مذاق البيرو يضع الحواس في وضع التأهب

{سيفيتشي} أشهر أطباقه والليمون عنوانه

مذاق البيرو يضع الحواس في وضع التأهب
TT

مذاق البيرو يضع الحواس في وضع التأهب

مذاق البيرو يضع الحواس في وضع التأهب

أول شيء ينبغي عليك القيام به هو وضع حواسك في وضع الاستعداد. كالعادة يتمحور تناول طعام أميركا اللاتينية حول التمتع بالتجربة بكل ما فيها من شكل، وإحساس، ورائحة، وبطبيعة الحال المذاق والتنوع. مع ذلك يتميز طعام بيرو بمزجه المذهل بين الأساليب التقليدية المحلية، وتأثير المطبخ الآسيوي مثل الياباني، أو الصيني، إلى جانب الطعام الإسباني، والأفريقي بما يضيفه من ألوان متنوعة في طبقك الذي من مكوناته الفلفل الحار المحلي الذي يُعرف باسم «أجي» باللغة الإسبانية.
ويمكن أن نبدأ جولتنا في عالم طعام بيرو بواحد من أشهر الأطباق وهو طبق الـ«سافيتشي»؛ وهو طبق ستجده لذيذًا إن كنت من محبي المأكولات البحرية، التي تتسم بالتنوع نظرًا لامتداد بيرو على 2500 كم من الساحل. المكونات الرئيسية لطبق الـ«سيفتشي» هي السمك الأبيض الطازج المعد مع عصير الليمون، والملح، والبصل، والفلفل الحار، ويتم تقديمه مع أطباق جانبية مثل البطاطا الحلوة، والذرة الصفراء. مع ذلك قد يذهلك تنوع أنواع البطاطا الحلوة، والذرة في بيرو، وهو الموطن الأصلي لها. هناك ثلاثة آلاف نوع من البطاطا الحلوة، والذرة مختلفة الألوان.
ويقول ألكسندر ديف توريس، الطاهي التنفيذي في سلسلة مطاعم «نازكا»، التي تقدم أصناف مطبخ بيرو في أميركا اللاتينية، إن طبق الـ«سيفيتشي» يوضح مدى ثراء الطعام المحلي، وتطوره، ويضيف قائلا: «الناس تأكل طبق الـ(سيفيتشي) الآن ويتم إعداده بشكل طازج أكثر من ذي قبل. لقد اعتاد الناس نقع السمك في عصير الليمون وطهيه لعدة ساعات، أما الآن فلا يحتاج الأمر سوى إلى دقائق معدودة لتقديمه إلى الناس على المائدة».
إذا كان طبق الـ«سيفيتشي» من المقبلات، فيمكن الانتقال إلى الطبق الرئيسي بعد تناوله بدقائق معدودة. من الأطباق الشعبية في بيرو طبق «أجي دي غالينا» أو الدجاج بالفلفل الأصفر الحار. وهو مطعم رائع من حيث المظهر والرائحة. ويتم إعداد الطبق من قطع الدجاج، والصوص الأبيض، والبهارات، وفتات الخبز، واللبن، والفلفل الأصفر الحار الذي يعد من أهم المكونات حيث يمنح الصوص لونه المميز. ويتم تقديم هذا الطبق مع الأرز، أو البطاطس.
مع ذلك تختلف نكهات أصناف طعام بيرو باختلاف المكونات المستخدمة، أو أنواعها. ويصدق هذا بوجه خاص على الفلفل الحار، حيث له ألوان كثيرة، وتتراوح درجة قوته من المعتدل إلى الحار جدًا.
لسنوات كثيرة ظلت دولة بيرو، خاصة العاصمة التاريخية ليما، تتطور لتصبح عاصمة الطعام في أميركا اللاتينية. بحسب الإحصاءات الحكومية، من السائحين الذين يزورون البلد سنويًا والبالغ عددهم 3.8 مليون، هناك 200 ألف يزورون البلاد من أجل التمتع بالطعام فقط. إلى جانب ذلك، تقدم مطاعم متخصصة في الطعام العالمي مثل الطعام الإيطالي، أو الآسيوي في مدينة ليما مجموعة متنوعة من أصناف الطعام. مع ذلك لا تعد مدينة ليما هي المكان الوحيد للاستمتاع بتناول الطعام. وتقدم كل المدن في دولة بيرو أصنافًا ممتازة من الطعام تناسب كل المستويات والطبقات الاجتماعية، ومن تلك المدن مدينة كوزكو التي تشتهر بآثار ماتشو بيتشو التي تنتمي إلى حضارة الإنكا في جبال الإنديز.
ويقول جيمي كارديناس، مدير مكتب التجارة والاستثمار في سفارة بيرو في المملكة المتحدة، إن المكونات هي التي تحدث فرقًا، حيث تتيح أساليب وإبداع الطهاة احتواء المذاقات، والتقاليد المختلفة. وتأمل حكومة بيرو أن تجذب سياحة الطعام 7 مليون سائح بحلول عام 2021.
إذا اخترت الانتقال إلى الحلوى، فيمكنك الاختيار بين المذاق الحار والمذاق الحلو والملون في الوقت ذاته. ومن أصناف الحلوى الشائعة الأرز باللبن مع القرفة والزبيب. وأهم ما يميز طعام بيرو بحسب الطاهي توريس هو وجود تأثيرات كثيرة به، حيث يشير إلى أنه مع تغير المجتمع يتغير الطعام. ويقول: «لقد كانت هناك حضارة الإنكا، التي تأثرت بما جاء به الإسبان من أصناف؛ ثم بالعبودية التي جاءت بالتأثير الأفريقي، وأخيرًا بالهجرة الصينية بما حملته معها من نكهات وأساليب».
وحقق طعام بيرو هذه الأيام نجاحًا كبيرًا إلى حد الفوز بجوائز في أهم مهرجانات الطعام حول العالم.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.