حفل «غرامي»... تكريم لعمالقة الموسيقى لم تغب عنه السجالات

حصة الأسد لأديل فنيًا... ولترمب سياسيًا

المغنية الأميركية جوي فيلا اختارت ارتداء فستان يحمل  شعار حملة ترمب في حفل توزيع الجوائز أول من أمس (أ.ب)
المغنية الأميركية جوي فيلا اختارت ارتداء فستان يحمل شعار حملة ترمب في حفل توزيع الجوائز أول من أمس (أ.ب)
TT

حفل «غرامي»... تكريم لعمالقة الموسيقى لم تغب عنه السجالات

المغنية الأميركية جوي فيلا اختارت ارتداء فستان يحمل  شعار حملة ترمب في حفل توزيع الجوائز أول من أمس (أ.ب)
المغنية الأميركية جوي فيلا اختارت ارتداء فستان يحمل شعار حملة ترمب في حفل توزيع الجوائز أول من أمس (أ.ب)

رغم عدم حضور الرئيس الأميركي، دونالد ترمب حفل توزيع جوائز «غرامي» للموسيقى مساء أول من أمس في لوس أنجليس، فإن مقدمي عروض الحفل خاطبوه عدة مرات أثناء الحفل. إذ بدأ مقدم الحفل، الممثل والكوميدي البريطاني جيمس كوردن، المراسم التي تمت إذاعتها تلفزيونيا، بتقديم عرض راب كوميدي تضمن اعترافا قاتما بالتغيير السياسي الذي يدور في ذهن الجميع.
وقال في ظل تأوهات بعض الحضور واستحسان البعض الآخر: «فلتستمتعوا جميعا؛ لأن هذا هو الأفضل، ومع الرئيس ترمب لا ندري ما الذي سوف يحدث في المستقبل»، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية.
وبعد ذلك بدقائق، ومع تقديم جائزة «أفضل فنان في العام»، دعت الفنانة جنيفر لوبيز الفنانين للتحدث، حيث قالت: «عند هذه النقطة تحديدا في التاريخ، هناك حاجة إلى أصواتنا أكثر من أي وقت مضى».
وقالت لوبيز مستشهدة بقول الشاعرة الأميركية، توني موريسون: «هذا بالضبط هو الوقت الذي يعمل فيه الفنانون».
من ناحية أخرى، صعدت نجمة البوب الشابة، كاتي بيري، إلى خشبة المسرح لتقديم أغنية «chained to the rhythm»، حيث كانت ترتدي حلة نسائية بيضاء، مستوحاة من هيلاري كلينتون، وشارة يد كُتب عليها بالترتر الوردي: «استمر»، في تحية لإليزابيث وارن، عضوة مجلس الشيوخ الأميركي.
من ناحية أخرى، ألقى نيل بورتناو رئيس الأكاديمية الوطنية للتسجيلات - التي تدير جوائز «غرامي» - خطابه التقليدي في الحفل، والذي كان سياسيا على نحو غير عادي، حيث دعا الرئيس والكونغرس الأميركي إلى «مواصلة الاهتمام بالموسيقى» وحماية الموسيقى والفنون.
وبدا أن الخطاب يعتبر ردا على التقارير التي أفادت بأن ترمب يعتزم إلغاء الصندوق الوطني للفنون، الممول اتحاديا.
وجاء أقوى احتجاج سياسي مباشر أثناء الحفل من مغنيي الراب: «إيه ترايب كولد كويست» و«باستا رايمز»، اللذين قدما عرضا إلى جانب الفنان أندرسون باك.
وفي واحد من العروض الأخيرة أثناء الحفل المذاع تلفزيونيا، قدم الراقصون مهاجرين إلى الولايات المتحدة يخترقون جدارا على خشبة المسرح، أثناء أغنية «نحن الشعب».
ولكن حتى في صناعة الموسيقى، هناك الرأي والرأي الآخر. فقد ظهرت المغنية الأميركية جوي فيلا على السجادة الحمراء قبل بدء مراسم الحفل، حيث كانت ترتدي ثوبا أزرق كتب عليه اسم ترمب وشعار حملته الانتخابية: «اجعلوا أميركا عظيمة من جديد».
