خسائر كبيرة للجيش التركي في سوريا... والكرملين يتحدث عن نقص التنسيق

ضربات جوية روسية قتلت بالخطأ 3 جنود أتراك وأصابت 11 آخرين

حرس الشرف التركي يحملون أمس جثمان محمود أسلو أحد الجنود الأتراك الخمسة الذين قتلوا  في السابع من الشهر الجاري بمواجهات بين «داعش» ودرع الفرات. (أ.ف.ب)
حرس الشرف التركي يحملون أمس جثمان محمود أسلو أحد الجنود الأتراك الخمسة الذين قتلوا في السابع من الشهر الجاري بمواجهات بين «داعش» ودرع الفرات. (أ.ف.ب)
TT

خسائر كبيرة للجيش التركي في سوريا... والكرملين يتحدث عن نقص التنسيق

حرس الشرف التركي يحملون أمس جثمان محمود أسلو أحد الجنود الأتراك الخمسة الذين قتلوا  في السابع من الشهر الجاري بمواجهات بين «داعش» ودرع الفرات. (أ.ف.ب)
حرس الشرف التركي يحملون أمس جثمان محمود أسلو أحد الجنود الأتراك الخمسة الذين قتلوا في السابع من الشهر الجاري بمواجهات بين «داعش» ودرع الفرات. (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تجري فيه أنقرة اتصالات مع موسكو بهدف منع وقوع مواجهة بين القوات التركية وعناصر الجيش السوري الحر المدعومة منها مع قوات النظام السوري في المعارك الدائرة حول مدينة الباب معقل «داعش» في شمال شرقي حلب، قتلت ضربات جوية روسية بالخطأ 3 جنود أتراك وأصابت 11 آخرين أحدهم بإصابات خطيرة بطريق الخطأ.
وشهد يوم أمس وقوع المزيد من الخسائر في صفوف القوات التركية، حيث أعلن الجيش التركي مقتل 5 من جنوده وإصابة 10 آخرين في هجمات لـ«داعش».
وأعلن الجيش التركي في بيان أن طائرة حربية روسية قصفت بالخطأ جنودًا أتراكًا يشاركون في عملية درع الفرات التي تدور معاركها حول مدينة الباب فقتلت 3 جنود وأصابت 11 آخرين أحدهم بجروح خطيرة أثناء استهدافها عناصر من تنظيم داعش الإرهابي صباح أمس. وقال بيان الجيش التركي إن قادة روسًا اعتذروا عن القصف الخاطئ ووصفوه بالحادثة، وعبروا عن حزنهم الشديد لمقتل وإصابة الجنود الأتراك. وأضاف البيان أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصل بنظيره التركي رجب طيب إردوغان وعبر عن حزنه بسبب الحادث وقدم تعازيه في قتلى الحادث. وأضاف أن الجانبين يجريان تحقيقات في الحادث.
وأكد الكرملين في بيان اتصال بوتين مع إردوغان قائلاً إنهما اتفقا أثناء الاتصال على زيادة التنسيق العسكري ضد تنظيم داعش في سوريا. وقال الكرملين إن بوتين وإردوغان اتفقا أيضًا على العمل بنشاط من أجل دعم محادثات السلام بشأن سوريا في آستانة وجنيف، وناقشا الاستعدادات لاجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين الذي سيعقد في روسيا في مارس (آذار) برئاسة الرئيسين.
وتبدي أنقرة وموسكو حساسية كبيرة لمثل هذه الحوادث لا سيما بعد إسقاط تركيا قاذفة روسية من طراز «سور - 24» على الحدود مع سوريا في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، حيث تسبب الحادث في توتر في العلاقات بين البلدين زال بعد 9 أشهر عندما اعتذر إردوغان لنظيره الروسي في يونيو (حزيران) الماضي وبدأ البلدان خطوات التطبيع في العلاقات إلى جانب استحداث آلية تنسيق وتعاون في سوريا، ثم التفاهمات التي قادت إلى إنهاء مأساة حلب وبذل جهود مشتركة لوقف إطلاق النار في سوريا الذي قاد إلى اجتماع آستانة في 23 يناير (كانون الثاني) الماضي. وجاءت حادثة القصف الروسي الخاطئ بعد ساعات قليلة من اتصال هاتفي بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث آخر التطورات في الملف السوري. وقالت مصادر في الخارجية التركية أمس الخميس، إن اتصالاً هاتفيًا جرى بين جاويش أوغلو ولافروف، ليل الأربعاء، بحثا فيه العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في مدينة الباب وقضية محاربة تنظيم داعش في مدينة الرقة وأنهما تطرقا للتدابير الواجب اتخاذها خشية وقوع صدام بين قوات الجيش السوري الحر وقوات النظام في محيط الباب.
