تلة «بيير لوتي» إطلالة فريدة على إسطنبول

تسميتها تعود إلى كاتب فرنسي لم يكن يفارقها في القرن الـ19

التلة تتيح لروادها مشاهدة إسطنبول من أعلى ({الشرق الأوسط})
التلة تتيح لروادها مشاهدة إسطنبول من أعلى ({الشرق الأوسط})
TT

تلة «بيير لوتي» إطلالة فريدة على إسطنبول

التلة تتيح لروادها مشاهدة إسطنبول من أعلى ({الشرق الأوسط})
التلة تتيح لروادها مشاهدة إسطنبول من أعلى ({الشرق الأوسط})

يمكن لعشاق مدينة إسطنبول والمغرمين بتعانق البسفور مع التلال السبع والمآذن العتيقة، أن يصعدوا في رحلة ممتعة بالتليفريك إلى تلة «بيير لوتي»، التي تتيح مشاهدة ممتعة لخليج القرن الذهبي وكثير من معالم إسطنبول التاريخية والحديثة أيضا، كما أنها مكان مفضل لحفلات الخِطبة والزواج.
تتوج «بيير لوتي» خليج القرن الذهبي الذي يشق الشطر الأوروبي من مدينة إسطنبول، لتنفرد بكونها مكانا متميزا لمشاهدة قسم كبير من إسطنبول وكثير من معالمها، وفي المقدمة تلالها السبع الشهيرة.
وتعتبر تلة «بيير لوتي» الشهيرة بمثابة عين، وتقع في منطقة أيوب، حيث يوجد مسجد الصحابي أبي أيوب الأنصاري وضريحه، في نهايات خليج القرن الذهبي الذي يبلغ طوله 9 كيلومترات. ويمكن الصعود لقمتها عبر التليفريك أو السيارات أو سيرا على الأقدام لمن يحبون ممارسة المشي في المرتفعات.
من هذه التلة يمكن مشاهدة مسجد السلطان أحمد، وآيا صوفيا، والجوامع التاريخية الكبيرة، مثل السليمانية والجامع الجديد، وبرج جلاطة الأثري، فكلها تأخذ مكانها في هذا المشهد البانورامي، كما يمكن رؤية الخليج الذهبي، وجزر صغيرة فيه، تعيش فيها الطيور.
وتجذب التلة أعدادا كبيرة من الأتراك والسياح والزائرين الأجانب، كونها تقع بجانب جامع السلطان أيوب، ولجمالية المشهد والتقاط الصور التذكارية، فضلا عن أنها مكان مميز لحفلات الخِطبة والزواج، وينتشر بها كثير من المطاعم وأماكن الترفيه.
وتعود تسميتها بـ«بيير لوتي»، إلى كاتب فرنسي عاش في إسطنبول فترة بنهايات القرن التاسع عشر، أواخر حكم الدولة العثمانية، واسمه لويس ماري جوليان فيود، وكان يلقب بـ«بيير لوتي»، حيث كان دائم التواجد في أحد مقاهي التلة، وقد عشق إسطنبول وتناولها كثيرا في كتاباته.
ويقال إن بيير لوتي أصبح عاشقا للمكان لا يفارقه، حيث كان يمضي معظم وقته في المقهى يكتب ويشرب الشاي ويدخن النرجيلة، كما وقع في غرام سيدة عثمانية.
وتلال إسطنبول السبع تقع داخل أسوار المدينة القديمة التي تطل عليها تلة «بيير لوتي»، وهي «سراي بورنو التي يقع عليها قصر توب كابي»، و«تشامبرلي تاش»، و«السليمانية»، و«الفاتح»، و«ياووز سليم»، و«إدرنة كابي»، و«كوجا مصطفى باشا».
ومن أهم ما يجذب الناس للتوافد على تلة «بيير لوتي»، خليج القرن الذهبي، والإطلالة الرائعة، والمناظر التي تفوق الخيال أحيانا.
ويقول بعض السياح العرب الذين زاروا تلة «بيير لوتي»، إنهم كانوا يسمعون كثيرا عنها من أصدقائهم الذين زاروا تركيا، لكنهم لم يتخيلوا أنها على هذا القدر الكبير من الجمال والإطلالة الساحرة التي تتيح رؤية كثير من معالم إسطنبول. وتعد تلة «بيير لوتي» مركز جذب للسياحة والزائرين، وهي مكان أيضا للفسحة والترويح للمواطنين الأتراك في أيام العطلات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».