طهران تلاعبت بانتخابات الولايات المتحدة عام 1980https://aawsat.com/home/article/846536/%D8%B7%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%A8%D8%AA-%D8%A8%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%B9%D8%A7%D9%85-1980
وثيقة الاستخبارات التي تكشف تدخل إيران بانتخابات 1980 في أميركا
TT
TT
طهران تلاعبت بانتخابات الولايات المتحدة عام 1980
وثيقة الاستخبارات التي تكشف تدخل إيران بانتخابات 1980 في أميركا
لم يقتصر التدخل الإيراني في شؤون الدول الأخرى على الجيران العرب والمسلمين، بل امتد إلى ما وراء البحار منذ نشأة الجمهورية الإسلامية، حيث اكتشفت الاستخبارات المركزية الأميركية في أبريل (نيسان) من عام 1980، بأن المرشد الإيراني يعتزم التأثير على الانتخابات الأميركية، بما يضمن خسارة الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر لصالح الجمهوري رونالد ريغان في انتخابات عام 1980، وفقا لما ورد في تقرير بهذا الشأن:
عندما اتهم الحزب الديمقراطي الأميركي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من أجل إسقاط المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون لصالح المرشح الجمهوري حينها دونالد ترمب، لم يأت هذا الاتهام من فراغ. لقد كانت هناك تجارب سابقة لحدوث تدخلات خارجية أثرت فعلا على سير الانتخابات الأميركية، وتحكمت في نتائجها بناء على رغبة مصدر التدخل. ولعل أبرز واقعة من هذا القبيل، وأهمها على الإطلاق التدخل الإيراني في انتخابات 1980 التي انتهت بحرمان الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر من تولي الرئاسة لفترة ثانية، وساعدت منافسه الجمهوري الممثل رونالد ريغان على الإطاحة به.
ومن المفارقات أن الرئيس الأسبق جيمي كارتر كان على علم مسبق بالمخطط الإيراني، حيث إن وكالة الاستخبارات الأميركية قدمت له ولبقية كبار صناع القرار في البيت الأبيض والخارجية، حيث مذكرة سرية جدا بتاريخ 18 أبريل 1980، تحت عنوان: «خميني إيران يسعى لإلحاق الهزيمة بالرئيس كارتر».
وجاء في مقدمة الوثيقة بأن الخميني ينظر إلى الولايات المتحدة وشاه إيران على أنهم شيء واحد تجمع بينهما الخصومة معه. وقالت الوكالة إن لديها معلومات من مصادرها السرية بأن الخميني تعهد لمقربين منه بأن يعمل على إسقاط الرئيس كارتر (في انتخابات ذلك العام). وتوقعت الوكالة بأن يعمد الخميني إلى تأجيل الإفراج عن الرهائن الأميركيين عن طريق المماطلة والتسويف، إلى أن يخسر كارتر الانتخابات، ويتم الإفراج بعد ذلك عن الرهائن في عهد الرئيس ريغان. وكانت الوكالة محقة في هذا التوقع، إذ إن هذا السيناريو هو الذي تم تطبيقه بالفعل، وخسر كارتر الرئاسة. وفي اليوم الأول من حكم الرئيس رونالد ريغان تم الإفراج عن الرهائن الأميركيين، وبدا الأمر وكأن الفضل يعود في هذا الإفراج لجهود فريق الرئيس ريغان. وبفوز ريغان في انتخابات 1980، يكون قد حرم كارتر من البقاء في البيت الأبيض لفترة ثانية. ويجمع المحللون على أن السلوك الإيراني بمثابة تدخل سافر في العملية الانتخابية، أسفر عن توجيه نتائجها إلى الاتجاه المرغوب به إيرانيا.
وثيقة الاستخبارات التي تكشف تدخل إيران بانتخابات 1980 في أميركا
واشنطن واستراتيجية الـ«لا استراتيجية» في الشرق الأوسطhttps://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7/5068521-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%80%D9%84%D8%A7-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7
واشنطن واستراتيجية الـ«لا استراتيجية» في الشرق الأوسط
بايدن مع بنيامين نتنياهو خلال زيارته التضامنية لإسرائيل في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
بعد عام على هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، تتخبط منطقة الشرق الأوسط في موجة تصعيد مستمر، من دون أي بوادر حلحلة في الأفق. فمن الواضح أن إسرائيل مصرة على الخيارات العسكرية التصعيدية، ضاربة بعرض الحائط كل المبادرات الدولية للتهدئة، ومن الواضح أيضاً أن الولايات المتحدة وإدارة الرئيس جو بايدن، إما عاجزتان عن التأثير على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإما غير مستعدتين لممارسة ضغوطات كافية عليه للتجاوب مع دعواتها لوقف التصعيد. هذا في وقت تعيش فيه الولايات المتحدة موسماً انتخاباً ساخناً تتمحور فيه القرارات حول كيفية تأثيرها على السباق الرئاسي.