كما قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، الأربعاء، إنّ بلاده تنسق مع كل الأطراف المعنية بالأزمة السورية وخصوصًا، لتجنب حدوث صدام بين قوات النظام السوري وقوات الجيش السوري الحر المشاركة في عملية درع الفرات التي تقودها تركيا، حيث بدأت قوات النظام السوري بالتحرك من الجهة الجنوبية باتجاه مدينة الباب التي تخضع لسيطرة «داعش».
وعلى الرغم من التنسيق الفعال بين أنقرة وموسكو في سوريا لا تزال هناك نقاط خلافية لكنها لا تحول دون استمرار الحوار بينهما أو الاتفاق على ضرورة محاربة المنظمات الإرهابية داخل الأراضي السورية. ومن أهم نقاط الخلاف عدم تحمس روسيا لسعي تركيا لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، وكذلك التباين في المواقف بشأن مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري في مفاوضات الحل السياسي في سوريا. وفي المقابل، بدأت واشنطن التحرك باتجاه دعم أنقرة في عملية درع الفرات بشكل ملموس وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن تركيا ستلعب دورًا في الاستراتيجية الأميركية الجديدة لمحاربة تنظيم داعش دون الإفصاح عن تفاصيلها.
وقال المتحدث باسم البنتاغون إريك باهون لوكالة الأناضول التركية الرسمية، أمس، إن هناك تنسيقًا أميركيًا تركيًا مسبقًا بخصوص القضاء على «داعش» شمال سوريا، وخصوصًا في مدينة الباب شرق حلب. ميدانيًا، واصلت قوات درع الفرات هجماتها داخل مدينة الباب، أمس، بعد يوم من اختراق دفاعات تنظيم داعش في معقلهم المتبقي في محافظة حلب.
وقال أحد قادة المعارضة من قوات درع الفرات إن مقاتلين من الجيش السوري الحر يعملون مع قادة أتراك يتقدمون من منطقة قرب البوابات الغربية للمدينة التي اقتحموها يوم الأربعاء. ونقلت «رويترز» عن قائد أحد الفصائل الرئيسية بالجيش السوري الحر التي تقاتل في الباب والذي طلب عدم نشر اسمه: «المعارك بدأت قبل قليل لاستكمال ما بدأ بالأمس (أول من أمس) ». وأضاف أن القوات في شمال شرقي الباب انتزعت السيطرة على قريتين رئيسيتين، بزاعة وقباسين، كانت أخرجت منهما مرارًا في معارك سابقة بسبب هجمات انتحارية متعاقبة. وأعلن الجيش التركي أمس أن 5 من جنوده قتلوا في اشتباكات مع «داعش» في الباب وأصيب 10 آخرون في هجمات كبيرة ينفذها التنظيم الإرهابي ضد القوات التركية التي تتقدم بسرعة أكبر داخل المدينة.
وقتل، الأربعاء، 5 جنود أتراك آخرون أضيف إليهم 10 آخرون في هجمات مشابهة مع تأكيد مصادر متعددة أن القوات التركية تمكنت بالفعل من دخول كثير من الأحياء في المدينة من المدخل الغربي.
وصباح أمس، أعلنت رئاسة أركان الجيش التركي استهداف عشرات المواقع لـ«داعش» وقتل 48 من الإرهابيين في قصف مدفعي وجوي نفذته القوات التركية ضدّ 253 هدفًا للتنظيم، كما دمرت مقاتلات التحالف الدولي 6 أهداف أخرى. وبينما قصفت المدفعية التركية 187 هدفًا لـ«داعش»، أغارت مقاتلات تابعة لسلاح الجو التركي على 66 هدفًا للتنظيم نفسه في مدينة الباب ومحيطها. ومن بين الأهداف التي تمّ قصفها برًا وجوًا، مبانٍ يختبئ فيها عناصر من «داعش»، ومقرات قيادية ومواقع دفاعية تابعة للتنظيم الإرهابي. كما قامت مقاتلات تابعة للتحالف الدولي بتنفيذ 3 غارات جوية ضدّ «داعش» في مدينة الباب، دمّرت خلالها 6 أهداف، بينها سيارات مفخخة ومدخل نفق.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.