اكتشاف معبد فرعوني شرق دلتا مصر يعود لرمسيس الثاني

العثور على نقش لآثار أقدام أطفال... وبقايا جدار عليها مناظر ملونة

المباني المكتشفة تمتد لمسافة مائتي متر
المباني المكتشفة تمتد لمسافة مائتي متر
TT

اكتشاف معبد فرعوني شرق دلتا مصر يعود لرمسيس الثاني

المباني المكتشفة تمتد لمسافة مائتي متر
المباني المكتشفة تمتد لمسافة مائتي متر

جرى اكتشاف معبد فرعوني إضافة إلى حفرة من «الملاط» بها آثار أقدام أطفال، بمدينة «بر - رمسيس» (قنطير حاليا) شرق دلتا مصر. وأعلنت بعثة الآثار المصرية - الألمانية المُشتركة والتابعة لمتحف «رومير وبيليزيوس» في مدينة هيلديزهايم في ألمانيا أمس، عن اكتشاف المعبد الأثري.
وقال مصدر أثري، إن «الدراسات الأولية أكدت أن الاكتشافات عبارة عن مجموعة من الحوائط المتجاورة من المرجح أنها من معبد»، مضيفا أن «بر - رمسيس» كان الاسم الفرعوني، ويعني «بيت رمسيس محبوب آمون بانتصاراته».
وكانت العاصمة الجديدة المبنية من قبل فرعون الأسرة المصرية التاسعة عشرة رمسيس الثاني.
وأوضح الدكتور محمود عفيفي، رئيس قطاع الآثار المصرية بوزارة الآثار، أن فريق العمل قام العام الماضي بإجراء بعض الدراسات بالموقع للعثور على بقايا مدينة «بر - رمسيس» القديمة عن طريق عمل بعض القياسات المغناطيسية، التي أوضحت أنه ربما يوجد أسفل الموقع مجمع لمبان، الأمر الذي دفعهم إلى تكريس جهودهم هذا العام للكشف عن هذه المباني، لافتا إلى أن المباني المكتشفة تمتد لمسافة مائتي متر، مؤكدا أن الفترة المقبلة ستشهد تحديد مدخل المبنى، الذي من المرجح أنه يقع في الجهة الشمالية الغربية لمجمع المباني.
وأضاف المصدر الأثري أن مدينة «بر - رمسيس» أقيمت بالقرب من مدينة «أفاريس» القديمة، التي كان بها مقر ملكي لفرعون الأسرة الثامنة عشرة سيتي الأول، وأخذت المدينة بُعدا استراتيجيا، وظلت المدينة عاصمة للدولة كذلك في عهد رمسيس الثالث. وقد اتخذت أسرة رمسيس من «بر - رمسيس» مقرا ملكيا لإقامتها، وهو المكان الذي يسمى حاليا «قنطير» بمحافظة الشرقية، لكن ظلت طيبة المركز الديني الرئيسي، والجبانة الخاصة لدفن الملوك وحاشيتهم.
في السياق ذاته، أوضح هينينغ فرنزماير، المشرف على عمل البعثة من الجانب الألماني، أنه تم الكشف أيضا عن حفرة كبيرة من الملاط، وبها نقش لآثار أقدام أطفال، إضافة إلى بقايا جدار من الجبس عليه مناظر ملونة، بما يؤكد أن المنطقة لا تزال تحتاج إلى كثير من أعمال البحث والدراسات، في محاولة لاكتشاف مزيد عن أسرار مدينة «بر - رمسيس» عاصمة مصر في عهد الملك رمسيس الثاني.
وأضاف فرنزماير، أنه تم تنظيف الجزء المكتشف من الجدار الملون ونقله من موقعه داخل الحفرة إلى مكان آخر للترميم. كما أكد أن أعضاء البعثة سيعملون على اكتشاف باقي أجزاء الجدار والمنظر المرسوم عليها في موسم الحفائر المقبل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».