سفن ومخازن الأمونيا الإسرائيلية تهدد سكان «المتوسط»

علماء كيمياء اعتبروها أخطر من قنبلة هيروشيما

سفن ومخازن الأمونيا الإسرائيلية تهدد سكان «المتوسط»
TT

سفن ومخازن الأمونيا الإسرائيلية تهدد سكان «المتوسط»

سفن ومخازن الأمونيا الإسرائيلية تهدد سكان «المتوسط»

عبر رئيس بلدية حيفا، يونا ياهف، وخبراء كبار في الكيمياء، أمس، عن مخاوفهم وقلقهم الشديد من الأخطار الكبيرة التي تسببها سفن ومخازن غاز الأمونيا السام، على سكان حوض البحر الأبيض المتوسط، مشيرين إلى أن تلك المخاطر قد تفوق أضرار القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما القرن الماضي.
وأوضح هؤلاء، في مؤتمر صحافي طارئ، أن هذا الخطر يهدد نحو ثلاثة ملايين إنسان من سكان حوض البحر الأبيض المتوسط، بينهم مليون إسرائيلي. وطالبوا الحكومة بإيجاد حل يوقف هذا الخطر فورا، ونقل مخازن الأمونيا من تخوم مدينتهم. وقال ياهف، وهو جنرال سابق في الجيش الإسرائيلي، إن عشرة من كبار علماء الكيمياء في العالم أبلغوه أن خزان الأمونيا القائم في خليج حيفا، لم يعد صالحا، وأنه بات قابلا للانفجار في أي لحظة. وإذا ما حصل وانفجر فعلا فإن مليون مواطن في إسرائيل وربما الدول المجاورة يكونون في خطر.
وشارك في المؤتمر البروفسور إيهود كينان، من كلية الكيمياء في معهد الهندسة التطبيقية - التخنيون في حيفا، وهو خبير دولي له شهرته في مجال الكيمياء، الذي أكد ما قاله ياهف، مضيفا أنه أعد مع عشرة خبراء دوليين آخرين دراسة قبل عدة أشهر اكتشفوا فيها خطرا آخر. وقال: «في حال إصابة السفينة التي تنقل غاز الأمونيا إلى إسرائيل فقد يؤدي ذلك إلى مقتل مئات الآلاف وربما مليوني إنسان ممن يعيشون في حوض البحر المتوسط ومدن الشواطئ في حوض البحر المتوسط، وذلك بسبب خطورة رد فعل امتزاج الأمونيا السائلة بالمياه المالحة».
وكانت هذه الدراسة قد أعدت كوثيقة قضائية خلال أبحاث المحكمة العليا الإسرائيلية في إطار إجراء قضائي بين مصانع «حيفا خيميكاليم» وبلدية حيفا، بشأن مستودع الأمونيا القائم في خليج حيفا. وتم تقديم وجهة النظر هذه التي أعدها، قبل عدة أشهر، لكنها لم تنشر بسبب الجانب الأمني. وقد تم فرض السرية على النقاش في المحكمة العليا.
ويقول كينان: «تصل سفينة غاز الأمونيا إلى إسرائيل مرة كل شهر، تقريبا، وترسو في ميناء كيشون في حيفا، ليتم تفريغ شحنتها في المستودع القائم في خليج حيفا. وتحمل السفينة 16 ألفا و700 طن من الأمونيا السائل، ويتم تفريغ 10 آلاف طن منها في حيفا. وهي تصل إلى المدينة في أوقات محددة ومعروفة مسبقا. وتحمل السفينة غاز الأمونيا في خمس حاويات، وحسب وجهة النظر المنشورة، فإنه في حالة تصدع إحدى الحاويات، يمكن حدوث كارثة أكثر خطورة من الكارثة التي سببها إلقاء القنابل الذرية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي خلال الحرب العالمية الثانية. وإذا ما تعرضت الحاويات كلها إلى الإصابة، ومن خلال احتساب معطيات حالة الطقس المعتدل، يمكن أن تغطي غيمة من غاز الأمونيا القاتل منطقة حيفا، لمدة ثماني ساعات على الأقل، وخلال ذلك قد يختنق كل من يوجد في المنطقة التي تغطيها الغيمة خلال ساعة واحدة». ويتضح أن الخبراء الذين أعدوا هذه الدراسة فوجئوا هم أيضا من نتائجها، فتوجهوا برسالة سرية في حينه إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولجهات أخرى. وجاء من ديوان رئيس الحكومة أنه «تم تسليم الوثيقة وتحويلها إلى طاقم الأمن القومي، وتمت مناقشتها بشكل مهني مع الجهات المهنية التي تعمل في موضوع الأمونيا، ومن ثم تم إرسال الرد إلى رئيس بلدية حيفا».
