ميليشيا الحوثي ـ صالح في حالة انهيار بتعز وتحرير مواقع جديدة في المخا

محافظ تعز: اليمنيون لن ينسوا مواقف السعودية الداعمة للشرعية * مقتل قائد حوثي في نهم

قوات موالية للرئيس هادي تقوم بتقديم الطعام للأطفال في مدينة المخا الساحلية أمس (أ.ف.ب)
قوات موالية للرئيس هادي تقوم بتقديم الطعام للأطفال في مدينة المخا الساحلية أمس (أ.ف.ب)
TT

ميليشيا الحوثي ـ صالح في حالة انهيار بتعز وتحرير مواقع جديدة في المخا

قوات موالية للرئيس هادي تقوم بتقديم الطعام للأطفال في مدينة المخا الساحلية أمس (أ.ف.ب)
قوات موالية للرئيس هادي تقوم بتقديم الطعام للأطفال في مدينة المخا الساحلية أمس (أ.ف.ب)

أكدت مصادر عسكرية يمنية، أن القوات المسلحة اليمنية حررت أمس، مواقع جديدة من قبضة الحوثيين والقوات العسكرية الموالية للرئيس السابق، علي عبد الله صالح، في مدينة المخا الساحلية بمحافظة تعز، في حين شنت مقاتلات التحالف العربي، سلسلة غارات جوية على موقع عسكري يسيطر عليه الحوثيون، في محافظة الحديدة.
وقالت المصادر العسكرية لوكالة الأنباء الألمانية إن «هذه المواقع شملت المجمع الحكومي وإدارة الأمن شرق مدينة المخا، وحي البليلي ومزرعة عائش»، مشيرة إلى بدء عملية نزع الألغام منها.
وأشارت إلى أن قوات الجيش استهدفت، بمساندة مقاتلات التحالف العربي، مواقع «الميليشيات» في المناطق الشرقية والجنوبية من مدينة المخا. يذكر أن القوات المسلحة اليمنية، قد أعلنت الاثنين الماضي، عن تحرير ميناء المخا الاستراتيجي القريب من الممر البحري «باب المندب» بالكامل، وعدد من المواقع شرقي المدينة. ومنذ مطلع الشهر الجاري بدأت قوات الجيش بمساندة بقوات التحالف العربي عملية عسكرية أطلق عليها اسم «الرمح الذهبي» للسيطرة على الشريط الساحلي الغربي لليمن.
وأصبحت ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في محافظة تعز، تعيش مرحلة انهيارات وتصدع في صفوفها وتخبط جراء الهزائم المتسارعة والكبيرة التي لحقت بها خلال مواجهاتها مع قوات الجيش اليمني، المسنودة من مقاتلات التحالف وطيران الأباتشي، في الجبهة الساحلية لتعز، وجبهات تعز في المدينة والريف، التي تكبدت فيها خسائر بشرية ومادية كبيرة. وفي جبهة الوازعية حيث تقترب قوات الجيش من السيطرة على مركز المديرية (الشقيراء) بعد هجوم مباغت شنته القوات على مواقع ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، تمكنت قوات الجيش من السيطرة على جبل الصيبارة المطل على مركز مديرية الوازعية، غرب تعز.
وحققت قوات الجيش اليمني، أمس، تقدما كبيرا في منطقة الكدحة، التابعة لمديرية الوازعية، ما ساعدها على الالتحام مع قوات الجيش في جبهة مقبنة بجبهة الكدحة، إضافة إلى تحقيق تقدم كبير في وسط مدينة المخا. وقامت بتمشيط المباني والشوارع من فلول عناصر التمرد والانقلاب وسقوط عدد كبير منهم بين قتيل وجريح، وذلك بحسب ما أكده الناطق الرسمي لمحور تعز لـ«الشرق الأوسط» العقيد الركن منصور الحساني.
ومنذ إعلان الجيش اليمني بدء عمليات «الرمح الذهبي»، بإشراف من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وقيادة التحالف العربي الذي تقوده السعودية، حققت قوات الجيش انتصارات جمة في مختلف الجبهات وسيطرت على مواقع استراتيجية ومعسكرات ومخازن أسلحة، علاوة على خطوط إمداد لميليشيات الحوثي وصالح في مقبنة والوازعية، وتقترب الآن من قطع إمداد الميليشيات الانقلابية المتبقية من الخط الساحلي عبر طريق المخا الساحلي، غرب مدينة تعز.
