لعملية انتقالية في سوريا

الأمين العام للأمم المتحدة قال في «قمة دبي» إن ثقة العالم في المنظمات الأممية اهتزت

غوتيريس وصحافية «سي إن إن» بيكي أندرسون قبل بدء الجلسة الحوارية الرئيسية في اليوم الثاني من قمة الحكومات بدبي أمس (أ.ف.ب)
غوتيريس وصحافية «سي إن إن» بيكي أندرسون قبل بدء الجلسة الحوارية الرئيسية في اليوم الثاني من قمة الحكومات بدبي أمس (أ.ف.ب)
TT

غوتيريس: عرقلة تعيين فياض خسارة لليبيا... و«جنيف» يمهد لعملية انتقالية في سوريا

غوتيريس وصحافية «سي إن إن» بيكي أندرسون قبل بدء الجلسة الحوارية الرئيسية في اليوم الثاني من قمة الحكومات بدبي أمس (أ.ف.ب)
غوتيريس وصحافية «سي إن إن» بيكي أندرسون قبل بدء الجلسة الحوارية الرئيسية في اليوم الثاني من قمة الحكومات بدبي أمس (أ.ف.ب)

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس أمس عن «أسفه الشديد» لعرقلة الولايات المتحدة تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض مبعوثًا للمنظمة في ليبيا، معتبرًا أن هذا الأمر يمثل «خسارة» لعملية السلام في هذا البلد.
وقال غوتيريس، في اليوم الثاني من أعمال مؤتمر «القمة العالمية للحكومات» المنعقد في دبي: «آسف بشدة لهذا الموقف ولا أرى أي مبرر له»، مضيفًا أن اختياره فياض لشغل منصب مبعوث أممي لدى ليبيا «جاء بناء على القدرات التي يملكها». ورأى أن القضية الليبية تحتاج إلى مبعوث يحمل القدرات نفسها رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، حيث إنه الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب». واعتبر أن عدم تعيينه يعد «خسارة بالنسبة لعملية السلام الليبية وللشعب الليبي». وشدد على ضرورة أن تعمل الأمم المتحدة بطريقة محايدة وأن تتعاطى مع الأمور بناء على واقع المشكلة وما نحتاج إليه لتخطي تلك المشكلة».
وكان غوتيريس قد أبلغ مجلس الأمن الدولي الأربعاء الماضي عزمه تعيين فياض مبعوثًا إلى ليبيا خلفًا للألماني مارتن كوبلر، وحدد موعد الجمعة للدول الأعضاء لكي ترفع اعتراضاتها. وقال دبلوماسيون إنهم كانوا يتوقعون الموافقة على التعيين، لكن السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي قررت معارضته. وقالت هالي في بيان: «منذ فترة طويلة جدًا، كانت الأمم المتحدة منحازة إلى السلطة الفلسطينية بشكل غير عادل، على حساب حلفائنا في إسرائيل»، معربة عن «خيبة أملها» إزاء تسمية فياض. وأوضحت في بيان أن الولايات المتحدة «لا تؤيد الإشارة التي يوجهها هذا التعيين للأمم المتحدة».
من جهته، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد الماضي بعرقلة تعيين فياض، معتبرًا أن الموقف الأميركي يمثل ردًا على «هدايا مجانية» تمنح «للطرف الفلسطيني»، بحسب قوله. وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية من جهتها إلى إمكانية قبول إسرائيل بتعيين فياض مقابل تسمية وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني في منصب نائب الأمين العام.
وشغل فياض (64 عامًا) منصب رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية من 2007 حتى 2013، وشغل أيضًا منصب وزير المال مرتين. وقد نددت أطراف فلسطينية مختلفة بما وصفته بأنه «تمييز صارخ» بعد القرار الأميركي عرقلة تعيين فياض.
ويحتاج قرار تعيين مبعوث إلى منطقة نزاع من قبل الأمين العام للأمم المتحدة إلى موافقة الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن الدولي. وكان هذا أول عملية تعيين للأمين العام لمبعوث إلى منطقة نزاع منذ توليه منصبه خلفًا لبان كي مون في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي.
كما تحدث غوتيريس عن الجولة المقبلة لمحادثات السلام في سوريا بوساطة الأمم المتحدة في 20 فبراير (شباط) الحالي في جنيف، وقال: «لا يوجد حل للشعب السوري دون حل شامل يشعر من خلاله جميع السوريين أنهم ممثلون بشكل جيد». وأكد أن محادثات جنيف هي «خطوة أولى لتقدم جدي في التوصل إلى عملية انتقال تسمح بحل سياسي يشعر معه السوريون بأنهم ممثلون». وشدد على ضرورة أن يكون وقف إطلاق النار في سوريا مستدامًا. وكانت المعارضة السورية قد أعلنت الأحد الماضي عن وفد من 21 عضوًا للمشاركة في جولة المحادثات الجديدة، يشمل الكثير من ممثلي الفصائل المسلحة. كما سيشارك ممثلون عن الحكومة السورية في الاجتماع.
وتطرق غوتيريس، من جهة أخرى، إلى تراجع ثقة الشعوب في الحكومات والهيئات الدولية وضمنها الأمم المتحدة بسبب تنامي الصراعات وتراجع مستويات التنمية وتعميق التفاوت في المداخيل وتركيز الثروات. وقال إن العولمة أصبحت محط نقاش واستقطاب دولي وإنها جاءت بكثير من التحولات العلمية الكبيرة، لكنها ساهمت في تعزيز التفاوت بين الدول الفقيرة والغنية وكشفت تنامي الشعور بالعداء للأجانب في ظل تدفق اللاجئين السوريين نحو أوروبا. وشدد على ضرورة إشراك المجتمع في صنع السياسات والقرارات، معتبرًا أن الحوكمة بحاجة إلى إعادة تأهيل من حيث الفاعلية والأدوات لترميم ما لحق بالحكومات والمؤسسات الدولية من ضرر.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة: «العالم اليوم متعدد الأطراف والأقطاب، والصراعات تزداد بين مراكز التحالفات الدولية وتمنح مبررًا لقوى الإرهاب والتطرف». وشدد غوتيريس على أهمية وضع الحلول للقضايا العالقة بين الدول كمقدمة لعصر جديد يليق بالأجيال القادمة. وأكد أن مواجهة القضايا الراهنة لا يمكن أن تتم من دون تعاون وتنسيق بين الحكومات والهيئات الدولية ومن دون دعم الشعوب لتلك الجهود.
ولفت الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن الثقة العالمية في مجلس الأمن الدولي مهزوزة، فالناس يشعرون أن مجلس الأمن لا يزال يعكس الواقع الذي كان عليه العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وأن ذلك لا علاقة له بالواقع الحالي. وأضاف: «لذا يتعين علينا تحديد مسارات واضحة يكون من نتائجها استعادة الثقة بهذه المؤسسة الدولية الهامة، وفي مقدمتها تحديد استراتيجية للسلام تكون أكثر فاعلية في التعاطي مع القضايا الراهنة». واقترح أن تأخذ تلك الاستراتيجية في الاعتبار أهداف التنمية المستدامة للألفية الثالثة التي «تعد الطريق الأقصر للسلم العالمي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.