«درع الفرات» توشك على دخول الباب... وأنقرة عينها على الرقة

واشنطن تتوقع عزل معقل «داعش» في سوريا خلال أسابيع

مقاتلون في الجيش السوري الحر الذي يقاتل ضمن «درع الفرات» في حالة ابتهاج أمس في أعقاب سيطرتهم على تلال استراتيجية تطل على مدينة الباب التي يسيطر عليها داعش (غيتي)
مقاتلون في الجيش السوري الحر الذي يقاتل ضمن «درع الفرات» في حالة ابتهاج أمس في أعقاب سيطرتهم على تلال استراتيجية تطل على مدينة الباب التي يسيطر عليها داعش (غيتي)
TT

«درع الفرات» توشك على دخول الباب... وأنقرة عينها على الرقة

مقاتلون في الجيش السوري الحر الذي يقاتل ضمن «درع الفرات» في حالة ابتهاج أمس في أعقاب سيطرتهم على تلال استراتيجية تطل على مدينة الباب التي يسيطر عليها داعش (غيتي)
مقاتلون في الجيش السوري الحر الذي يقاتل ضمن «درع الفرات» في حالة ابتهاج أمس في أعقاب سيطرتهم على تلال استراتيجية تطل على مدينة الباب التي يسيطر عليها داعش (غيتي)

