حضارات ما قبل الميلاد في موقع جرش الأثري بجنوب السعودية

لها دور تجاري كبير بربط جنوب الجزيرة العربية بشمالها

الأمير سلطان بن سلمان يتفقد أعمال التنقيب في موقع جرش بعسير
الأمير سلطان بن سلمان يتفقد أعمال التنقيب في موقع جرش بعسير
TT

حضارات ما قبل الميلاد في موقع جرش الأثري بجنوب السعودية

الأمير سلطان بن سلمان يتفقد أعمال التنقيب في موقع جرش بعسير
الأمير سلطان بن سلمان يتفقد أعمال التنقيب في موقع جرش بعسير

يعد موقع جرش الأثري (جنوب السعودية)، من المواقع التي حظيت باهتمام علماء الآثار في البلاد، نظرًا لما أظهرته البحوث والاكتشافات الأثرية الأخيرة من معثورات أثرية لحضارات قديمة، وهو يمثل مرحلة ما قبل الميلاد، واستمر الاستيطان فيه إلى الفترة الإسلامية، حيث يتزامن مع موقع الأخدود بنجران، وهو موقع تجاري وصناعي واقتصادي قدم خدمة كبيرة لتجارة العبور التي كانت تمر بالشرق عبر طريق التجارة القديم.
وتعود الحضارات المكتشفة في موقع جرش الأثري لفترة ما قبل الميلاد، وازدهر الاستيطان فيه خلال القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن الأول الميلادي، حيث استمر الاستيطان خلال الفترات اللاحقة في وسط الموقع.
وبحسب الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في السعودية، أظهرت الكشوفات الأثرية دلائل لاستيطان بشري في شمال ووسط الموقع خلال بداية العصر الإسلامي والفترة العباسية، حيث إن للموقع دلالاته الحضارية، حيث يرمز إلى النماء والقوة، وهو يمثل رمز مدينة جرش في تلك الفترة، ومن حيث دلالاته اللغوية، فلم تظهر لفظة أسد في أي من النقوش، ولكن ورد لأول مرة في نقوش المسند في هذا النقش، حيث يرد في غيره من النقوش باسم «لبؤ»، وحيث كان لمدينة جُرش الدور الحضاري الكبير في خدمة التجارة لوقوعها على الطرق التجارية الرئيسية بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها، واشتهرت جرش بحرفة صناعة الأدم (دباغة الجلود).
وتقع مدينة جُرش الأثرية بين موقع جبل حمومة الأثري وجبل شكر بمحافظة أحد رفيدة (15 كيلومترًا جنوب منطقة عسير)، تفصل عن محافظة خميس مشيط، ومركز الشعف بينها وبين مدينة أبها، وتحدها محافظة خميس مشيط من الشمال، ومن الغرب والجنوب الشعف، ومن الجنوب الشرقي محافظة سراة عبيدة وكذلك من الشرق.
ويتصف الموقع بأنه مستطيل الشكل، وتمتد على طول الموقع من الجنوب إلى الشمال تلال أثرية، تتركز كثافتها في المنتصف، وفي الجهة الشرقية توجد بالموقع جدران ذات صخور مشذبة وكبيرة الحجم، يصل طولها إلى 80 سم وعرضها إلى 60 سم، وتشابه ضخامة الجدران بالموقع وأسلوب بنائها لما هو موجود في موقع الأخدود بمنطقة نجران.
وذكرت معاجم اللغة أن كلمة «جُرش» تشير إلى جرش الشيء بدقّه فلا ينعم الدق، وبالتالي يسمى جريشًا، ويقال: جرش الملح والحب جرشًا، أي لم ينعم طحنه ودقّه، وبهذا سميت المنطقة بهذا الاسم.
وبرز في موقع جرش الأثري من خلال الأعمال الميدانية التي تقوم بها فرق من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، لسبعة مواسم، كثير من الظواهر الأثرية، منها حصن جرش، والكشف عن أساسات لمسجدين؛ مسجد كبير مبني فوق مسجد أسفل منه، ويعودان لفترة إسلامية مبكرة أساساتهما من طوب الآجر، بنيا فوق أساسات الحصن الذي يعود لفترة ما قبل الإسلام.
كما تنوعت المعثورات الأثرية بين الأواني الزجاجية والمصنوعات الحجرية، وأوانٍ فخارية من فترة ما قبل الإسلام، إضافة إلى نقش على صخرة لأسد وثور مكتوب أسفل منهما بخط المسند، حيث نُفّذ هذا الرسم بالحفر البارز، ويرمز إلى النماء والقوة التي كانت تتمتع بهما مدينة جرش آنذاك.
كما عثر الفريق في الطبقات السفلى من الموقع على أجزاء من أوانٍ فخارية على أشكال مختلفة تمثل جرارًا وطاسات وأكوابًا متوسطة الحجم صنعت جميعها من عجينة لونها أحمر إلى أحمر فاتح أو بني، مسامية، صلبة ويظهر على بعضها طلاء بالمغرة الحمراء، وجاءت الزخارف إما مصبعة أو حزوز أو منقطة أو خطوط متموجة، كما توجد زخارف هندسية تمثل مثلثات أو دوائر، وبعضها على هيئة شبكية، أما الصناعة، فقد تمت بواسطة عجلة الفخراني (الدولاب)، وتشابه ما عثر عليه في موقع الأخدود بنجران من حيث لون العجينة والزخرفة.
وتم العثور في الموقع أيضًا على فخار الفترة الإسلامية في الأجزاء الشمالية الشرقية والوسطى من الموقع على عدد من القدور الفخارية الخاصة بالطبخ وطاسات الشرب، إلى جانب الفخار المزجج، حيث عثر على أنواع مختلفة من الأواني المزججة باللون الأزرق التركوازي أو الأبيض، صنعت من عجينة لونها برتقالي فاتح أو أصفر تخالطها أجزاء بسيطة من الحجر الرملي والقش، وهي صلبة، وجاءت الزخرفة على أسطحها الداخلية والخارجية على هيئة شبكية أو أشكال حيوانية كالأسماك، أو نباتية نُفّذ بعضها على أواني الخزف ذي البريق المعدني.
كما عثر على فخار تعود إلى الفترة الإسلامية المتأخرة في الأجزاء الجنوبية من الموقع، وجاء فخار هذه الفترة عبارة عن قدور طبخ وطاسات ومواقد للطبخ (تنور)، كما عثر على كسر مختلفة ومتنوعة من الحجر الصابوني تمثل أجزاء من أواني قدور ومسارج وأدوات صغيرة ودقيقة، بعضها مربع الشكل وبعضها دائري، على بعضها زخارف هندسية غائرة.
وعثر على كسر من أوانٍ زجاجية مختلفة في أحجامها وألوانها بين الأخضر الفاتح والأبيض الرمادي والأزرق، اتضح بعد ترميمها أنها عبارة عن إناء كروي مفلطح ذي قاعدة مقعرة إلى الداخل، وله عنق طويل مع حافة بارزة للخارج، كما تم ترميم أجزاء من إناء آخر ذي فوهة واسعة عمودية على البدن، وله قاعدة مقعرة إلى الداخل، وهناك أجزاء من قواعد لأوانٍ زجاجية صغيرة، كما يوجد بعض الكسر عليها زخارف هندسية ورسومات متنوعة.
وعثر في الموقع على قطع قليلة من البرونز تمثل مسامير وقطع لحام أوانٍ، ومن أهم هذه المعثورات قطعة عملة غير واضحة، ويبدو أنها تأثرت بالعوامل الجوية في المنطقة، مما أدى إلى فقدان المعلومات التي عليها.
كما عثر على عدد من الرحى متوسطة الحجم بشقيها الأسفل والأعلى وجدت على جوانب المواقد، وأجزاء من مساحن مختلفة الأشكال والأحجام نحتت من الحجر الرملي، إضافة إلى عدد من أيدي السحن.
وفي الجدار الغربي لحصن جرش المبني من حجارة منتظمة الشكل ومهذبة تهذيبًا جيدًا عثر على رسم ونقوش بالقلم المسند بأحد الأحجار، حيث يظهر في الجانب الأيمن من الحجر رسم لثور وهو في صراع مع أسد، أما الكتابات المرافقة للرسم فقد جاءت كاسم للثور تحت رسمه «ثورن نعمن»، وتحت رسم الأسد تظهر الكتابة «أسدن قلعن» وهو اسم الأسد، وجميع هذه الكتابات جاءت بارزة وكتبت بالقلم المسند الجنوبي.

