حملات تفتيش في ألمانيا وبريطانيا بتهمة دعم «فتح الشام» بسوريا

مشتبهان جزائريان أرسلا تبرعات للتنظيم تحت غطاء «جمعية خيرية»

جانب من حملة التفتيش التي نفذتها شرطة ولاية الراين الشمالي أمس (د.ب.أ)
جانب من حملة التفتيش التي نفذتها شرطة ولاية الراين الشمالي أمس (د.ب.أ)
TT

حملات تفتيش في ألمانيا وبريطانيا بتهمة دعم «فتح الشام» بسوريا

جانب من حملة التفتيش التي نفذتها شرطة ولاية الراين الشمالي أمس (د.ب.أ)
جانب من حملة التفتيش التي نفذتها شرطة ولاية الراين الشمالي أمس (د.ب.أ)

استهدفت مداهمات صباح أمس في ألمانيا وبريطانيا عدة شقق مرتبطة بشقيقين يشتبه في تسليمهما مساعدات لتنظيم جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا) المتطرف في سوريا، وفق ما أعلنته النيابة العامة الألمانية لمكافحة الإرهاب.
ويتهم المشتبه فيهما المنحدران من الجزائر، بمساعدة جبهة فتح الشام منذ سنوات من خلال إرسال قوافل تتضمن «سيارات إسعاف، ومعدات طبية وأدوية، ومواد غذائية»، وجمع تبرعات مالية للتنظيم الإرهابي عن طريق غطاء «منظمة خيرية».
وقالت شرطة لندن إن بريطانيا تلقت أمري تفتيش صدرا الشهر الماضي بناء على طلب من مكتب الادعاء في ميونيخ في إطار «إجراءات لمكافحة الإرهاب». وكشفت متحدثة باسم شرطة مقاطعة ليسترشاير في إنجلترا لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «عناصر من القوات الخاصة لشرطة شرق ميدلاندز قاموا بتفتيش مقر سكني في مدينة ليستر»، وأكدت أن التفتيش تم بالنيابة عن مكتب النيابة الاتحادي الألماني.
وأسفرت الحملة، عن مصادرة أوراق وأجهزة لخزن البيانات قد تكشف عن أدلة تدين الثلاثينيين محمد وإبراهيم بلقايد، ويفترض أن الاثنين ساهما في جمع التبرعات للتنظيم منذ سنوات، وأنهما قادا طوابير إمدادات إلى سوريا.
واستخدم المتهمان منظمة خيرية وإغاثية، أسست رسميًا في ألمانيا، كغطاء لأعمال جمع التبرعات المادية والعينية للإرهابيين. وكانت سيارات إسعاف وأدوية وأجهزة طبية ومواد غذائية من بين التبرعات التي أوصلاها إلى قواعد التنظيم الإرهابي في سوريا. وتتهم دائرة حماية الدستور الألمانية المنظمتين بقيادة سيارات إسعاف إلى سوريا عبر تركيا، وتحميلها بالذخائر على الحدود السورية. كما تتهم التنظيمات الإرهابية في سوريا باستخدام سيارات الإسعاف في عمليات تفجير انتحارية.
وجاء في بيان صحافي صادر أمس عن النيابة العامة في دسلدورف، عاصمة ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، واطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الجمعيتين اللتين تمت مداهمتهما هما «مديسن ميت هيرتس» (الدواء من القلب) و«مديسين أونه غرينسه» (دواء أو طب بلا حدود). وتتخذ الجمعية الأولى من مدينة هينيف في ولاية الراين الشمالي مقرًا لها، في حين تتخذ الثانية من مدينة سانت أوغسطين - هي مدينة صغيرة قرب العاصمة السابقة بون - مقرًا لها.
وجلبت المنظمة أنظار «حماة الدستور» في العام الماضي حينما نظمت سفرة قصيرة لنحو 150 طفلاً من دور اللاجئين في حي كورفايلر في مدينة كولون. ويعتقد رجال التحقيق أن الهدف من السفرة كان شحن أطفال اللاجئين والقاصرين بالأفكار المتطرفة.
وكان موقع «إيرازموس - مونيتور»، المتخصص في مراقبة نشاط المتطرفين وتوثيقه إلكترونيًا قد أدرج اسمي المنظمتين إلى جانب منظمات أخرى تستخدم قانون تأسيس الجمعيات الخيرية في ألمانيا كي تجمع التبرعات للإرهابيين. بين هذه المنظمات «أنصار إنترناشيونال» و«عون المسلمين» و«الرحمة» و«ينابيع أفريقيا»، وذكرت أن لهذه التنظيمات فروعا كثيرة في ألمانيا وخارجها.
ويفترض أن تكون هذه المنظمات على اتصال دائم ببعضها، وتستخدم أساليب محترفة لاستدراج المسلمين الطيبين للتبرع دون الكشف عن حقيقة نياتها، أو الكشف عن التنظيمات التي ستنال هذه التبرعات.
وتحمل جمعية «ميديسن ميت هيرتس» رقم التسجيل «ف ر3228» الصادر عن محكمة مدينة هينيف. وتخضع الجمعية إلى رقابة دائرة حماية الدستور التي تصنفها في قائمة المنظمات المتطرفة. ووصفها رالف ييغر، وزير داخلية الراين الشمالي فيستفاليا، في برلمان الولاية في العالم الماضي بأنها منظمة متطرفة يشك بأنها تجمع التبرعات للإرهابيين. وقال عنها بوركهاردت فراير، رئيس دائرة حماية الدستور في الولاية، إنها منظمة تنتشر في أكثر من 30 مدينة من مدن ولاية الراين الشمالي فيستفاليا (نحو 20 مليون نسمة)، وأنها منظمة متطرفة «معادية للدستور».
