قصف بحري أميركي يستهدف معقلاً لـ«القاعدة» في أبين

ترمب شارك في تشييع أول ضحايا عهده

الرئيس ترمب رفقة ابنته إيفانكا يصعدان المروحية «مارين 1» للذهاب صوب قاعدة دوفر الجوية بولاية ديلوير لتشييع جثمان الجندي المقتول في اليمن (أ.ف.ب)
الرئيس ترمب رفقة ابنته إيفانكا يصعدان المروحية «مارين 1» للذهاب صوب قاعدة دوفر الجوية بولاية ديلوير لتشييع جثمان الجندي المقتول في اليمن (أ.ف.ب)
TT

قصف بحري أميركي يستهدف معقلاً لـ«القاعدة» في أبين

الرئيس ترمب رفقة ابنته إيفانكا يصعدان المروحية «مارين 1» للذهاب صوب قاعدة دوفر الجوية بولاية ديلوير لتشييع جثمان الجندي المقتول في اليمن (أ.ف.ب)
الرئيس ترمب رفقة ابنته إيفانكا يصعدان المروحية «مارين 1» للذهاب صوب قاعدة دوفر الجوية بولاية ديلوير لتشييع جثمان الجندي المقتول في اليمن (أ.ف.ب)

أشارت مصادر قبلية إلى قصف بحري «أميركي على الأرجح» من خليج عدن استهدف معقلا لـ«القاعدة» في محافظة أبين، ويأتي ذلك بعد أربعة أيام من عملية أميركية ضد التنظيم في وسط اليمن.
وإذ رجحت المصادر أن تكون «البحرية الأميركية» شنت الهجوم بمنطقة خبر المراقشة الجبلية، فإنها لم تدلِ بمعلومات عن إصابة أهداف أو سقوط ضحايا.
وفي المحافظة ذاتها، قتل ستة من عناصر الشرطة اليمنية أمس (الخميس) في كمين نسب إلى تنظيم القاعدة في جنوب اليمن، وفق مصادر أمنية.
وقال مصدر أمني إن عبوة ناسفة انفجرت لدى مرور قافلة تضم ثلاثين من قوات الأمن اليمنية كانوا متجهين من لودر في محافظة أبين إلى عدن في الجنوب.
وأضاف أن «تبادلا للنار مع مقاتلي (القاعدة)» أعقب الانفجار، لافتا إلى أن «ستة من رجالنا قتلوا وأصيب آخرون» في الكمين وفقا لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي الولايات المتحدة، زار الرئيس الأميركي دونالد ترمب قاعدة دوفر الجوية في ولاية ديلوير، حيث شارك في استقبال الجثمان العائد من اليمن لأول قتيل في عهد ترمب من أفراد القوات الخاصة الأميركية، وفقا لما ذكرته وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.
وقدم ترمب رفقة ابنته إيفانكا في الزيارة المفاجئة التي لم يعلن عنها مسبقا؛ العزاء لزوجة وأسرة الجندي ويليام رايان أوينز الذي قتل خلال عملية «كوماندوز» داهمت خلالها وحدات خاصة من الجيش الأميركي أحد معاقل تنظيم القاعدة قرب مدينة رداع وسط اليمن.
جاء ذلك، بعدما ألغيت زيارة كانت مقررة أمس (الخميس) لأحد المصانع المهمة في ولاية ويسكونسن.
وقالت القيادة المركزية الأميركية التابعة للبنتاغون في بيان إن فريقا للتحقيق «خلص مع الأسف إلى ترجيح سقوط قتلى من المدنيين غير المقاتلين» في غارة يوم الأحد.
وأضافت أنه «ربما يكون هناك أطفال بين الضحايا... وأن التحقيقات جارية لتحديد إن كان لا يزال هناك ضحايا مدنيون لم يكشف عنهم قد يكونون سقطوا أثناء المداهمة».
وكانت «الشرق الأوسط» نشرت الاثنين الماضي قصة مقتل الطفلة اليمنية أنوار أنور العولقي إلى جانب خالها عبد الرؤوف الذهب المتهم بتزعم تنظيم أنصار الشريعة الموالي لـ«القاعدة»، وتشير المعلومات إلى أن الطفلة البالغة من العمر ثمانية أعوام هي ابنة أنور العولقي القيادي البارز بتنظيم القاعدة أنور العولقي، الذي كان قبل مقتله عام 2012 مرتبطا بصلة مصاهرة مع آل الذهب في مديرية القرشية التابعة لقبيلة قيفة المناوئة للحركة الحوثية.
ورغم أن البنتاغون رجح من دون تأكيد وجود أطفال من ضمن الضحايا، فإن البيت الأبيض تجاهل التعليق على وفاة الطفلة الأميركية مكتفيا بإبراز مصرع من وصفهم بالإرهابيين، ونجاح القوات الأميركية في الاستحواذ على معلومات استخبارية ثمينة من منازل تابعة للمشتبه بانتمائهم لـ«القاعدة».
وقال الناطق باسم البيت الأبيض خلال مؤتمره الصحافي ليوم الأربعاء الماضي: «قد يكون من الصعب أن أصف ما حدث بأنه يمثل نجاحا بنسبة 100 في المائة، في وقت نستقبل فيه جثمان جندي خسرناه خلال المعركة، ولكن حياة الجندي أوينز لم تذهب هدرا، بل حقنت دماء كثيرة بنجاحنا في تصفية 14 إرهابيا، وجمعنا من موقع العملية كميات هائلة من المعلومات تكاد لا تصدق، وسوف تساعدنا هذه المعلومات بلا شك على منع هجمات إرهابية، وإحباط عمليات تستهدف الأميركيين بالقتل».
ونقلت «رويترز» عن مسؤولين عسكريين أميركيين قولهم إن ترمب وافق على أول عملية سرية لمكافحة الإرهاب في غياب معلومات المخابرات الكافية أو الدعم البري أو الاستعدادات الاحتياطية الملائمة.
وذكر المسؤولون أن القوات الأميركية وجدت نفسها وسط موقع لـ«القاعدة» به ألغام أرضية وقناصة وعدد أكبر من المتوقع من المتشددين المدججين بالسلاح.
وقال المسؤولون الأميركيون إن الرئيس السابق باراك أوباما رفض إجازة العملية قبيل مغادرته منصبه.
كما نقلت وسائل إعلام عن مسؤولين عسكريين على اطلاع بتقارير العملية أن «قتالا شرسا» أودى بحياة أوينز و15 على الأقل من الرجال والنساء والأطفال اليمنيين. وقال الكابتن جيف دافيس المتحدث باسم البنتاغون إن بعض النساء كن يطلقن النار على القوة الأميركية المداهمة.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».