خامنئي يهاجم البيت الأبيض... وترمب يجدد انتقاداته للاتفاق النووي «السيئ»

وزير الخارجية الإيراني يتوقع شهورًا صعبة مع الإدارة الأميركية الجديدة

خامنئي لدى إلقاء خطابه أمام قادة القوات الجوية في طهران أمس (أ.ب)
خامنئي لدى إلقاء خطابه أمام قادة القوات الجوية في طهران أمس (أ.ب)
TT

خامنئي يهاجم البيت الأبيض... وترمب يجدد انتقاداته للاتفاق النووي «السيئ»

خامنئي لدى إلقاء خطابه أمام قادة القوات الجوية في طهران أمس (أ.ب)
خامنئي لدى إلقاء خطابه أمام قادة القوات الجوية في طهران أمس (أ.ب)

هاجم المرشد الإيراني علي خامنئي أمس مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه إيران بعبارات تميزت بالحذر، فيما لوحظ أن الخطاب تضمن نبرة تهكمية رفض عبرها خامنئي توصية ترمب بتوجيه الشكر إلى سلفه باراك أوباما لتوقيعه الاتفاق النووي مع إيران. وجاء هذا تزامنا مع تصريح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأنه يتوقع «شهورا صعبة» لبلاده بسبب الاتفاق النووي، نظرا لإصرار الإدارة الأميركية الجديدة على إعادة التفاوض حول الاتفاق. وموازاة مع ذلك، جدد ترمب في تغريدة جديدة له أمس، انتقاداته لتوقيع إدارة أوباما الاتفاق النووي قائلا: «لا أعرف (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين ولا صفقات لي في روسيا، والمنتقدون أصبحوا مجانين. لكن بمقدور أوباما أن يعقد صفقة مع إيران، البلد الأول في الإرهاب، من دون أي مشكلة».
وخلال خطاب تقليدي أمام قادة القوات الجوية في الجيش الإيراني أمس، اختار خامنئي في تعليق هو الأول له منذ تولي ترمب الرئاسة، لغة تهكمية، فقال «نحن ممتنون للرجل الجديد في أميركا لأن تصريحاته وقراراته أظهرت لنا حقيقة ما كان يعلنه النظام (الإيراني) على مدى 38 عاما حول الفساد الواسع في أجهزة السلطة الأميركية»، رافضا التجاوب مع توصية ترمب بتوجيه الشكر إلى أوباما، لأنها، حسب خامنئي «أقرت عقوبات ضخمة بهدف شل الشعب الإيراني والنظام».
وقال خامنئي إن الرد على تهديد ترمب «سيأتي من الشعب الإيراني» في التظاهرة السنوية المقررة يوم الجمعة المقبل بمناسبة ذكرى الثورة.
وخلال يومي الخميس والجمعة الماضيين، نشر ترمب أربع تغريدات حول إيران أشعلت وسائل الإعلام العالمية. وفي إحدى تلك التغريدات ذكر أن «إيران تلعب بالنار. إنهم لا يدركون كم كان أوباما لطيفًا معهم ولكن ليس أنا». وفي تغريدة أخرى قال إن على طهران «أن تكون شاكرة للاتفاق (النووي) السيئ»، مضيفا أن إيران «كانت على وشك الانهيار قبل أن تزودها واشنطن بطوق نجاة بـ150 مليار دولار».
وارتفع التوتر بين الجانبين في الأسبوع الثاني من تولي ترمب الرئاسة، وتحديدا بعد الكشف عن إجراء إيران تجربة صاروخية باليستية. وكان أول بيان أصدره البيت الأبيض بعد تنصيب ترمب إعلان نيته تطوير نظام دفاع صاروخي متقدم للحماية من الهجمات من إيران وكوريا الشمالية.
وقال قائد الوحدة الصاروخية في الحرس الثوري اللواء أمير علي حاجي زادة خلال الأيام القليلة الماضية إن صواريخ إيران «ستنهمر على رؤوس الأميركيين إن بادرت واشنطن بشن هجوم عسكري ضد إيران». وبعد ذلك، أعلنت الخزانة الأميركية جملة من العقوبات الجديدة على 25 كيانا وفردا على صلة بالبرنامج الباليستي للحرس الثوري الإيراني، وشملت العقوبات 8 إيرانيين و5 مؤسسات مقربة من الحرس الثوري.
ولم يعلق خامنئي على العقوبات الأميركية الجديدة، علمًا بأنه كان في وقت سابق اعتبر تمديد العقوبات وتطبيق عقوبات جديدة ضد إيران «خرقا للاتفاق النووي».
وعقد مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي اجتماعا طارئا بطلب من واشنطن، لبحث اختبار الصاروخ الباليستي و«انتهاك» إيران للقرار 2231 الصادر من مجلس الأمن الذي ينص على وقف طهران تطوير الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية أو يمكن تطويرها لاحقا.
وردا على تهديد ترمب قال خامنئي أمس إن «إيران لا تخشى التهديد». ومع ذلك فإن خامنئي شارك ترمب الرأي في توجيه الانتقادات الحادة إلى إدارة أوباما. وفي هذا الصدد خاطب خامنئي الرئيس الأميركي متسائلا: «لماذا يجب أن نشكر الحكومة الأميركية السابقة من أجل العقوبات ضد إيران؟».
