مروة جوربوز تسجل اسمها كأول محجبة تنضم إلى سلاح الجو التركي

استفادت من تغييرات هيكلية بالجيش بعد محاولة الانقلاب الفاشلة

مروة جوربوز أثناء التدريبات بالمدرسة الجوية
مروة جوربوز أثناء التدريبات بالمدرسة الجوية
TT

مروة جوربوز تسجل اسمها كأول محجبة تنضم إلى سلاح الجو التركي

مروة جوربوز أثناء التدريبات بالمدرسة الجوية
مروة جوربوز أثناء التدريبات بالمدرسة الجوية

حتى أشهر قليلة مضت، كان الحديث عن الحجاب، لا سيما داخل الجيش التركي، أمرًا يدخل في باب المحرمات، لكن الكثير تغيَّر عقب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي شهدتها تركيا، في منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي.
فمع عملية إعادة هيكلة أجهزة الدولة التركية، عقب هذه المحاولة، سُمِح للشرطيات بارتداء الحجاب أثناء أداء العمل، بشرط أن يكون متسقًا مع ألوان الزي الرسمي.
وقبلها بأيام سُمِح بدخول المحجبات من عائلات الجنود إلى دور ونوادي القوات المسلحة، في علامة على التغيير الكبير الذي تشهده تركيا، التي كان الحجاب فيها من المحرمات في المؤسسات العامة والجامعات، فضلاً عن القوات المسلحة.
ثم جاءت النقلة التي لم تكن تخطر على بال أحد، سواء في تركيا أو حتى بين العارفين والمهتمين بشؤونها، فقد جاء اليوم الذي سيشهد فيه سلاح الجو التركي قائدات طائرات يرتدين الحجاب.
لقد تحول الحلم إلى حقيقة، وأصبحت مروة جوربوز أول محجبة تجلس على مقعد قيادة طائرة حربية في سلاح الجو التركي، بموجب التعديلات التي أجرتها الحكومة التركية على بعض قوانين وشروط الالتحاق بالقوات الجوية التركية، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.
واستفادت جوربوز من قانون يتيح لطلاب الجامعات الالتحاق بالكلية الجوية، حيث كانت في السنة الرابعة بكلية هندسة الحاسب الآلي في جامعة سلجوق بمدينة كونيا في وسط تركيا، وقررت دخول الاختبارات والامتحانات في الكلية الجوية وتمكنت من اجتيازها بدرجات عالية، كما تجاوزت الاختبار الطبي وكشف الهيئة بنجاح حيث أشرف 14 خبيرا في شؤون الطيران على اختبارات جوربوز، واستغرقت الاختيارات قرابة 6 أشهر. وتلقت جوربوز، البالغة من العمر 23 عامًا، دعمًا وتشجيعًا كبيرين من والدها، وقررت أن تصبح أول قائدة طائرة حربية في تركيا، وتنتظر حاليًا المقابلة الأخيرة في وزارة الدفاع التركية، التي تعد البوابة الأخيرة التي من خلالها ستصل إلى مقعد قيادة إحدى المقاتلات في سلاح الجو بالجيش التركي.
وستؤدي جوربوز اليمين في 13 فبراير (شباط) الحالي في وزارة الدفاع بعد أن انتهت من تدريبات التكيف، وبعد أداء اليمين ستتلقى تدريبًا في قيادة سلاح الجو لمدة عام ونصف العام، وستكون بعدها قادرة على الخدمة في مختلف المستويات ضابطًا طيارًا في القوات المسلحة التركية.
ومروة جوربوز هي الفتاة الوحيدة في عائلة مكونة من 6 أفراد تقيم في مدينة كهرمان مراش جنوب تركيا، وكان حلم والدها الضابط المتقاعد محمد أمين جوربوز، أن تصبح ابنته قائدة طائرة، ولذلك كان أول الداعمين والمشجعين لها.
وفي أغسطس (آب) الماضي، وبعد عقود من الحظر في مختلف المؤسسات العامة، لا سيما في الجيش والشرطة، سمحت الحكومة التركية لعناصر الشرطة النسائية بارتداء الحجاب من خلال تعديلات أجرتها في إدارة زي أفراد الأجهزة الأمنية.
وأجرت الحكومة تعديلاً في القانون المنظم لزي العناصر الشرطية، الذي يسمح لموظفي الأمن من السيدات بارتداء الحجاب خلال أوقات الدوام الرسمي.
ويتيح التعديل، الذي أدخل على المادة الخامسة في قانون زي الموظفين، ارتداء النساء العاملات في السلك الأمني للحجاب تحت القبعات بحيث يتناسق مع لون البدلة الرسمية، ويكون خاليًا من الرسوم والنقوش. ويحظر التعديل على الشرطيات تغطية الوجه بالكامل أو ارتداء قمصان أو سترات مدنية يمكن رؤيتها من تحت الزي الرسمي.
وسبق أن رفع الحظر عن الحجاب بالنسبة للموظفات في المؤسسات العامة مع «حزمة الإصلاحات الديمقراطية»، التي أعلن عنها رئيس الوزراء في تلك الفترة، رجب طيب إردوغان، في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2013 بشكل رسمي، مستثنيًا الموظفين الملتزمين باللباس الرسمي (القضاة، العسكريين، المدعين العامين والشرطة).
ويُعدّ التعديل الجديد الذي يسمح للشرطيات بارتداء الحجاب فوق زيها الرسمي توسيعًا للقانون الصادر عام 2013.
وكان مرسوم آخر صدر في الخامس من أغسطس الماضي يسمح للمحجبات بالوجود داخل المرافق والمنشآت العامة التابعة للجيش التركي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».