تقرير أممي: تراجع قدرة «داعش» على التجنيد... وعائداته النفطية

تزايد أعداد المسلحين الذين يغادرون ميدان القتال

تقرير أممي:  تراجع قدرة «داعش» على التجنيد... وعائداته النفطية
TT

تقرير أممي: تراجع قدرة «داعش» على التجنيد... وعائداته النفطية

تقرير أممي:  تراجع قدرة «داعش» على التجنيد... وعائداته النفطية

قال تقرير صادر عن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إن الحالة المالية لتنظيم داعش مستمرة في التدهور، مما أرغم التنظيم على تسيير شؤونه بميزانية «أزمة»، فيما تناقصت قدرة التنظيم على اجتذاب جنود جدد، وتزايدت أعداد المسلحين الذين يغادرون ميدان القتال.
وأشار التقرير الذي قدمه رئيس الشؤون السياسية بالأمم المتحدة جيفري فيلتمان، نيابة عن الأمين العام، إلى مجلس الأمن أمس، إلى أن تنظيم داعش استمر في فرض مجموعة من الرسوم والغرامات، بينما استمر الفساد والسرقة أيضًا في نخر الجماعة من الداخل.
وأكد التقرير، المكون من 28 صفحة، أن «داعش» ما زال يشكل تهديدًا على أوروبا وأميركا، على الرغم من تناقص عملياته الإرهابية عن الفترة السابقة.
إلا أن التقرير قال أيضًا إنه على الرغم من الضغط الكبير على تمويل «داعش»، لم تتغير مصادر إيراداته بدرجة كبيرة، بالنظر إلى أن التنظيم لا يزال يعتمد أساسًا على الإيرادات المتأتية من الموارد الهيدروكربونية والابتزاز و«الجباية»، اللذين يمثلان معًا 70 - 80 في المائة من إيرادات التنظيم، بيد أن إيرادات التنظيم من الموارد الهيدروكربونية انخفضت انخفاضًا ملحوظًا في عام 2016، حسب التقرير.
وحسب بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق، فإن تنظيم داعش فرض غرامات على الأشخاص الذين يبيعون السجائر بصورة غير مشروعة في الموصل، وفرض غرامات على صغار المهربين تراوح بين 30 و50 دولارًا.
وتقدر البعثة الأممية في العراق أن التنظيم اكتسب في عام 2016 نحو 260 مليون دولار من مبيعات النفط غير المشروعة التي تتم أساسًا من حقول النفط في محافظة دير الزور بسوريا، مقابل 500 مليون دولار اكتسبها في عام 2015.
وحسب التقرير، تشهد أسعار النفط تذبذبًا كبيرًا، كما أن الوقود نادر، غير أن تنظيم داعش أظهر براعة في تصليح أو تكييف المعدات والهياكل الأساسية التي تضررت من الضربات الجوية الدولية. علاوة على ذلك، يبدو أن التنظيم لديه أموال كافية لمواصلة القتال، ويبدو أن كثيرًا من المقاتلين الأساسيين مستعدون للبقاء والقتال دون أجر، بالنظر إلى أنه يعطي الأولوية لآلته الحربية على الحد الأدنى من الخدمات التي يقدمها للسكان. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التنظيم، على الرغم مما يخضع له من ضغط عسكري كبير، لا يزال يستغل المواقع الثقافية.
وحذر التقرير الأممي من أن التنظيم الذي سيتواصل تقلص إيراداته مع فقدان الأراضي، يحتاج أن يظل المجتمع الدولي متيقظًا لمحاولاته زيادة مصادر إيراداته الصغيرة سابقًا، أو تكوين مصادر جديدة، حيث يحاول إيجاد طرق مبتكرة لنقل الأموال، باستخدام قنوات تخضع لإجراءات امتثال أقل صرامة. ويضيف التقرير أن عمليات التمويل قد تشمل القطع الأثرية والتبرعات الخارجية وبيع الكهرباء والمنتجات الزراعية والاتجار بالبشر. وأشار التقرير إلى أن بعض الدول أفادت بأن بعض المقاتلين الإرهابيين الأجانب يظلون قادرين على الاستفادة من الحسابات المصرفية التي يملكونها في بلدانهم الأصلية، وهم يطلبون من المتعاطفين مع التنظيم تحويل أموال إلى هذه الحسابات.
وفي السياق نفسه، نقل التقرير عن دولة عضو بالأمم المتحدة، دون تسميتها، أنه نظرًا لقيام التنظيم بتخفيض مرتبات مقاتليه، يقبل المقاتلون أكثر فأكثر على التماس المعونة المالية المقدمة من أقاربهم في تلك الدولة العضو، ما نتج عنه زيادة في التحويلات المالية من تلك الدولة إلى العراق وسوريا. وتتم هذه التحويلات باستخدام شركات تحويل الأموال، ويجري تحصيل الأموال في بلدان ثالثة، وينقلها حملة أموال إلى منطقة النزاع.
وحول التهديد الذي يشكله «داعش» على أوروبا وأميركا، قال التقرير إن التنظيم أعلن اعتزامه مهاجمة أوروبا في خطاب ألقاه أبو محمد العدناني في سبتمبر (أيلول) 2014، حيث دعا إلى شن هجمات على الولايات المتحدة الأميركية وبلدان في أوروبا، ردًا على الضربات الجوية ضده. ويقول التقرير إن «داعش» أخفق أخيرًا في شن أي هجمات معقدة واسعة النطاق في أوروبا الغربية، بسبب الضغط المفروض عليه. وعلاوة على ذلك، أدت تدابير الشرطة والتدابير الأمنية الواسعة النطاق في مجموعة من البلدان إلى إحباط المؤامرات وتفكيك الخلايا في أنحاء أوروبا. ومع ذلك، يقول التقرير إن الدول الأعضاء ترى حاليًا خطر شن هجمات واسعة النطاق لا يزال قائمًا. واختتم التقرير، الذي غطى نشاطات التنظيم في أفريقيا والمغرب العربي، لا سيما سوريا والعراق وأفغانستان وليبيا، بالقول إن الجهات الفاعلة الدولية والإقليمية والوطنية اتفقت على استمرار الحاجة إلى تطوير أساليب مستدامة ومنسقة للتصدي للتهديد الخطير الذي يشكله تنظيم داعش، وما يرتبط به من جماعات وكيانات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.