السؤال الأبرز المطروح حالياً هو عما إذا كان هناك استراتيجية أميركية ما حيال ملف الشرق الأوسط، انطلاقاً من الحرب الدائرة منذ عام. فقد واجهت الإدارة الحالية انتقادات حادة بسبب غياب منطقة الشرق الأوسط عن لائحة أولوياتها منذ تسلم بايدن السلطة. ولكن الأمور منذ 7 أكتوبر 2023 تغيرت جذرياً.
تحدثت «الشرق الأوسط» إلى غيث العمري، المستشار السابق لفريق المفاوضات الفلسطيني خلال محادثات الوضع الدائم وكبير الباحثين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي رأى أن الإدارة الأميركية سعت فعلياً إلى عدم إعطاء الأولوية لمنطقة الشرق الأوسط، وحوّلت تركيزها ومواردها إلى أولويات أخرى. ويقول العمري: «جاءت هجمات 7 أكتوبر لتفاجئ الولايات المتحدة التي لم تكن مستعدة لها، والتي افتقرت لما يلزم لمواجهة أزمة بهذا الحجم». ويرى العمري أن الولايات المتحدة اعتمدت منذ السابع من أكتوبر وحتى تاريخنا هذا على سياسة «مجزأة مبنية على رد الفعل»، مضيفاً: «إنها لم تتمكن من رسم المشهد الاستراتيجي أو ممارسة النفوذ على حلفائها الإقليميين».
تحدثت «الشرق الأوسط» أيضاً إلى جون الترمان، المسؤول السابق في وزارة الخارجية ومدير برنامج الشرق الأوسط في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية، فقال: «فشلت إدارة بايدن بالتأكيد في تحقيق العديد من أهدافها في العام الماضي، ولكن في الوقت نفسه لم تندلع حرب إقليمية كبيرة بعد». ويعرب الترمان عن «دهشته» من أنه ورغم «الإخفاقات»، فإن الولايات المتحدة «لا تزال هي النقطة المحورية للدبلوماسية الإقليمية».
وفيما تدافع إدارة بايدن عن أدائها بالقول إنها أظهرت الردع من خلال إرسال تعزيزات أميركية إلى المنطقة، إلا أن العمري يختلف مع هذه المقاربة، لافتاً إلى أن نشر هذه الأصول العسكرية ربما ساهم في المراحل المبكرة من الحرب «في ردع إيران و(حزب الله) من الانخراط في تصعيد كبير، إلا أنه فشل في ردعهما إلى جانب وكلائهما كالحوثيين من الانخراط في أنشطة خبيثة على مستوى منخفض». وأضاف: «لقد تسبب ذلك في زيادة الضغط، وأدى في النهاية إلى انتقال الحرب إلى لبنان وربما مناطق أخرى».
الدبلوماسية «هي الحل»
في خضم التصعيد، تبقى إدارة بايدن مصرة على تكرار التصريحات نفسها من أن الحل الدبلوماسي هو الحل الوحيد، محذرة من توسع رقعة الصراع في المنطقة. وعن ذلك يقول الترمان إن بايدن يريد حلولاً دبلوماسية؛ «لأن الحلول العسكرية تتطلب هزيمة شاملة لأحد الأطراف. ونظراً للرّهانات العالية لكلا الجانبين، فإن الحل العسكري بعيد المنال، وسينجم عنه المزيد من الموت والدمار أكثر بكثير مما شهدناه حتى الآن».
أما العمري فيرى أن التركيز على الدبلوماسية هو أمر مناسب؛ لأنه «في نهاية المطاف، تنتهي الحروب وستكون هناك حاجة إلى حل دبلوماسي»، مضيفاً: «عندما يأتي (اليوم التالي)، يجب أن تكون الأسس لترتيبات دبلوماسية جاهزة».