وكتبت على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «يتعين عليك أحيانا أن تكون حرا في التعبير عن نفسك».
وبعيدا عن التلميحات السياسية، وبالعودة إلى جوهر الحفل، وهو تكريم المغنين والفنانين المميزين، اكتسحت النجمة البريطانية أديل حفل جوائز «غرامي» الموسيقية أول من أمس الأحد، ففازت بأكبر 3 جوائز، وهي أفضل ألبوم، وأفضل أغنية مسجلة، وأغنية العام، وحققت انتصارا تاريخيا مفاجئا على المغنية الأميركية بيونسيه، وفقا لوكالة «رويترز» للأنباء.
وفازت أديل (28 عاما) بجوائز «غرامي» الخمس التي رشحت لها، بما في ذلك عن ألبومها «25» وأغنيتها الناجحة «هالو». وأصبحت بذلك أول فنان يفوز بالجوائز الثلاث الكبرى مرتين في تاريخ «غرامي» بعد أن فازت بها في 2012 عن ألبومها «21».
كانت بيونسيه (35 عاما) قادت ترشيحات «غرامي» بتسع جوائز عن ألبومها الناجح «ليمونيد» الذي يتناول قضايا العرق والمساواة بين الجنسين والخيانة، لكنها فازت بجائزتين فقط أول من أمس، ما أحبط آمالها في الفوز بجائزة «غرامي» لأفضل ألبوم في العام، للمرة الأولى في تاريخها.
وبدت أديل التي حصدت خلال مسيرتها الفنية 15 جائزة «غرامي» في المجمل مذهولة، وقالت للصحافيين خلف الكواليس إنها تشعر بأن «هذا هو وقتها (بيونسيه) لتفوز».
وقالت أديل لبيونسيه لدى تسلمها الجائزة: «ملكتي ومحبوبتي هي الملكة بي. أعشقك»، وأضافت: «لا يسعني قبول هذه الجائزة وأشعر بالتواضع الشديد والامتنان، لكن فنانة حياتي هي بيونسيه. وهذا الألبوم بالنسبة لي - ألبوم ليمونيد - عمل ضخم».
وحازت بيونسيه وأديل أيضا على أكثر التعليقات عما قالتاه أثناء الحفل. وفي أول ظهور لها منذ إعلانها المفاجئ قبل 12 يوما أنها في انتظار ميلاد توأمين، ارتدت بيونسيه ثوبا ذهبيا لامعا شفافا، وغنت مزيجا من الأغاني الراقصة العاطفية مثل «لوف دروت» و«ساندكاسلز».
وبعد ذلك بلحظات أوقفت أديل العرض حرفيا، بعدما أخطأت في بداية كلمة ألقتها عن المغني البريطاني الراحل جورج مايكل. وقالت: «آسفة. أعلم أن هذا بث تلفزيوني مباشر». وتوقفت عن غناء «فاست لوف» لمايكل، وطلبت أن تبدأ الأغنية من جديد قائلة: «لا يمكنني أن أفسد له هذا الأمر».
وقدمت فرقة «ذا تايم» والمغني برونو مارس، عروضا بعد ذلك للاحتفاء بالمسيرة الفنية لمغني الروك الأميركي الراحل برنس.
كما فاز نجم الروك الراحل ديفيد بوي، بأربع جوائز «غرامي» بعد وفاته، عن ألبوم «بلاكستار»، وهو آخر ألبوماته. كما فاز مغني الراب تشانس ذا رابر، بأول جائزة له على الإطلاق من جوائز «غرامي»، كأفضل أداء في فئة الراب.
وحصل بوي على 4 جوائز عن ألبوم «بلاكستار» لتصبح هذه أول جوائز «غرامي» يفوز بها مغن بريطاني لم يفز في حياته بالجائزة عن ألبوم أو أغنية فردية. وأطلق الألبوم قبل أيام فقط من وفاة بوي بمرض السرطان في يناير (كانون الثاني) 2016. ووصف دوني مكاسلين زميل بوي في الفريق والذي تسلم جائزة فئة الروك عن بوي المغني بأنه «عبقري فني وكان خفيف الظل جدا».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».