البرلمان يصطدم بقضاة مصر... ويترقب التصويت على التعديل الوزاري الجديد

تجاهل إرسال تعديلات تتعلق بآلية تعيين رؤساء الهيئات القضائية للمجلس الأعلى

الرئيس السيسي خلال اجتماعه الوزاري المصغر أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس السيسي خلال اجتماعه الوزاري المصغر أمس («الشرق الأوسط»)
TT

البرلمان يصطدم بقضاة مصر... ويترقب التصويت على التعديل الوزاري الجديد

الرئيس السيسي خلال اجتماعه الوزاري المصغر أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس السيسي خلال اجتماعه الوزاري المصغر أمس («الشرق الأوسط»)

فيما وصفه مراقبون بأنه الصدام الأول بين مجلس النواب (البرلمان) والسلطة القضائية في البلاد، تجاهل البرلمان إرسال مشروع قانون يناقشه أعضائه يتعلق باختيار رؤساء الهيئات القضائية في مصر لمجلس القضاء الأعلى (أعلى سلطة إدارية بمجلس الدولة) لإبداء رأيه على المشروع، وقالت مصادر قضائية إن «قضاة مصر يرفضون مشروع القانون المقترح الخاص بتغيير آلية تعيين رؤساء الهيئات والجهات القضائية بما يسمح بتوسيع سلطة رئيس الدولة في الأمر، وإسقاط مبدأ الأقدمية المتبع داخل تلك الجهات».
يأتي هذا في وقت يترقب فيه البرلمان التعديل الوزاري الجديد، وقال رئيس الحكومة شريف إسماعيل أمس، إن «التعديل الوزاري سيتم عرضه على البرلمان بعد 12 فبراير (شباط) الجاري، حال رفع البرلمان جلساته خلال الأيام المقبلة».
ووفقا للدستور المصري، فإن التعديل الوزاري سوف يتم إقراره بالتشاور بين رئيس الدولة ورئيس الوزراء، ثم يعرض على مجلس النواب صاحب الولاية والاختصاص في الموافقة على التعديل الوزاري من عدمها.
وما زالت المناقشات محتدمة داخل اللجنة التشريعية بالبرلمان لمناقشة مشروع قانون تقدم به النائب أحمد حلمي الشريف وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالمجلس، بشأن تعديل قوانين السلطة القضائية والخاصة بكيفية تعيين رؤساء الهيئات القضائية.
التعديلات وفقا للمصادر القضائية تنص في المادة الأولى على استبدال نص المادة 35 من قانون هيئة النيابة الإدارية بالنص الآتي «يُعين رئيس هيئة النيابة الإدارية بقرار من رئيس الدولة من بين ثلاثة من نوابه يرشحهم المجلس الأعلى للهيئة».
كما تنص المادة الثانية على استبدال نص المادة 16 من قانون هيئة قضايا الدولة بالنص التالي «يُعين رئيس هيئة قضايا الدولة بقرار من رئيس الدولة من بين ثلاثة من نوابه يرشحهم المجلس الأعلى للهيئة».
وتتضمن التعديلات في المادة الثالثة تغيير المادة 44 من قانون السلطة القضائية بالنص الآتي: «يُعين رئيس محكمة النقض بقرار من رئيس الدولة من بين ثلاثة من نوابه يرشحهم مجلس القضاء الأعلى».. كما أجرى تعديلا على المادة 83 من قانون مجلس الدولة ليتم استبدال النص الآتي بها: «يُعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الدولة من بين ثلاثة من نوابه ترشحهم الجمعية العمومية الخاصة بمجلس الدولة».
يذكر أن التعديلات المقترحة تتجاهل مبدأ الأقدمية، وتُحدد طريقة جديدة لاختيار رئيس محكمة النقض، ومجلس القضاء الأعلى تقوم على ترشيح 3 قضاة لرئيس الدولة يختار أحدهم لتولي المنصب.
وقالت المصادر القضائية إن التعديلات المقترحة تمثل اعتداء على استقلال القضاء لمساسها بالثوابت القضائية المستقرة، وﻻ تحقق الغاية من التشريع باختيار الأجدر منهم لهذه المناصب الأمر الذي ﻻ يتأتى إﻻ لجمعيتهم العمومية.
وأكدت المصادر نفسها أن التعديلات تهدم الثوابت القضائية التي تربى عليها القضاة وهي الأقدمية التي رسخت في وجدانهم احترامهم لذاتهم وثقتهم في قياداتهم القضائية، فضلا عن إهدارها لمبدأ الفصل بين السلطات.
وقال مراقبون إن مشروع قانون مجلس النواب الجديد واجه رفضا كبيرا من القضاة، لأنه من وجهة نظر القضاة يُمثل اعتداء على استقلال القضاء. وأكد المستشار محمد عبد المحسن رئيس نادي قضاة مصر، أن اختصاص مجلس النواب بالتشريع ﻻ يسلب القضاة حقهم في إبداء رأيهم في مشروعات القوانين المنظمة لشؤونهم، لافتا إلى أن استقلال القضاء يقتضي حتما ومن دون أي مواربة أن تظل الاختيارات القضائية بجميع مستوياتها بأيدي القضاة أنفسهم.. ويشار إلى أن نادي قضاه مصر يرفض مشروع تعديلات البرلمان.
في سياق آخر، يترقب مجلس النواب عرض أسماء التعديل الوزاري الجديد للتصويت عليه، وهو التشكيل الذي يواجه صعوبات كثيرة نتيجة اعتذار الكثير من المرشحين للحقائب الوزارية.
بورصة الترشيحات رجحت خروج 10 وزراء من الحكومة الحالية منها حقائب «الزراعة، والتعليم العالي، والتربية والتعليم، والنقل، والثقافة، بجانب وزيرين أو ثلاثة من وزراء المجموعة الاقتصادية. وكان مقررا أن ينظر البرلمان في الأسماء المرشحة للحقائب الوزارية أمس (الخميس)؛ إلا أن رئيس الحكومة لم يرسلها، وقال في تصريحات صحافية أمس، إنه حتى الآن لم يتم تقديم التشكيل الجديد إلى مجلس النواب.. وعلى علمي فإن البرلمان سيرفع جلساته ليوم 12 فبراير الجاري، وبالتالي ستقدم القائمة للبرلمان فور عودته للانعقاد»، مضيفا أن الهدف من التعديل الوزاري المتوقع هو مصلحة المواطن وتحسين الأداء الحكومي بشكل عام.
وحول إذا كان التعديل سيشمل بعض الحقائب الاقتصادية، قال رئيس الوزراء: «كل شيء وارد حتى الآن»، وقال مصدر مطلع إن «المشاورات مستمرة بشأن التعديل الوزاري الجديد، وهناك حقائب حتى الآن لم يتم حسمها بشكل نهائي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.