إلا أن العمري يحذر في الوقت نفسه من أن الدبلوماسية وحدها غير كافية إذا لم تكن مدعومة بقوة واضحة، بما في ذلك القوة العسكرية، ويفسر ذلك قائلاً: «إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من إقناع خصومها بأنها مستعدة لاستخدام قوتها لإيذائهم، وحلفائها بأنها مستعدة لفعل ما يلزم لمساعدتهم، فإن نفوذها تجاه الطرفين سيكون محدوداً».
تجميد الأسلحة لإسرائيل
سقوط أعداد هائلة من المدنيين في حربي غزة ولبنان منذ بدء العمليات الإسرائيلية للرد على هجمات 7 أكتوبر 2023، دفع الكثيرين إلى دعوة بايدن لوضع قيود على الأسلحة الأميركية لإسرائيل، بهدف ممارسة نوع من الضغوط على نتنياهو لوقف التصعيد، لكن الترمان يرفض النظرة القائلة بأن تجميد الأسلحة سيمهد للحل، ويفسر قائلاً: «إذا اعتمدت إدارة بايدن هذه المقاربة، أتوقع أن يعترض الكونغرس بشدة، وقد تكون النتيجة عرضاً للضعف والهشاشة في سياسة البيت الأبيض، بدلاً من صورة تقديم حلول». ويحذّر الترمان من أن خطوة من هذا النوع من شأنها كذلك أن تدفع إسرائيل إلى «الشعور بمزيد من العزلة التي قد تولّد بالتالي شعوراً أكبر بعدم الالتزام بأي قيود».
ويوافق العمري مع هذه المقاربة، مشيراً إلى أنه «من غير الواضح أن أي وسيلة ضغط ستنجح»، فيقول: «إسرائيل تشعر بأنها مهددة وجودياً، مما يجعلها أقل استعداداً لتقبل أي تأثير خارجي». ويوفر العمري نظرة شاملة عن مقاربة الإدارة الأميركية في غزة ولبنان التي تحد من الضغوط التي ترغب في ممارستها على إسرائيل، فيفسر قائلاً: «رغم أن الولايات المتحدة غير راضية عن بعض جوانب سير الحرب، خصوصاً فيما يتعلق بالخسائر البشرية بين المدنيين، فإنها تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد السابع من أكتوبر». لهذا السبب يشير العمري إلى أن الولايات المتحدة تحتاج إلى تحقيق توازن في الضغط بطرق يمكن أن تغير سلوك إسرائيل «دون تقييد قدرتها على تحقيق الهدف المشروع المتمثل في هزيمة (حماس)»، مضيفاً: «هذا التوازن ليس سهلاً».
بالإضافة إلى ذلك، يذكّر العمري بطبيعة العلاقة التاريخية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي «تتجاوز القضية الإسرائيلية - الفلسطينية»، فيقول: «الولايات المتحدة تستفيد استراتيجياً من هذه العلاقة، بما في ذلك الفوائد المتعلقة بالتهديدات الإقليمية الأخرى مثل الأنشطة الإيرانية. وبذلك، فإن الولايات المتحدة لديها مصالحها الاستراتيجية الخاصة التي يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار».
أي حل في نهاية النفق
رغم التصعيد المستمر، تعمل الولايات المتحدة على بناء استراتيجية تضمن عدم خروج الأمور عن السيطرة، ودخول إيران على خط المواجهة، ويشدد العمري على أن «الأولوية الآن هي ضمان بقاء إيران خارج هذه الحرب»، مشيراً إلى أن هذا الأمر ضروري للحد من انتشار الصراع، و«لإضعاف مصداقية إيران الإقليمية ونفوذها مع وكلائها»، لكنه يرى في الوقت نفسه أنه «لا يمكن تحقيق مثل هذه النتيجة إلا إذا كانت إيران مقتنعة بأن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام العمل العسكري».
أما الترمان الذي يؤكد ضرورة استمرار الولايات المتحدة «في تقديم مسار للمضي قدماً لجميع الأطراف»، فيحذّر من أن هذا لا يعني أنها يجب أن «تحمي الأطراف من العواقب الناجمة عن أفعالهم»، ويختم قائلاً: «هناك مفهوم يسمى (الخطر الأخلاقي)، يعني أن الناس يميلون إلى اتخاذ سلوكيات أكثر خطورة إذا اعتقدوا أن الآخرين سيحمونهم من الخسارة».