وتكشف صفحة الجمعية «الخيرية» أنها تأسست سنة 2013 ولها فروع في 15 دولة، وتدير 12 مشروعًا وتوصل مساعداتها إلى أكثر من 30 ألف محتاج. ولها رقم حساب في «كوميرتس بانك» الذي يعتبر من أكبر المصارف الألمانية والدولية. والمنظمة - والصفحة على الإنترنت - مسجلة باسم محمد بلقايد الذي تصنفه «حماية الدستور» ضمن الإسلاميين المتشددين. كما يخضع أخوه إبراهيم بلقايد لرقابة «حماة الدستور» الذين يعتبرونه من دعاة الكراهية الخطرين.
ويبدو أن الرقابة التي فرضت على المنظمة الأصلية «ميديسن أونه غرينسه» دفعت محمد بلقايد إلى تغيير اسمها إلى «ميديسن ميت هيرتس»، ويكشف ذلك أن المنظمة الجديدة تحمل رقم التسجيل «ف ر3228» نفسه، ولكن في مدينة سانت أوغسطين. وتم تسجيل اسم المنظمة الجديدة في أواخر أيام 2014، وكتب محمد بلقايد يوم 4 / 1 / 2015 إلى المتبرعين على الصفحة الإلكترونية، مؤكدًا أنها الجمعية نفسها.
وذكر بوركهارد فيلكه، من المعهد المركزي للقضايا الاجتماعية، لصحيفة «إكسبريس» الواسعة الانتشار، أن هذه الجمعية المسجلة رسميًا لا تقدم محاضر اجتماعات سنوية ولا تقارير مالية إلى دائرة الضريبة، ولا يعرف أحد ماذا تفعل بالتبرعات التي جمعها.
ويعتقد محققو دائرة حماية الدستور أن الجمعيات التي تتبرع بسيارات الإسعاف قد تتلقى التعليمات حول ذلك من التنظيمات الإرهابية في سوريا. إذ ضبطت الشرطة في العامين الماضيين أكثر من سيارة إسعاف محملة بالمواد والمعدات في الطريق إلى تركيا، وبدعوى إيصال المساعدات للاجئين السوريين. لكن الشرطة أوقفت يوم 12 / 3 / 2016 قافلة من سيارات الإسعاف الجديدة في طريقها إلى سوريا.
وكانت شرطة ولاية الراين الشمالي فيستفاليا سمحت لقافلة من سيارات الإسعاف الجديدة والفخمة بمواصلة رحلتها إلى تركيا بعد تفتشيها في العام الماضي. واكتشفت الشرطة لاحقًا أن سيارات الإسعاف تعود إلى منظمة متطرفة تخضع للمراقبة بسبب الشكوك حول جمعها التبرعات لتنظيمات إرهابية.
وذكر روبرت شولتن، من شرطة الولاية، أن دورية للشرطة أوقفت قافلة مكونة من 8 سيارات إسعاف على الطريق السريع «أ 3» وفتشتها طوال ثلاث ساعات، ومن ثم قررت السماح لها بمواصلة الطريق باتجاه تركيا.
وقال شولتن إن سائقي السيارات ادعوا أنهم يحملون مواد وأغذية وتجهيزات لنجدة اللاجئين السوريين في تركيا، وفعلاً كانت السيارة محولة بالمواد. لكن الشرطة لاحظت وجود معدات لوجيستية مثل البزات العسكرية والنواظير والخوذات المزودة بمصابيح ومعاطف مطرية عسكرية ومعدات لربط العربات بالحافلات.
وعرفت الشرطة لاحقًا فقط أن كل سائقي سيارات الإسعاف الـ11 ينتمون إلى منظمة «النجدة في الطوارئ» ذات العلاقة بتنظيمات المتطرفين. وسبق لوزارة الداخلية في الولاية أن عبرت عن شكها بنشاط هذه المنظمة في مجال جمع التبرعات للتنظيمات الإرهابية. وكان بين ركاب سيارات الإسعاف المدعو «بكر أ» (45 سنة) زعيم المنظمة المعروف بعلاقته الوطيدة مع زعماء المتطرفين في ألمانيا.
على صعيد متصل، أعلنت النيابة الاتحادية العامة في كارلسروهه، مساء أول من أمس، أنها ألقت القبض على سوري (31 سنة) بتهمة الإرهاب، وبتهمة اغتصاب امرأة سورية بينما كان ينشط كمقاتل في تنظيم داعش. وذكرت النيابة العامة أن أمًا سورية حاولت في مطلع سنة 2016 مغادرة المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، وساهم الداعشي السوري في تفتيشها، ومن ثم استدراجها إلى منزل حيث قام باغتصابها.
وقال لروينتز كيفير، وزير داخلية ولاية ميكلنبورغ فوربومرن، إن القوات الخاصة شاركت في اعتقال السوري المتهم، وأضاف أن العملية تمت بالتنسيق بين شرطة أكثر من ولاية، وأن ذلك يكشف قدرة الشرطة على التصدي للإرهاب.
وفي سياق متصل، وافق مجلس الوزراء الألماني أمس على مشروع قانون ينص على تسهيل شروط مراقبة الجنائيين المتطرفين بأصفاد إلكترونية في كاحلهم لحماية البلاد من مخاطر الإرهاب المتنامي فيها.
ووفقًا لمشروع القانون الذي وضعه وزير العدل الألماني هايكو ماس، فإنه من الممكن تطبيق هذا النوع من الرقابة على المدانين في جرائم خطيرة، من بينها الإعداد لأعمال عنف تعرض أمن الدولة لخطر جسيم، ودعم تنظيمات إرهابية.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