مدينة القيروان تنظم ملتقى تونس الدولي للإبداع والسياحة الثقافية

رئيس الملتقى: التظاهرة عبارة عن فسحة في الهواء الطلق

مدينة القيروان تنظم ملتقى تونس الدولي للإبداع والسياحة الثقافية
TT

مدينة القيروان تنظم ملتقى تونس الدولي للإبداع والسياحة الثقافية

مدينة القيروان تنظم ملتقى تونس الدولي للإبداع والسياحة الثقافية

عاشت مدينة القيروان التونسية على وقع فعاليات «ملتقى تونس الدولي للإبداع والسياحة الثقافية»، الذي انطلق يوم 24 أبريل (نيسان) ويختتم أعماله اليوم الأحد. وشاركت في الدورة الأولى من هذه التظاهرة أسماء إعلامية وأدبية مهمة من عدة أقطار عربية وأجنبية نذكر منها الجزائر وليبيا والأردن وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وإنجلترا ورومانيا وكندا والهند. وتضمن البرنامج كثيرا من الندوات من بينها ندوة حول «السياحة الثقافية في الوسط الغربي»، وأخرى حول «الحكمة القيروانية وإشعاعها الدولي»، إلى جانب قراءات شعرية وعروض فرجوية ذات طابع فولكلوري.
وتأتي هذه التظاهرة الدولية للنهوض بالقطاع السياحي والتعرف على معالم السياحة الثقافية في مدينة القيروان والمدن المجاورة لها التي تمثل مجتمعة مسلكا سياحيا على غاية من الأهمية.
فالمنطقة على حد تعبير عادل الجريدي، رئيس ملتقى تونس الدولي للإبداع والسياحة الثقافية تمثل نموذجا فريدا للتنوع الثقافي والاجتماعي، فهي تجمع المدينة العتيقة في القيروان بمعالمها الكثيرة ومن بينها جامع عقبة بن نافع أحد أقدم الجوامع في تونس وفسقية الأغالبة، ذات التصميم العلمي العجيب، ومقام الصحابي الجليل أبو زمعة البلوي، المعروف لدى سكان مدينة القيروان وزوار المقام باسم «سيدي الصحبي»، بالإضافة إلى طبيعة الحياة في القيروان المميزة بصناعة الزربية القيروانية التي قل وجودها في غير القيروان، والمقروض (نوع من أنواع المرطبات) القيرواني الشهير.
وتستقبل مدينة القيروان قرابة 180 ألف سائح في السنة إلا أنها تعتبر منطقة عبور، فالسائح لا يقضي إلا معدل 1.9 يوم في المدينة وهو معدل ضعيف بالمقارنة مع بقية المناطق السياحية القريبة من القيروان، كما تؤكد ذلك سلوى القادري المسؤولة عن القطاع السياحي في مدينة القيروان.
وبشأن برنامج الزيارات الموجهة لضيوف الملتقى الدولي، يضيف الجريدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن القائمة طويلة وهي تشمل على وجه الخصوص قصر الجم، وهو قصر روماني من أضخم القصور التي لا تزال صامدة أمام الزمن، ومدينة سوسة المطلة على البحر برباطها التاريخي ومتحفها الذي يزخر بكثير من تاريخ المنطقة، بالإضافة إلى قصر «لمسة» بمدينة الوسلاتية القريبة من مدينة القيروان.
ويؤكد الجريدي على كثرة المعالم الأثرية والمناظر الطبيعية الخلابة التي اطلع ضيوف الملتقى على تفاصيلها في مدينة الوسلاتية عبر زيارة بالقطار السياحي لعين جلولة، والاطلاع عن كثب على الشلالات، وزيارة قصر الباي إلى جانب تنظيم جولة استكشافية لمجموعة من مغاور الوسلاتية. ويؤكد أن الملتقى عبارة عن «فسحة في الهواء الطلق بعيدا عن ضغوط المدينة ومشكلات السياسة»، على حد تعبيره.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».