الصحافي العبسي «مات مسموما» وأسرته تطالب بتحقيق شفاف

محمد العبسي
محمد العبسي
TT

الصحافي العبسي «مات مسموما» وأسرته تطالب بتحقيق شفاف

محمد العبسي
محمد العبسي

أعلن الفريق المكلف بمتابعة وفاة الصحافي اليمني المتخصص في مكافحة الفساد محمد العبسي أن نتائج الطب الشرعي أكدت أن سبب الوفاة هو التسمم والاختناق بغاز أول أكسيد الكربون، بعد وجود مادة (الكاربوكسي هيموغلوبين) في الدم بنسبة 65 في المائة والتي تعتبر قاتلة.
وتوفي العبسي (35 عاما) في ظروف غامضة في 20 ديسمبر (كانون الأول) 2016، وفي وقت أشارت فيه تقارير إعلامية يمنية أنه كان يتولى متابعة ملفات فساد حصل على وثائق تخصها تتبع لشخصيات حوثية نافذة في العاصمة اليمنية صنعاء.
إثر ذلك، قررت أسرته وأصدقاؤه الاحتفاظ بجثمانه في مستشفى الكويت وتشكيل فريق لمتابعة القضية، ووفقا لأسرته، فإن منزل الصحافي داهمته الميليشيات الحوثية مارس (آذار) الماضي، كما تلقى تهديدات عدة بسبب ما ينشره من ملفات فساد لمسؤولين في صنعاء، بعدما نشط كثيرا في نبش الملف الشائك، وأسس حملات أبرزها «التحالف الوطني لمناهضة صفقة الغاز المسال»، وعمل محررًا في صحيفة «الثورة» الحكومية، كما عمل سابقًا مراسلاً لصحيفة «السفير» اللبنانية.
وتحدثت مواقع إخبارية يمنية، أن الصحافي تناول وجبة العشاء مع ابن عمه، وعلى أثرها نقل إلى المستشفى في حالة صحية سيئة للغاية.
وقال الفريق في بيان أصدره أمس، إن إجراءات تشريح الجثة وفحص العينات انتهت، مبينًا تسلم الفريق أول من أمس صورة من النيابة المناوبة لتقرير الطب الشرعي المكلف، التي خلصت إلى أن وفاة الصحافي محمد عبده العبسي كانت بسبب التسمم والاختناق بغاز أول أكسيد الكربون، حيث وجدت مادة (الكاربوكسي هيموغلوبين) في الدم بنسبة تشبع 65 في المائة، والتي تعتبر قاتلة.
ودعت أسرة العبسي وفريق المتابعة المساند لها، النيابة العامة البدء في تحقيق شفاف حول ملابسات الوفاة وبما يكفل معرفة كافة الأسباب والظروف المحيطة بها.
ويضم فريق المتابعة إلى جانب أسرة الفقيد العبسي، نقابة الصحافيين اليمنيين، ومنظمة مواطنة لحقوق الإنسان، ومؤسسة برسنت لبحوث الرأي، ومركز صنعاء للدراسات.
وأشار الفريق أن عملية فحص العينات المطلوبة مرت بإجراءات معقدة بعد أن تعذر إجراء هذه الفحوصات في العاصمة صنعاء لعدم وجود الأجهزة والمواد اللازمة، وبناء عليه نقلت إلى العاصمة المؤقتة عدن ومن ثم للمملكة الأردنية الهاشمية التي أجري فيها التحليل وظهور النتائج.
وأكد فريق المتابعة أنه لم يطلب أو يتلقى أي دعم مالي من أي طرف أو جهة سياسية، وأن الفريق تحمل كامل التكاليف.
وتابع: «نظرًا لما تمثله القضية من أهمية بالغة كقضية رأي عام تستمد أهميتها من الدور الشجاع والاستثنائي الذي لعبه الراحل في مقارعة الفساد ونضاله من أجل العدالة والحقيقة، فإن الفريق إضافة إلى دعوته لاستكمال التحقيقات القانونية بعد أن تمت معرفة أسباب الوفاة - يدعو أيضًا إلى تكريم وتخليد ذكرى الفقيد والاحتفاء بسيرته باستمرار نضال اليمنيين من أجل الحقوق والحريات وإعلاء قيمتي الحقيقة والمحاسبة».
وكان وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني وصف رحيل العبسي بالخسارة الكبيرة «للوسط الصحافي والإعلامي الذي فجع بهذا الرحيل المبكر»، وقال: إن العبسي «وضع بصمات لا تنسى خلال سنوات قليلة من عمله الصحافي، وقد كان مثار إعجاب الجميع، لامتلاكه قدرات صحافية خاصة واستثنائية، واطلاعا واسعا في كثير من المجالات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم