مولاي رشيد يترأس افتتاح المعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء

الدورة الـ23 تحتفي بالمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا

الأمير مولاي رشيد خلال افتتاح المعرض الدولي ({الشرق الأوسط})
الأمير مولاي رشيد خلال افتتاح المعرض الدولي ({الشرق الأوسط})
TT

مولاي رشيد يترأس افتتاح المعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء

الأمير مولاي رشيد خلال افتتاح المعرض الدولي ({الشرق الأوسط})
الأمير مولاي رشيد خلال افتتاح المعرض الدولي ({الشرق الأوسط})

ترأس الأمير مولاي رشيد، مساء أول من أمس، افتتاح الدورة الثالثة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، المنظم تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، حتى 19 فبراير (شباط) الحالي.
وقام الأمير مولاي رشيد، بهذه المناسبة، بجولة في المعرض، حيث زار عدة أروقة، بينها الرواق الخاص بالمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا، ضيف شرف هذه الدورة، فضلاً عن أروقة وزارة الثقافة المغربية، ومجموعة مكتبة المدارس، والناشرين الجزائريين، والمعهد الفرنسي، وأميركا اللاتينية، ومعهد «سرفانتيس»، والرابطة المحمدية للعلماء، والمملكة العربية السعودية، ودار أميركا، ومكتبة الإسكندرية، وكتب الصين، ووكالة الجنوب، ودار النشر «ملتقى الطرق».
وتتميز دورة هذه السنة من معرض الدار البيضاء، المنظم من طرف وزارة الثقافة، بمشاركة 54 بلدًا، فيما يستضيف 11 وزير ثقافة أفريقيًا، و40 ناشرًا وكاتبًا.
وتضم المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا 10 دول، هي الغابون، وأنغولا، والكاميرون، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وغينيا الاستوائية، ورواندا، وساوتومي وبرنسيب، وتشاد.
ويأتي اختيار دول هذه المجموعة، لتكون «ضيف شرف» هذه الدورة، حسب المنظمين، لـ«تعزيز عُرَى الأخوة والصداقة والتاريخ المشترك بين المملكة المغربية وأشقائها في الجنوب الأفريقي»، فيما «سيكون هذا الحدث الثقافي المهم مناسبة سانحة لتسليط مزيد من الضوء على الجوانب الحضارية والثقافية والمعرفية لدول هذا التكتل الاقتصادي، في تصاديها مع ما ينتجه المغرب الثقافي الحديث والمعاصر، في أبعاده الأفريقية».
وقال محمد الأمين الصبيحي، وزير الثقافة، عن احتفاء التظاهرة المغربية بالمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا: «لا شك في أن من أهم فعاليات هذه الدورة استقبالها للدول الإحدى عشرة المكوّنِة للمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا كضيوف شرف، انسجامًا مع الوقع الكبير والمستمر لسلسلة الزيارات الأفريقية الناجحة لجلالة الملك حفظه الله، وتكريسًا للروابط التاريخية والثقافية والروحية القائمة منذ قرون بين المملكة المغربية وكثير من البلدان الأفريقية. ويسعدنا، في سياق هذا التكريم الموجّه للثقافات الأفريقية العريقة، أن نستقبل عددا من الرموز الإبداعية والبحثية والمهنية التي أغنت وتغني الرصيد الثقافي الغزير لأفريقيا، مما سيتيح لزوار المعرض فرصًا ثمينة للحوار المباشر مع بعض أبرز الأسماء الفاعلة على المستوى القارّي».
وزاد الصبيحي، في تقديمه لأهم فقرات التظاهرة: «يحفل البرنامج الثقافي لهذه الدورة بندوات حول قضايا ثقافية راهنة، وبإضاءات لتجارب في الكتابة، وبليالٍ شعرية، ولقاءات في حضرة كثير من الكتب، واستضافات لمبدعين في فقرة (ساعة مع كاتب)، واستعادات ثقافية أساسية في فقرة (الكتابة والذاكرة)، واحتفاءات رمزية بـ(أسماء فوق البوديوم)، وتنويهات ثقافية بأسماء جديدة ضمن فقرة (أدباء قادمون). كما سيشهد البرنامج الثقافي حفل تسليم (جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة) التي كان قد أطلقها، منذ سنة 2003، المركز العربي للأدب الجغرافي، التي تهدف تشجيع الكتاب والمهتمين بهذا النوع من الكتابة على إنجاز مشروعات التحقيق والبحث والتأليف في الأدب الجغرافي، أو في أدب السفر والرحلات. وستكرّس هذه الدورة أيضًا تجربة (منصة بيع الحقوق) كإضافة مهمة تَمَّ إطلاقها في الدورة السابقة ولاقت تجاوبًا كبيرًا لدى مهنيي الكتاب لتعزيزها البُعد المقاولاتي للصناعة الثقافية في مجال النشر، ولتيسيرها فرص التعاقدات المباشرة بين المعنيين بحقوق الكتاب ونشره».
وعن الرهان المنتظر من تنظيم التظاهرة، قال الوزير المغربي: «إن رهاننا مستمر على أن تنتج كل دورة من دورات هذا المعرض الدولي، المهدى للكتاب وقضاياه، قيمة مضافة تعزز الرؤية الاستراتيجية للمغرب الثقافي، كورش كبير نشتغل فيه برفقة شركائنا المهنيين والمؤسساتيين والثقافيين والإعلاميين، من أجل النهوض بقطاعات الكتاب والفنون والتراث الثقافي المغربي».
وتتوزع فضاءات الأنشطة الثقافية، التي يتضمنها المعرض الممتد على مساحة إجمالية تبلغ 20 ألف متر مربع، على 4 قاعات، هي قاعة أفريقيا (ضيف الشرف)، وقاعة ابن بطوطة (بمناسبة منح جائزة ارتياد الآفاق لأدب الرحلة)، وقاعة إدمون عمران المليح (بمناسبة الذكرى المائة لميلاد الكاتب المغربي الراحل)، وفضاء الطفل برواق وزارة الثقافة.
ويتوقع المنظمون أن يبلغ عدد زوار المعرض 350 ألف زائر، فيما تقترح فضاءات المعرض 100 ألف عنوان في 3 ملايين نسخة لنحو 702 عارض، يتوزعون بين 353 عارضًا مباشرًا و349 عارضًا غير مباشر، ينتمون لـ54 بلدًا مشاركًا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».