أعلن الجيش التركي، أمس، أن الجيش السوري الحر المدعوم من القوات المسلحة التركية تمكن من السيطرة على تلال استراتيجية في مدينة الباب التي يسيطر عليها تنظيم داعش، شمال سوريا، فيما أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن هدف تركيا القادم بعد الباب سيكون الاتجاه إلى الرقة.
ورغم وصول قوات «درع الفرات» المدعومة من قبل تركيا إلى مداخل مدينة الباب التي يسيطر عليها تنظيم داعش واقترابها من اقتحامها من جهة الغرب، تواصل قوات النظام السوري المدعومة من «حزب الله» تقدمها من جبهة الريف الجنوبي، ما يزيد من تعقيد المشهد في المنطقة، في ظل تأكيد أكثر من مصدر وجود تنسيق غير مباشر بين دمشق وأنقرة تتولاه موسكو، لتفادي أي عملية صدام بين الطرفين.
وقال أبو حاتم شام، وهو أحد القياديين في «درع الفرات» لـ«الشرق الأوسط»، إن قواتهم أصبحت عند مداخل المدينة بعد السيطرة على المشفى هناك، ووصولها إلى جبل الشيخ عقيل والسكن الشبابي والملحق غرب المدينة، لافتا إلى أن «التنظيم المتطرف يستميت بالدفاع عن المدينة، مستخدما كل أنواع القذائف والمفخخات والألغام». وعن إمكانية الوصول لصدام مع قوات النظام التي تتقدم من جهة الجنوب، شدّد شام على أن أولويتهم الحالية مواجهة «داعش» لا قوات الأسد، «لكن إذا فرض علينا الاحتكاك مع النظام، فلن نقف مكتوفي الأيدي». وأضاف: «تنسيقنا محصور مع أنقرة التي تشارك بالمعركة من خلال ضباط واختصاصيين بالمدفعية والاستطلاع، أما عناصر المشاة فمن الجيش الحر».
وبالتزامن، تحدث رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن تقدم قوات النظام بقيادة مجموعات النمر (في إشارة إلى العميد في قوات النظام سهيل الحسن)، وبدعم من المسلحين الموالين لها وقوات النخبة من «حزب الله» وبإسناد من كتائب المدفعية والدبابات الروسية على محورين عند جبهة الريف الجنوبي للباب، ما قلّص المسافة التي تفصلها عن المدينة إلى نحو 3 كيلومترات. وأشار المرصد إلى أن الاشتباكات المستمرة بين «درع الفرات» والقوات التركية من طرف وتنظيم داعش غرب الباب، خلفت خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجانبين، حيث قتل وجرح ما لا يقل عن 40 من عناصر القوات التركية ومقاتلي الفصائل العاملة في «درع الفرات»، في حين قتل وأصيب العشرات من عناصر «داعش».
أما «مكتب أخبار سوريا» فنقل عن إبراهيم الحمد، المقاتل بصفوف المعارضة، أنهم وبمشاركة عناصر من الجيش التركي يخوضون حرب شوارع على أطراف حي زمزم المجاور لحي السكن الشبابي، لافتا إلى أن فصائل المعارضة استخدمت كاسحات الألغام أثناء تقدمها بالمدينة. وأوضح الحمد أن المواجهات أسفرت عن مقتل أربعة عناصر من المعارضة وإصابة سبعة آخرين، إضافة إلى مقتل عنصرين من الجيش التركي، فيما قتل وجرح العشرات من مقاتلي التنظيم.
وعلّق رضوان زيادة، المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن، على ما يبدو، أنّه تنسيق غير مباشر بين تركيا والنظام السوري في مدينة الباب، لافتا إلى أن أحدا لا ينفي وجود هذا النوع من التنسيق عن طريق روسيا لمنع الصدام بين الطرفين، معتبرا أن الجزم بهوية الفريق الذي سيقتحم المدينة ويديرها بعد تحريرها لا تزال غير محسومة، نظرا للتعقيدات المحيطة بالملف وتعدد الأطراف التي تعمل عليه. وقال زيادة لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن الأفضلية هي للجيش الحر لدخول المدينة على أن تسلم فيما بعد لمجلس محلي منتخب كما هو حاصل في جرابلس».
في أنقرة، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن هدف تركيا القادم بعد الباب، سيكون الاتجاه إلى الرقة. وطالب في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أمس، بضرورة إرسال بلدان المنطقة والأعضاء في التحالف الدولي قوات خاصة إلى مدينة الرقة السورية بهدف استعادتها من تنظيم داعش. وقال: «لذا يجب أن تنتهي عملية الباب في أقرب وقت ممكن، لا سيما أن قواتنا الخاصة أحرزت تقدما مهما في الأيام الأخيرة على جبهة الباب مع قوات الجيش السوري الحر على حساب (داعش)».
وقال الجيش الأميركي، أمس، إنه يتوقع أن تعزل القوات التي تساندها الولايات المتحدة الرقة معقل تنظيم داعش في سوريا بصورة شبه تامة في الأسابيع القليلة المقبلة مما يمهد الطريق أمام مسعى للسيطرة على المدينة، بحسب ما نقلت (رويترز).
وقال الكولونيل بسلاح الجو جون دوريان وهو متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يتمركز في بغداد «ما نتوقعه هو أنه خلال الأسابيع القليلة المقبلة ستُعزل المدينة بصورة شبه تامة ثم ستكون هناك مرحلة اتخاذ قرار بالاقتحام».
وتابع: «لن نعطي التوقيت المحدد لمسعى السيطرة على المدينة».
وكان الجيش السوري والميليشيات المتحالفة معه تقدمت باتجاه المدينة التي يسيطر عليها تنظيم داعش، بهدف قطع آخر خط إمداد رئيسي يصل إلى معاقل التنظيم الواقعة في الشرق باتجاه العراق.
وقال إبراهيم كالين، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية، أمس، إن تركيا قدمت خطة مفصلة لطرد تنظيم داعش من مدينة الرقة معقله في شمال سوريا، وإن هناك مناقشات جارية في هذا الصدد.
وأضاف كالين، في مقابلة تلفزيونية، أن التنسيق مع التحالف بقيادة أميركا بشأن الضربات الجوية في إطار عملية درع الفرات في شمال سوريا في الأيام العشرة الأخيرة، كان أفضل، وأن الأولوية بالنسبة لأنقرة هي إقامة منطقة آمنة بين بلدتي أعزاز وجرابلس السوريتين.
وبشأن تمركز قوات النظام السوري في جنوب الباب، قال كالين إن أنقرة تتشاور مع روسيا حتى لا تصطدم بقوات الأسد، مؤكدا أهمية التنسيق مع روسيا والتحالف الدولي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.