وفي حين اتهم خامنئي أوباما بالوقوف وراء ظهور تنظيم داعش و«إشعال العراق وسوريا»، تساءل ما إذا كان عليه توجيه الشكر إلى أوباما بسبب «نفاقه وتناقضه»، موضحا أنه أعلن «تأييدا صريحا وخفيا» لاحتجاجات الحركة الإصلاحية عقب انتخابات الرئاسة الإيرانية عام 2009 رغم رسائل متبادلة بينه وبين الرئيس الأميركي السابق يعبر فيها أوباما عن احترامه واستعداده للتعاون مع المرشد الإيراني.
واعتبر خامنئي مواقف الإدارة الجديدة من إيران بمثابة «القفاز المخملي الذي غطت به الإدارة الأميركية السابقة قبضتها الحديدية» تجاه إيران. واستغل خامنئي خطابه لتوجيه تحذيرات ضمنية تحت شعار التصدي لـ«التغلغل في النظام» أطلقه بعد الاتفاق النووي بسبب ميول مسؤولين إلى إعادة العلاقات مع أميركا، موضحا أنه حذر المسؤولين عدة مرات من الوثوق بـ«الشيطان الأكبر».
من جانبه، عاد الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس خلال حضوره مراسم توزيع جائزة كتاب العام في إيران للدفاع عن الاتفاق النووي، موجها رسائل إلى أطراف خارجية (إدارة ترمب) وداخلية (معارضو الاتفاق النووي)، ومحاولا توظيف الاتفاق النووي في إطار الانتخابات الرئاسية التي يفترض أن يخوضها ضد مرشحين من التيار المحافظ في مايو (أيار) المقبل. وقال روحاني إن الاتفاق النووي جاء نتيجة فوزه في السباق الرئاسي 2013، مشيرا إلى أن شعار «المرونة البطولية» الذي أطلقه خامنئي في بداية عودة إيران للمفاوضات النووية كان من «أسرار التوصل لحل المشكلات»، وفقا لوكالة «إيسنا». وأضاف روحاني: «في بداية المفاوضات قالوا إن الإدارة الأميركية تضع قبعة على رؤوسنا (كناية إيرانية على الخداع) لكنني قلت: فوق رأسي عمامة... لا يمكنهم ذلك»، مضيفا أن «ترمب لا يتحمل الاتفاق النووي». وانطلاقا من ذلك، وجه روحاني انتقادات ضمنية إلى أطراف داخلية قال إنه «يعجبها النزاع والعنف والتجييش، بينما نحن ثورة ودستور وحكومة وثقافة وهوية و(كلنا) إيرانيون لماذا يجب الوقوف ضد بعضنا البعض».
وجاءت تصريحات روحاني قبل ساعات من اجتماع مغلق بين رؤساء السلطات الثلاث في إيران (البرلمان والحكومة والقضاء). وأجرى روحاني مشاورات خلف الأبواب المغلقة مع الإخوة لاريجاني ويعد أول لقاء بعد طول انقطاع دام أشهرا بين روحاني ورئيس القضاء بسبب الحرب الكلامية إثر تبادل الاتهامات حول قضايا الفساد.
وتنظر أوساط إيرانية إلى أن الاختبار «المفاجئ» للصاروخ الباليستي ضربة جديدة ضد روحاني، في وقت كانت حكومته تترقب المواقف الرسمية للحكومة الأميركية حول الاتفاق النووي، خاصة مع تصاعد الخلافات مع الحرس الثوري حول المكاسب الاقتصادية وتفضيل الاستثمار الأجنبي على الشركات التابعة للحرس الثوري الإيراني. وكان نائب الرئيس الأميركي مايك بنس قد ذكر يوم الأحد الماضي أن إدارة ترمب تجري «تقييما» للاتفاق النووي مع إيران، موضحا أن «الرئيس سيتخذ قراره» في شأن الاتفاق خلال أيام.
من جهة أخرى، تحدث وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في حوار نشرته صحيفة «اطلاعات» الإيرانية أمس، عن إمكانية توجه ترمب لإعادة التفاوض حول البرنامج النووي الإيراني، مشددا على أن طلب إعادة التفاوض سيقابل بـ«رفض إيراني وأوروبي ودولي». وقدم ظريف صورة ضبابية حول مستقبل الاتفاق النووي تظهر حالة الترقب والقلق التي تسود الأوساط المدافعة عن توقيع الاتفاق في طهران. وتوقع ظريف «صعوبة أكثر في تطبيق الاتفاق خلال الشهور القليلة المقبلة».
في غضون ذلك، واصلت القيادة العسكرية الإيرانية الرد على تهديدات ترمب؛ وفي أحدث تعليق، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية مسعود جزايري أمس إن تهديد إيران بالخيارات المطروحة على الطاولة يعد «أدبيات تكرارية ومتآكلة»، مشددا على أن القوات المسلحة «تعرف ما الذي ينبغي القيام به وأين وأي أهداف من أجل ضمان الاستقرار»، حسبما أوردت وكالة «مهر». ورفض جزايري، من جهة أخرى، التحرك البريطاني الجديد في منطقة الشرق الأوسط بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي وتوعد بإحباط التطلع البريطاني والأوروبي للعب دور فاعل في الشرق الأوسط واصفا إياه بـ«آمال شيطانية». ووجه جزايري تهديدا صريحا إلى لندن قائلا: «عليها أن تعود من نفس الطريق الذي سلكته في المجيء قبل أن تواجه مشكلات جدية».
وبدوره، قال القيادي في الحرس الثوري محسن رضائي إن إيران «لا تريد دخول حرب ضد أميركا»، لكنه توعدها بالندم «إذا أرادت مواصلة السير على خط التهديدات».