... اشتهرت «جرش» بصناعة الدبابة والمنجنيق
دخلت جُرش الإسلام في السنة العاشرة من الهجرة، واستمر عطاؤها الحضاري، حيث اشتهرت بصناعة الدبابة والمنجنيق وزادها شهرة صناعة الأُدم، ويبدو أن المدينة بدأت تفقد وهجها الحضاري ابتداء من القرن الخامس الهجري.
وتجري الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني حاليًا أعمال تأهيل لموقع جرش الأثري، ليكون أول موقع أثري مفتوح للزيارة، حيث تمت ترسية إنشاء مشروع مركز الزوار بمبلغ 32 مليون ريال (8.5 مليون دولار)، يضم صالات متعددة، إحداها لعرض المقتنيات الأثرية بالموقع، وأخرى خاصة بعرض الأفلام الوثائقية عن الموقع، بالإضافة إلى صالة انتظار للزوار، ومقهى لخدمة الزوار، وإدارة المركز، إضافة إلى تنفيذ مشروع تسوير الموقع واستبدال السور الحديث بالقديم، للمحافظة على الموقع.
وتعمل حاليًا بإشراف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني 32 بعثة وفريقًا علميًا متخصصًا في البحث والتنقيب الأثري، يضم إلى جانب العلماء السعوديين علماء متخصصين من أرقى جامعات العالم وأعرق المراكز البحثية من دول عدة، منها فرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا، واليابان، وبلجيكا، وبولندا، وفنلندا، وهولندا، والنمسا، وغيرها أخرى مقبلة.
وكشفت أعمال هذه البعثات العلمية للتنقيب عن الآثار في السعودية عن نتائج بالغة الأهمية لتاريخ المملكة والجزيرة العربية والتاريخ الإنساني.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».