مهرجان الطبول في مصر يبعث برسالة سلام للعالم

شاركت فيه 21 دولة في أهم المناطق السياحية

فرقة سيريلانكا المشاركة بالمهرجان
فرقة سيريلانكا المشاركة بالمهرجان
TT

مهرجان الطبول في مصر يبعث برسالة سلام للعالم

فرقة سيريلانكا المشاركة بالمهرجان
فرقة سيريلانكا المشاركة بالمهرجان

اختتم مهرجان الطبول في مصر فعالياته التي شاركت فيها 21 دولة في أهم المناطق السياحية في البلاد، في محاولة من جانب السلطات لإرسال رسالة للعالم عن تغير الأوضاع في مصر إلى الأفضل بعد نحو ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية التي كبدت البلاد مليارات الدولارات، خصوصا في قطاع السياحة.
وعلى مدار أكثر من أسبوع نظمت وزارات السياحة والثقافة والآثار في مصر مهرجانا دوليا للطبول والفنون التراثية في قلب القاهرة التاريخية، وفي عدة مواقع أثرية منها «سفح أهرامات الجيزة وقلعة صلاح الدين الأيوبي وسط حضور قوي للكثير من الجاليات العربية والأجنبية والسفراء العرب الذين حرصوا على تلبية الدعوة التي تهدف في المقام الأول لتنشيط السياحة الداخلية المصرية وعودة قطاعها للانتعاش من جديد.
وداخل منطقة مسرح الصوت والضوء بأهرامات الجيزة انتشرت الفرق الفنية الشعبية من مختلف بلدان العالم، مرتدين الزي الوطني الخاص بكل منهم، حاملين الطبول والدفوف والأعلام الوطنية التي شكلت لوحة فنية بديعة.
ويقول عمرو العزبي، مستشار وزير السياحة لـ«الشرق الأوسط» إن «لهذا المهرجان أهمية خاصة وأنا أعتبره من أهم المهرجانات التي تقام في مصر والعالم العربي وأعتقد أنه سيحظى بمكانة عالمية ويصبح من أهم المهرجانات على مستوى العالم خلال الأعوام المقبلة، ذلك أنه بخلاف تعبيره عن الفنون المصرية الأصيلة هو يخاطب أيضا شعوبا كثيرة ومتعددة، من خلال لغة الطبول التي عرفتها الإنسانية منذ قديم الأزل، وبشكل خاص الدول الأفريقية التي تتخذ من الطبول والإيقاعات الموسيقية موروثا ثقافيا وحضاريا لها». ويضيف أن «هذه المهرجانات عموما أصبحت لغة شعوب ورسالة سلام من أرض السلام كما أن هذا التوقيت يعد الأمثل لإنعاش قطاع السياحة من جديد».
وشارك في مهرجان الطبول والفنون التراثية 31 فرقة شعبية من 21 دولة عربية وأجنبية منها سويسرا والأردن، والجزائر ونيجيريا والهند وجنوب السودان، بالإضافة إلى الصين والسعودية ضيفا شرف الدورة، إلى جانب مصر التي يمثلها عشر فرق مصرية منها «الطبول النوبية» و«الآلات الشعبية» و«توشكى للفنون الشعبية التلقائية» و«العريش للفنون الشعبية» وغيرها، حيث قدموا عددا من العروض الفنية التراثية خلال المهرجان، متمثلة في رياضة التحطيب والرقص الشعبي المصاحب لموسيقي الناي والمزمار وبعض الأغاني المصرية التراثية القديمة. وتنافست باقي الفرق من الدول الأخرى في عرض موروثاتها الحضارية والثقافية على دقات الطبول والإيقاعات الموسيقية وسط تصفيق وإعجاب من الحضور الجماهيري الكبير، خاصة عند سفح الأهرامات وعلى مسرح بئر يوسف بقلعة صلاح الدين الأيوبي ومسرح الميدان بدار الأوبرا ومسرح قصر ثقافة بنها بالإضافة إلى مسرح الطفل وحديقة الأندلس وغيرها.
ومن جانبه أكد وزير الثقافة، محمد صابر عرب، على أن الفنون لغة إنسانية يعبر فيها كل شعب عن ثقافته وموروثه الحضاري والإنساني، مؤكدا على تفاؤله بمستقبل الثقافة في مصر ويقينه بأن المجال الثقافي سيكون الرهان على استعادة روح المصريين وقوتهم الناعمة من خلال الإبداع في المرحلة القادمة في مجالات الموسيقى والفنون التشكيلية والسينما والمسرح. وأضاف، موجها كلمته للمشاركين في المهرجان: «مصر ستستعيد قوتها وعافيتها عقب انتخاب رئيس الجمهورية والبرلمان الجديدين».
وعلى هامش المهرجان يستمر معرض لعرض المنتجات الحرفية بمنطقة القلعة ويشارك فيه عدة دول لإنعاش حركتي البيع والشراء وقطاع السياحة من جديد، وهو ما يؤكده جمال طاهر، أحد المشاركين في المعرض ويبيع منتجات الخزف والفخار المصرية المصنعة يدويا، ويقول: «نحن كتجار ومصنعين حرفيين نعتبر هذا المهرجان وأمثاله من المهرجانات الأخرى فرصة كبيرة وموسما لاستعادة نشاط حركة البيع والشراء المتوقفة منذ مدة، ولا شك أن هذه المهرجانات تساعد في إنعاش السياحة وزيادة أعداد الأفواج الوافدة، وذلك لتأكدها بأن الوضع الأمني في البلاد أكثر استقرارا من السابق.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».