السلطة الفلسطينية تتعهد التصدي لأي فتنة دينية

خلاف على تمليك أرض وقفية للكنيسة الروسية يثير اتهامات «دينية» و«سياسية»

السلطة الفلسطينية تتعهد التصدي لأي فتنة دينية
TT

السلطة الفلسطينية تتعهد التصدي لأي فتنة دينية

السلطة الفلسطينية تتعهد التصدي لأي فتنة دينية

أخذت قضية تمليك السلطة الفلسطينية أرضًا معروفة في مدينة الخليل كأرض وقف إسلامي، لصالح الكنيسة الروسية في المدينة، أبعادًا أخرى غير قانونية، وكادت تتحول إلى «فتنة» بعد اتهامات «دينية» للسلطة، لها علاقة بـ«إرث الرسول»، وأخرى «سياسية» لها علاقة بالدور الروسي في سوريا، قبل أن تنفذ السلطة حملة اعتقالات واسعة، بحق عناصر من حزب التحرير الإسلامي، وتفض، بالقوة، متظاهرين، معلنة أنها لن تسمح بإثارة «فتنة دينية في فلسطين».
وقال الناطق باسم المؤسسة الأمنية والمفوض السياسي العام، اللواء عدنان الضميري، إن المؤسسة الأمنية لن تسمح بإحداث فتنة دينية في المجتمع الفلسطيني. وأضاف الضميري: «سنحافظ على الأمن والسلم الأهليين، بكل الطرق والوسائل. هذا هو دورنا».
واتهم الضميري حزب التحرير الإسلامي، وهو حزب ليس فلسطينيًا، لكن له فرع في الأراضي الفلسطينية، بالعمل على إثارة فتنة دينية مستغلاً قضية «الأرض». وتعهد بالتصدي لهذه المحاولات بكل الطرق والإجراءات اللازمة.
وترك الضميري الأمر برمته إلى القضاء الفلسطيني للبت في القضية، والخلاف بين السلطة وعشائر فلسطينية في الخليل.
والقضية التي تحولت إلى قضية رأي عام، مثارة منذ شهور طويلة، ومنظورة في القضاء كذلك، لكن قرارًا رئاسيًا مفاجئًا، بتمليك الأرض للكنيسة الروسية، ومظاهرات واسعة دعا لها حزب التحرير، واتهام السلطة للحزب بتهديد وجود الكنيسة الروسية هناك، أخرج الأمر من إطاره القانوني. وكانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية، أعلنت السبت، محيط كنيسة المسكوبية في الخليل، منطقة عسكرية مغلقة، ودعت إلى عدم الاقتراب منها حتى إشعار آخر. ومن ثم فرقت بالقوة مسيرة نظمها حزب التحرير وسط الخليل، واعتقلت أعدادًا منهم كانوا في طريقهم إلى كنيسة المسكوبية. كما واصلت اعتقال آخرين تعتقد أنهم أسهموا في «التحريض»، وكانوا يملكون «أدوات تحريضية»، بحسب مسؤولين في الأمن.
وتتهم السلطة بشكل رئيسي حزب التحرير بإثارة القلاقل في هذه المسألة، على الرغم من أن لدى عشائر الخليل رأيًا مماثلاً للحزب، لكن دعوات سابقة لمسيرة السبت، أطلقها مجلس نظار آل التميمي، والقوى السياسية، وممثلو العشائر والعائلات في الخليل، لحزب التحرير بعدم تنظيم المسيرة قرب الكنيسة، أعطى السلطة ضوءًا أخضر لحصر الأمر بالحزب، واستخدام القوة والغاز المسيل للدموع وتنظيم اعتقالات، باعتبار حزب التحرير «يحرض وحيدًا» و«يعرض السلم الأهلي للخطر الشديد ويثير الفتن».
وكانت القوى الوطنية والعشائرية في محافظة الخليل، دعت إلى إلغاء فعالية الوقفة بجانب أرض كنيسة المسكوبية، وعدم المشاركة فيها، «لما تحمله من سوء استغلال وتحريض وإثارة للفتنة، وما قد يترتب عليها من مساس بأمن المواطنين». لكن حزب التحرير يرى غير ذلك.
وقال مصعب أبو عرقوب، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين، إن إعطاء وقف تميم الداري للكنيسة الروسية، هو «جور عظيم، لأن السلطة تهدي ما لا تملك لمن لا يستحق». وأضاف أن «من لا يملك أي السلطة، يعطي من لا يستحق أي الكنيسة الروسية، التي تبارك كل جندي روسي يقتل ويقصف إخواننا في حلب وسوريا والعراق».
وقال حزب التحرير إنه شارك في الوقفة ولم يدعُ إليها، واتهم السلطة باعتقال نحو 50 من عناصره. كما اتهم الحزب في بيان، الرئيس الفلسطيني بتجاوز قرار المحكمة العليا بوقف الإجراءات التي اتخذتها السلطة، وقال إنه «لم ينتظر قرار المحكمة العليا للبت في القضية وقام بتمليك الأرض للروس».
وتقول عشائر الخليل ونظار آل التميمي، إن الأرض البالغة مساحتها نحو 73 دونمًا، وحولتها السلطة للكنيسة، هي جزء من الوقف الذي أعطاه النبي محمد صلى الله عليه وسلم للصحابي تميم الداري، وهي جزء من عقيدة المسلمين يحرم تمليكها للآخرين. فيما تقول الكنيسة الروسية، إنها تملك أوراقًا تثبت ملكية الأرض منذ عام 1974.
ولم تبت محكمة العدل العليا في القضية حتى الآن، لكنها أمرت، في وقت سابق، بوقف أي إجراءات من أي جهة كانت تتعلق بالأرض. ثم أصدر الرئيس قرارًا بالاستملاك والحيازة الفورية للأرض البالغة مساحتها حسب إخراج القيد 73 دونمًا و50 مترًا مربعًا، لصالح الخزينة العامة، ولمنفعة البعثة الروسية لبطريركية موسكو.
ويتوقع أن تنتظر الأطراف قرارًا نهائيًا وباتًا من محكمة العدل ويكون ملزمًا للسلطة والعائلات.



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.