وقال مصدر مطلع على محاولة العثور على بدائل لمجمع الأمونيا في خليج حيفا، إنه تم في السابق طرح اقتراح يقضي بنقل المجمع إلى منطقة كاتسا بالقرب من أشدود، لكنه تم رفض هذا الاقتراح بسبب الخطر الذي قد تتعرض له سفينة الأمونيا في حال رسوها في ميناء أشدود القريب من قطاع غزة. إذ إنها ستتوقف طوال يوم كامل في الميناء، ويمكن أن يتم قصفها بصواريخ القسام، وبسبب التخوف من ذلك تم إسقاط الاقتراح. وحسب تقرير تم تقديمه إلى وزارة جودة البيئة في ديسمبر (كانون الأول) 2011، فإنه من بين 120 ألف طن أمونيا تصل إلى إسرائيل سنويا، يتم استغلال نحو 80 في المائة لصناعة الأسمدة المختلفة، التي يتم في نهاية الأمر تصديرها إلى الخارج، بينما تستخدم كمية قليلة من الأمونيا للاحتياجات الإسرائيلية. وحسب التقرير تتوزع كمية الأمونيا بين مصنع «حيفا خيميكاليم» وهو شركة بملكية أميركية، ويستهلك 70 في المائة من الأمونيا التي تصل إلى إسرائيل، فيما يحصل مصنع «ديشانيم» على النسبة المتبقية 30 في المائة.
وقال مصدر مطلع إن «الدولة تتجند لصالح شركة (حيفا خيميكاليم). المرة تلو الأخرى تدعي الشركة وبشكل كاذب بأن إسرائيل تحتاج إلى الأمونيا، ولا يمكن ترتيب الأمور من دونه. هذا كذب، لأن 95 في المائة من الأمونيا التي تستوردها إسرائيل معدة لإنتاج الأسمدة ومواد أخرى تباع بالمال. تجارة صِرف. لن يحدث أي شيء لإسرائيل إذا لم تقم فيها هذه التجارة، باستثناء وقف مصنع عن العمل، وبقاء عمال من دون عمل. ليس من المفرح إغلاق مصنع، لكنه لن يحدث شيء لإسرائيل».
وحسب المصادر الإسرائيلية، فإن «التهديد قائم منذ سنوات، وتزايد في ضوء تسلح (حزب الله) اللبناني بصواريخ وقذائف طويلة المدى وذات دقة أعلى من السابق». وحسب وجهة النظر الإسرائيلية فإن المعلومات الأمنية بهذا الشأن قائمة منذ زمن، ويمكن لكل من يشاء العثور عليها على مواقع الإنترنت ذات الصلة. وكان ضابط في القيادة العامة للجيش الإسرائيلي قد صرح مؤخرا، بأن التنظيمات المسلحة، خصوصا «حزب الله»، تملك قدرة عالية على تطوير وحيازة قذائف وصواريخ دقيقة، وهذا هو «أكثر ما يقلق إسرائيل. هذا هو أكبر تهديد ملموس».
ويقدر الجيش الإسرائيلي أنه في الحرب القادمة سيتمكن «حزب الله» من إطلاق حتى ألف و500 قذيفة يوميا، مقابل نحو مائتي قذيفة في حرب لبنان 2006. ويشتم من خطاب نتنياهو أمام الجمعية العامة في 2015، أن «حزب الله» تمكن من تهريب منظومات أسلحة متقدمة من سوريا إلى لبنان، من بينها صواريخ بر - بر دقيقة، صواريخ مضادة للطائرات من طراز «إس - آي 22» وصواريخ شاطئ - بحر من طراز «ياخنوت»، بالإضافة إلى ذلك فإن التزود المتواصل بالأسلحة النوعية، إلى جانب التجربة التي راكمها في الحرب السورية، وفرت لـ«حزب الله» قدرات مستقلة أيضا في مجالات حيوية مثل حرب الكوماندوز وتفعيل الطائرات غير المأهولة، بما في ذلك الهجومية منها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.