صالون المركبات القديمة موعد يجمع عشاق الحديد المقاوم للزمن

سيارة جيمس بوند «أستون مارتن» تعرض في باريس

سيارة آستون مارتن الرياضية تعرضها دار بونامز في غراند باليه بالعاصمة الفرنسية (رويترز) - سيارة مرسيدس 300 مكشوفة (رويترز) - سيارة آستون مارتن من طراز «ألستر» في معرض السيارات التاريخية (رويترز) - سيارة مرسيدس 320 مكشوفة  (كابورليه) (رويترز)
سيارة آستون مارتن الرياضية تعرضها دار بونامز في غراند باليه بالعاصمة الفرنسية (رويترز) - سيارة مرسيدس 300 مكشوفة (رويترز) - سيارة آستون مارتن من طراز «ألستر» في معرض السيارات التاريخية (رويترز) - سيارة مرسيدس 320 مكشوفة (كابورليه) (رويترز)
TT

صالون المركبات القديمة موعد يجمع عشاق الحديد المقاوم للزمن

سيارة آستون مارتن الرياضية تعرضها دار بونامز في غراند باليه بالعاصمة الفرنسية (رويترز) - سيارة مرسيدس 300 مكشوفة (رويترز) - سيارة آستون مارتن من طراز «ألستر» في معرض السيارات التاريخية (رويترز) - سيارة مرسيدس 320 مكشوفة  (كابورليه) (رويترز)
سيارة آستون مارتن الرياضية تعرضها دار بونامز في غراند باليه بالعاصمة الفرنسية (رويترز) - سيارة مرسيدس 300 مكشوفة (رويترز) - سيارة آستون مارتن من طراز «ألستر» في معرض السيارات التاريخية (رويترز) - سيارة مرسيدس 320 مكشوفة (كابورليه) (رويترز)

ما الذي يدفع مئات الآلاف من الزوار إلى الوقوف في طابور طويل، تحت المطر، للدخول والتفرج على سيارات كانت موجودة في مرأب الجد؟ لعلها الرغبة في مشاهدة مركبات عتيقة متهالكة تفوق في أسعارها أحدث ما تنتجه مصانع ألمانيا وفرنسا واليابان. أو هو الفضول للتعرف على سيارات قادها مشاهير الأدب والفن وظهر بعضها في أفلام مثيرة. أو يمكن اختصار الأمر بالحنين إلى الماضي. ومهما كان السبب، فإن صالون السيارات القديمة «ريتروموبيل» المقام حاليًا في باريس يراهن في دورته الجديدة على جاذبيته التي لم تتراجع منذ 42 سنة.
عروس هذا العام هي «الفيراري»، السيارة الإيطالية التي تحتفل هذا العام بالذكرى السبعين لصناعتها. لقد منحها صاحب الشركة إنزو فيراري اسمه ونجح في أن يجعل منها «السيارة الأفضل عبر العصور». وهناك، في الصالون، عدة نماذج منها تكتسب قيمتها من أنها ترتبط بأفلام سينمائية وبسائقين غير عاديين جلسوا على مقاعدها المغلفة بالجلد الفاخر وأمسكوا بمقاودها. وهناك عشرات من الشباب الذين يقصدون الصالون لمجرد أن تتاح لهم الفرصة بتجربة واحدة منها. كما يأتي آباء يمسكون بأيدي أبنائهم لكي يشاهدوا سيارة «جيمس بوند» المزودة بكثير من استخدامات المطاردات والجاسوسية. وهناك من يقف ليتأمل بحزن نسخة من سيارة السباق التي قادتها الروائية الفرنسية فرنسواز ساغان وكادت تودي بها في حادث ضجت له الصحافة في حينه.
والمثل يقول إن الأم تورث ابنتها حب المجوهرات والأب يورث ابنه عشق السيارات. ووسط آلاف الزوار «العاديين» هناك من جاء باحثًا عن صفقة يلبي من خلالها حلم الطفولة. وعادة ما يكون هؤلاء من الأثرياء المستجدين في روسيا والصين. وهم ينتظرون المزاد العلني الذي يقام اليوم، الجمعة، وتباع فيه مجموعة نادرة تُدفع فيها الملايين. إن للسيارات العتيقة هواتها الذين يجمعونها مثلما تجمع الطوابع أو العملات، وهم يغلقون الأبواب على حديدها ويخصصون عاملاً يتولى تلميعها وصيانتها كل يوم، ثم يذهبون للتمتع بمنظرها وببهجة الإحساس بأنها طوع أيديهم، حتى يخرجوا بها إلى الشمس وينتقلوا في الطرقات.
قاد العميل السري جيمس بوند سيارة إنجليزية الصنع من نوع «أستون مارتن» في فيلم «الإصبع الذهبية» «غولد فينغر»، عام 1964، وهي المرة الأولى التي يرى فيها الجمهور العريض قلم حبر يتحول إلى مسدس، وولاعة سجائر تطلق غازًا مسيلاً للدموع، ورفراف سيارة يصلح ليكون درعًا، وغير ذلك من ابتكارات تجعل المتفرج لا يعرف إن كان أمام حيل سينمائية منفذة بمهارة أم أمام حقائق. وبما أن البطل كان يملك الإذن بتصفية خصومه، فقد صنعت له سيارة تشبه الترسانة الحربية، وتم تزويدها بأشكال من الأسلحة الخفية الجاهزة للانطلاق وبفوهة خلفية لإطلاق الدخان الذي يشوش الرؤية على من يطاردونه. ومن يزر صالون «ريتروموبيل» يتأكد بنفسه أن كل تلك الصرعات كانت حقيقية، وهي ما زالت فعالة حتى اليوم ويمكن تشغيلها.
يأتي الصالون ومزاده العلني مترافقًا مع مزادين آخرين من تنظيم شركتي «سوذبيز» و«بونامز». وبهذا تتحول باريس، على مدى بضعة أيام، إلى عاصمة لهواة السيارات الثمينة النادرة. وهو أمر قد لا يروق كثيرًا لعمدة المدينة، آن هيدالغو التي تبذل كل ما في وسعها لإزعاج السائقين والحد من حركة السير وسط العاصمة لصالح إفساح المجال للمشاة والمتنزهين. هل تعترض حضرة العمدة إذا تمخطرت في «الشانزليزيه» سيارة «الرولزرويس» الصفراء التي قادها النجم آلان ديلون، في فيلم بالاسم نفسه، وخطف بها قلب الممثلة الأميركية شيرلي ماكلين؟ وفي انتظار الرد، يكتفي كثير من زوار الصالون بالفرجة الآمنة وقد يرتادون المزاد من باب الفضول، ليخرجوا في نهاية المطاف بقميص قطني زهيد الثمن، للذكرى، يحمل صورة الممثل ستيف ماكوين وهو يقود سيارة من نوع «فولسفاغن غولف».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».