إسرائيل تكثف جهودها للعثور على رفات إيلي كوهين والجنود المفقودين في سوريا

إسرائيل تكثف جهودها للعثور على رفات إيلي كوهين والجنود المفقودين في سوريا
TT

إسرائيل تكثف جهودها للعثور على رفات إيلي كوهين والجنود المفقودين في سوريا

إسرائيل تكثف جهودها للعثور على رفات إيلي كوهين والجنود المفقودين في سوريا

في ظل التغيرات المتسارعة في المشهد السوري، تسعى إسرائيل إلى استغلال الأوضاع الراهنة للبحث عن أماكن دفن الجاسوس الشهير إيلي كوهين وجنودها المفقودين، وفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وحسب تقرير إعلامي لبناني نُشر مؤخراً، أفادت مصادر دبلوماسية بأن إسرائيل تجري اتصالات مكثفة داخل سوريا وخارجها في محاولة للحصول على معلومات حول مكان دفن كوهين، الذي أُعدم شنقاً في دمشق عام 1965 بعد كشف نشاطه التجسسي.

التقرير أشار أيضاً إلى جهود إسرائيلية متجددة للعثور على رفات الجنديين تسفي فلدمن ويهودا كاتس، اللذين فقدا في معركة السلطان يعقوب ضد القوات السورية في لبنان عام 1982.

وفي تطور سابق، أفيد في فبراير (شباط) 2021 أن روسيا، بالتعاون مع السلطات السورية وتحت ضغط إسرائيلي، قامت بعمليات بحث في منطقة مخيم اليرموك بدمشق، سعياً للعثور على رفات كوهين.

وفي الشهر التالي، تحدثت تقارير عن نقل جزء من جثمان يُعتقد أنها تعود لكوهين إلى إسرائيل، إلا أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفى صحة تلك التقارير، ولم يتأكد حتى الآن مصير هذه القطعة أو ارتباطها بكوهين.

تأتي هذه التحركات الإسرائيلية في ظل تطورات إقليمية متغيرة، إذ تسعى تل أبيب إلى إغلاق ملف شخصيات شكلت جزءاً من تاريخها الأمني والسياسي.