وردا على خسائرها الكبيرة واليومية، تحاول الميليشيات الانقلابية التقدم إلى مواقع الجيش اليمني في جبهات المدينة الشرقية والغربية وكذا الجنوبية في أرياف تعز، ويرافق الهجوم قصف عنيف بمختلف الأسلحة على منازل المواطنين. الناشط الحقوقي، محمد سعيد الشرعبي، من أبناء تعز، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مسألة تحرير وتطهير المخا بشكل كامل من جيوب الميليشيات الانقلابية والألغام التي زرعتها الميليشيات، أصبحت مسألة وقت لا أكثر حيث إن المعركة مستمرة حتى اللحظة حتى تحرير الشريط الساحلي، ولن تتراجع قوات الجيش المسنودة من طيران وبوارج التحالف، عن دحر الانقلابيين من سواحل البحر الأحمر هذه المرة، وسيضعون نهاية لسلطة الانقلاب».
وأضاف: «لقد تلقت ميليشيات الحوثي وصالح ضربة قاصمة باعتباره وريد تهريب الأسلحة الإيرانية لهم من القرن الأفريقي، وستتوقف تهديداتهم على طريق الملاحة الدولية إضافة إلى ابتزازهم للعالم، وذلك بعدما كانوا يعملون على تعزيز مواقعهم في ذوباب ومدينة المخا ومديرية موزع بالمقاتلين والصواريخ، ويقومون باستهداف الملاحة الدولية في باب المندب». وذكر الشرعبي أن هناك «مؤشرات ميدانية تظهر بدايات حدوث انهيارات في صفوف ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية فور تحرير مدينة المخا بشكل كامل كونها شريان سيطرتهم على المناطق الساحلية في محافظتي تعز والحديدة، ومعقلهم الأول قرب باب المندب».
على صعيد متصل، ثمن محافظ محافظة تعز، علي المعمري الجهود الكبيرة لمركز الملك سلمان في مساعدة جرحى الحرب بتعز. وأكد في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، «عزم السلطة المحلية على إنهاء معاناة الجرحى باعتبار هذا الملف أولوية ملحة في أجندة السلطة المحلية بمحافظة تعز». وأضاف أن «تعز واليمن كله لن ينسى للأشقاء في المملكة العربية السعودية مواقفهم الداعمة والمساندة لليمن في كل المراحل التاريخية وصولا إلى عاصفة الحزم التاريخية لاستعادة السلطة من أيدي الانقلابيين الحوثيين وحليفهم صالح». وذكر أن «اهتمام مركز سلمان بجرحى الحرب يعكس المواقف السعودية الأصيلة إلى جانب اليمن على كل المستويات السياسية والاقتصادية والإنسانية».
يأتي ذلك بالتزامن مع مغادرة 17 من جرحى تعز إلى جمهورية السودان لتلقي العلاج والرعاية الصحية بالتنسيق مع وزارة الصحة وبتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وفي جبهة نهم المشتعلة، شرق صنعاء، تتواصل المعارك العنيفة بين الجيش اليمني، المسنود من طائرات التحالف، والميليشيات الانقلابية في ظل استمرار قوات الجيش التقدم والسيطرة على مواقع جديدة في الجبهة بعد مواجهات عنيفة سقط فيها قتلى وجرحى من صفوف الميليشيات بينهم قيادات حوثية.
وشن التحالف، أمس، غاراته على مواقع وأهداف عسكرية للميليشيات الانقلابية في مختلف جبهات نهم، حيث سقط عدد من الميليشيات بين قتيل وجريح بينهم «قائد مدفعية الميليشيات الحوثية في نهم القيادي الحوثي المدعو عايض سحلول وعدد من مرافقيه بغارة جوية في منطقة الحنشات بنهم»، بحسب ما أكده المركز الإعلامي لمقاومة صنعاء. كما تمكنت مدفعية الجيش اليمني، اللواء 310 من استهداف طقم عسكري يحمل إمدادات عسكرية تتبع ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في جبل الحرشفة، المطل على قرية الحول، سقط على إثره قتلى وجرحى من صفوف الميليشيات الانقلابية.
أما في جبهة حرض، الحدودية مع المملكة العربية السعودية، فقد شنت طائرات التحالف العربي غاراتها على تجمعات لعناصر ميليشيات الحوثي وصالح وأحد المباني العالية حيث تتمركز عليه قناصة الميليشيات، في منطقة المداحشة، وسقط على إثرها عدد من القتلى والجرحى، علاوة على استهداف مدفعية الجيش على مواقع ميليشيات الحوثي في جبهتي حرض وميدي، وتدمير مدفع ومخزن سلاح بغارة جوية لطيران التحالف العربي بمنطقة المخازن شرق مدينة ميدي، بحسب ما أكده المركز الإعلامي للمنطقة العسكرية الخامسة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم