تسوية الأزمة السورية ملف رئيسي في محادثات بوتين والعاهل الأردني

عرقلة إيرانية وتصعيد نظامي في وادي بردى رغم تفاؤل موسكو بما تراه «إنجازات آستانة»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستقبلا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في الكرملين بموسكو أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستقبلا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في الكرملين بموسكو أمس (إ.ب.أ)
TT

تسوية الأزمة السورية ملف رئيسي في محادثات بوتين والعاهل الأردني

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستقبلا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في الكرملين بموسكو أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستقبلا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في الكرملين بموسكو أمس (إ.ب.أ)

أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ارتياحه لنتائج المفاوضات السورية في آستانة، وقال خلال استقباله العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في الكرملين، أمس، إنه «من المهم في اعتقادي الإشارة إلى أن المشاركين في عملية آستانة أكدوا استحالة حل الأزمة السورية بالطرق العسكرية»، معربا عن أمله في أن تصبح المفاوضات في آستانة «أرضية جيدة لمواصلة المفاوضات في جنيف». وكان العاهل الأردني قد وصل أمس إلى موسكو في زيارة عمل بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأشاد في مستهل المحادثات مع بوتين بالدور الروسي في الشرق الأوسط، الذي اعتبره «حاسما» في تسوية الأزمة السورية والنزاعات الإقليمية الأخرى. وأكد العاهل الأردني: «حقيقة نحن ندعم عملية آستانة»، معربا عن شكره لروسيا ودورها في تلك المفاوضات.
الكرملين أكد من جانبه، أمس، أن الرئيس الروسي والعاهل الأردني سيركزان خلال محادثاتهما على «التصدي للإرهاب، وآفاق تسوية الأزمة السورية، بما في ذلك الأخذ بالاعتبار نتائج اللقاء الدولي حول سوريا الذي اختتم أعماله في آستانة يوم 24 يناير (كانون الثاني). وفي هذا السياق، أشادت موسكو بالموقف الأردني من تسوية الأزمة السورية، وأعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال استقباله وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، عن تقدير روسيا «تقييمات الزملاء الأردنيين المتعلقة بكيفية تعاطي الدول العربية مع تسوية الأزمات في العراق وسوريا».
في غضون ذلك، كان الحديث عن «مشروع الدستور» الذي قالت روسيا إن وفدها في مفاوضات آستانة قدمه لوفد المعارضة السوية، موضوعًا بارزًا في تصريحات المسؤولين الروس أمس. وفي عرض أمام البرلمان الروسي، قال الوزير لافروف إن مشروع الدستور السوري، الذي وزعته موسكو أثناء مفاوضات السلام في آستانة، قامت روسيا بصياغته «مع الأخذ بعين الاعتبار ما سمعناه طوال السنوات الماضية من الحكومة والمعارضة ودول المنطقة»، حسب قول لافروف، الذي أشار إلى نيته عقد لقاء غدا، الجمعة، مع ممثلين عن قوى المعارضة السياسية السورية، ولفت إلى أن الهدف من تلك اللقاءات توضيح نتائج مفاوضات آستانة، ولتأكيد أن الدول الضامنة لتلك المفاوضات واتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، لا تسعى إلى جعل «آستانة» بديلا عن كل ما تم تحقيقه خلال مسار تسوية الأزمة السورية.
وبينما صعد نظام دمشق والميليشيات التابعة لإيران الهجمة على وادي بردى، دون أن يطرأ في الوقت ذاته أي تغير ميداني في أي من المناطق السورية، وصف لافروف نتائج مفاوضات آستانة بأنها «مهمة جدًا»، ثم قال إنه تم الاتفاق خلال تلك المفاوضات على مشاركة المعارضة المسلحة في مفاوضات جنيف. أما النتيجة الأهم التي يشدد عليها لافروف ويضعها على رأس قائمة «إنجازات آستانة» فهي وجود وفد المعارضة السورية المسلحة خلف طاولة واحدة دائرية كبيرة في قاعة واحدة مع وفد النظام السوري، بحضور وفود من عدة دول. وعلى هذا الأساس يرى لافروف أن «نتائج المفاوضات مهمة جدا، ستنقل جهود تسوية الأزمة السورية إلى مستوى جديد نوعيًا»، معربا عن يقينه بأن «تلك النتائج لا بد أن تساهم في دفع التسوية السياسية قدمًا، بموجب القرارات الدولية ذات الصلة».
في هذه الأثناء كررت إيران رفضها سحب قواتها والميليشيات التابعة لها من سوريا. وقال حسين جابري أنصاري نائب وزير الخارجية الإيراني، في حديث لوكالة «ريا نوفوستي» الروسية، إن بلاده لن تنظر في مطالبة المعارضة السورية بسحب الميليشيات والقوات الإيرانية من سوريا، واصفا تصريحات وفد المعارضة السورية بهذا الخصوص بأنها «متدنية وضعيفة». وحمل أنصاري المعارضة مسؤولية كل ما يجري اليوم في سوريا، واتهمها بأنها «تتعامل مع الأزمة بطريقة غير بناءة، وتملي الحلول اللاواقعية». وحذر مراقبون من هذا الموقف الإيراني واحتمال أن يؤدي عاجلا أم آجلاً إلى فشل مجمل الجهود التي تبذلها موسكو وأنقرة حول الأزمة السورية. وفي شأن ذي صلة بالدور الروسي في سوريا، قامت ست قاذفات استراتيجية روسية من طراز توبوليف «تو - 22 إم 3»، بقصف مواقع لتنظيم داعش في محافظة دير الزور.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن القاذفات انطلقت من قواعدها على الأراضي الروسية، وعادت سالمة بعد تنفيذ مهامها، موضحة أن المواقع التي استهدفتها هي «مقران قياديان ومستودع ذخيرة، وأسلحة وآليات» تابعة للتنظيم الإرهابي.
وكانت مقاتلات روسية انطلقت من قاعدة حميميم على الساحل السوري قد رافقت القاذفات في الأجواء السورية لتأمين الحماية لها.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.