«مهرجانات بيت الدين» تفتتحها ماجدة الرومي وتبحر إلى سفينة «تايتانيك»

برنامج لكل ذائقة فيه «أنتيغون» مع الغناء الصوفي وكاظم الساهر

ماجدة الرومي تفتتح «مهرجانات بيت الدين» 2014
ماجدة الرومي تفتتح «مهرجانات بيت الدين» 2014
TT

«مهرجانات بيت الدين» تفتتحها ماجدة الرومي وتبحر إلى سفينة «تايتانيك»

ماجدة الرومي تفتتح «مهرجانات بيت الدين» 2014
ماجدة الرومي تفتتح «مهرجانات بيت الدين» 2014

مع ماجدة الرومي تنطلق هذه السنة «مهرجانات بيت الدين» في 26 يونيو (حزيران) المقبل، وبحفل واحد تقدم خلاله الفنانة اللبنانية باقة من أروع أغنياتها لا سيما الجديدة منها. وتستمر ليالي المهرجان العامرة حتى التاسع من أغسطس (آب) حيث يتضمن البرنامج حفلات منوعة لكل ذائقة ومزاج. الحفلات الغنائية العربية كثيرة، بينها الصوفي والطربي والشعبي، وكذلك الغربية التي راعت محبي الجاز والبلوز والسول والبوب وعشاق الباليه، كما الراغبين في رؤية عرض مسرحي مختلف.
الحفل الثاني تحييه حاملة جائزة غرامي نجمة السول والبوب و«ريثم آند بلوز»، المغنية البريطانية الشهيرة جوس ستون، التي باعت حتى الآن 11 مليون أسطوانة، ومحطتها في بيت الدين في الثاني من يوليو (تموز) تأتي ضمن جولة عالمية تجوب خلالها القارات. وفي الثامن عشر منه تغني كاتي ميلوا، الحاصلة على 56 جائزة بلاتين، محمولة بنجاحاتها التي حصدتها، حيث تؤدي ميلوا أجمل أغنياتها لمحبي موسيقى الجاز والبلوز.
وكما كل سنة، لعشاق الغناء الصوفي نصيب حيث تقام أمسية في العاشر من يوليو تموز) يكرم خلالها أساتذة الفن الصوفي وأساطير الموشحات بصوت الفنانة السورية، ذات الصيت العالمي، وعد بوحسون، وبرفقة عازف الناي التركي الموهوب قدسي إرغونر، وعلى آلة العود فواز باكر، إلى جانب مجموعات موسيقية من حلب وإسطنبول. ويأتي حفل وعد بوحسون في بيت الدين بعد حفلات كثيرة في عواصم العالم، بينها باريس وجنيف ومدريد وغرناطة وأصيلة.
وكما في كل سنة، لن يخلف كاظم الساهر موعده المنتظر، وسيكون لمرة جديدة في قصر بيت الدين يومي 1 و2 من أغسطس للقاء عشاقه الذين يقولون إن إطلالته في هذا القصر التاريخي لا تشبه أي إطلالة أخرى، وإن أداءه في هذا المكان بالذات يحمل باستمرار نفحا مختلفا.
إلى جانب الحفلات الغنائية، ستنتعش قلوب المتفرجين بعرضين، أحدهما راقص والثاني مسرحي. العرض الراقص هو «تايتانيك» يستوحي قصته من حكاية الباخرة الأسطورية الشهيرة وما حدث على متنها. وقد وضع العرض بمناسبة مرور مائة سنة على تلك المأساة، ويقدمه في بيت الدين راقصو باليه مارسيليا الوطني، وهو من تصميم الكوريغراف فريديريك فلامان، فيما قام بتصميم المسرح والفيديو خبير التجميل والتصوير ابن البندقية المبدع فابريزيو بليسي.
وهذا العرض قدم للمرة الأولى عام 1992 وأعيد إنتاجه بصيغة جديدة عام 2012، وتمتاز النسخة الأخيرة، المقدمة في بيت الدين، بالمزج الخلاق بين الفنية العالية والتقنية المبتكرة، والديكورات الخلابة التي تستعيد أجواء سفينة الأحلام التي ابتلعتها المياه. وباليه «تايتانيك» يقدم لليلتين هما 25 و26 يوليو.
سوفوكليس سيكون حاضرا في ختام المهرجان، بلمسات المخرج اللبناني وجدي معوض من خلال مسرحية «أنتيغون» الشهيرة. هذا الموهوب الذي له تجربة بين فرنسا وكيبيك في التأليف والتمثيل والإخراج يأتي بمسرحيته بعد عرضها في «مهرجان أفينيون» المسرحي الفرنسي المعروف.
ويأتي هذا العمل الجريء والاستباقي ثمرة تعاون بين وجدي معوض والشاعر روبير دافرو، حيث أوكل إليه الأول ترجمة النصوص لإخراج «مشروع سوفوكليس» الذي يجتمع فيه فريق فني من فرنسا وكيبيك بهدف إخراج قصائد سوفوكليس المسرحية السبع ضمن مهلة خمس سنوات تمهيدا لعرض متكامل للمسرحيات كلها.
عرض «أنتيغون» يختتم المهرجان هذا العام بثلاثة عروض متوالية أيام 7 و8 و9 أغسطس ويتميز بمشاركة موسيقية وغنائية لبرتران كانتا مغني فرقة Noir Désir للروك. وعلى برنامج الحفل، موعدان لبنانيان، أحدهما تحية للفنان الكبير زكي ناصيف، تحييه أوركسترا «ليبام» بمشاركة كورال الفيحاء يوم 19 يوليو، والثاني عرض بعنوان «ميتامورفوز» يقدمة طلاب الـ«ألبا». وكما كل سنة، يقام على هامش المهرجان معرضان، سيخصص الأول لـ«الكوانين والمناقل»، وهي عبارة عن مجموعة خاصة تعود لمحمد بركات، فيما المعرض الثاني مخصص لصور فوتوغرافية حول «كنوز الشوف الأعلى». بدأ بيع البطاقات والحجز للحفلات منذ يوم أول من أمس، وتقدم حسومات بنسبة عشرة في المائة على البطاقات التي تباع قبل نهاية شهر مايو. والمواصلات إلى بيت الدين مؤمنة من وسط بيروت كما كل سنة، فيما يبقى عشاق الفنون بانتظار الإعلان عن المهرجانين الكبيرين الآخرين «بعلبك» و«بيبلوس».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».