تعويل تركي على دور إيراني في تثبيت وقف إطلاق النار بسوريا

مع حشد أنقرة مزيدًا من القوات على الحدود

مواطن سوري يحمل طفلين جريحين في بلدة عربين في الغوطة الشرقية بضواحي دمشق بعد تعرضها لقصف من طيران النظام (غيتي)
مواطن سوري يحمل طفلين جريحين في بلدة عربين في الغوطة الشرقية بضواحي دمشق بعد تعرضها لقصف من طيران النظام (غيتي)
TT

تعويل تركي على دور إيراني في تثبيت وقف إطلاق النار بسوريا

مواطن سوري يحمل طفلين جريحين في بلدة عربين في الغوطة الشرقية بضواحي دمشق بعد تعرضها لقصف من طيران النظام (غيتي)
مواطن سوري يحمل طفلين جريحين في بلدة عربين في الغوطة الشرقية بضواحي دمشق بعد تعرضها لقصف من طيران النظام (غيتي)

بدا أن أنقرة تعول بشكل كبير على دور لطهران في تثبيت وقف إطلاق النار الذي أعلن في الثلاثين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد انتهاء اجتماعات آستانة أول من أمس، التي رأت فيها القيادة التركية «نجاحًا دبلوماسيًا كبيرًا».
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو رأى أن مفاوضات آستانة، التي جمعت ممثلي المعارضة والنظام السوريين على مدى يومين في العاصمة الكازاخية «قد تشكل منعطفًا حاسمًا في مستقبل سوريا»، مشددًا على أهمية الدور الإيراني في صمود وقف النار المعلن في سوريا. وفي تعليق أمس الأربعاء قال جاويش أوغلو، لدى مغادرته موزمبيق بصحبة الرئيس رجب طيب إردوغان، «بحث طرفا النزاع (السوري) سبل تعزيز وقف إطلاق النار وتعميمه ليشمل سائر الأراضي السورية، وحمل لقاء آستانة أهمية كبيرة على صعيد تعزيز الثقة بين الأطراف. نأمل في أن تسهم النتائج التي تمخضت عن آستانة في تحريك عملية (جنيف للتسوية) وأن تمثل نقطة حاسمة لمستقبل سوريا».
وشدد جاويش أوغلو على ضرورة الهدنة، وأعاد إلى الأذهان مركزي الرقابة على وقف إطلاق النار المستحدثين في أنقرة وموسكو بهدف متابعة صمود الهدنة وتحذير الجهة التي تخرق وقف النار، لافتًا إلى أن المركز الثالث الذي استحدث في طهران لمراقبة وقف إطلاق النار. وقال: «تنشط في سوريا إلى جانب الفصائل التابعة لدمشق، فصائل مختلفة مدعومة من نظام بشار الأسد، ويحظى معظمها كذلك بما فيها (حزب الله) بتأييد إيران. هذه القوى هي المتورطة في خرق الهدنة في سوريا، وهذا ما يسوّغ أهمية دور طهران في تعزيز وقف إطلاق النار في سوريا». كذلك أوضح وزير الخارجية التركي أن البيان الختامي الذي وقعت عليه روسيا وتركيا وإيران، الرعاة الثلاثة لمفاوضات آستانة، ركز على التمسك بوحدة الأراضي السورية وسيادتها، مشيرًا إلى أن الحل الأمثل بالنسبة لسوريا يكمن في التسوية السياسية لا في الحل العسكري، وهذا ما شددت تركيا عليه بوضوح في آستانة.
تفاؤل إردوغان ويلدريم
من جانبه قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن المفاوضات واللقاءات المختلفة التي أجريت في آستانة «ستساهم في تحقيق نتائج أسرع على الأرض في معركة الباب ومنبج التي تخوضها تركيا وتدعم فيها عناصر من الجيش السوري الحر في إطار عملية (درع الفرات)، بشمال سوريا، للقضاء على وجود تنظيم داعش وإبعاد الميليشيات الكردية عن حدود تركيا الجنوبية. وكرر إردوغان من مدغشقر، حيث اختتم جولة أفريقية استغرقت بضعة أيام، «ضرورة التمييز بشكل واضح بين المعارضة السورية المسلحة وبين تنظيم داعش الإرهابي»، مؤكدًا أن بلاده ستحارب كل التنظيمات الإرهابية التي ستشكل خطرًا على بلاده». كذلك لفت إلى أن «النظام السوري يستخدم الأكراد في سوريا بعد منعهم من حقوقهم لسنوات طويلة، ويعمل الآن على استعمالهم لخلط الأوراق».
وفي سياق آخر أشاد الرئيس التركي بالعلاقات التركية الروسية، مؤكدًا أن روسيا حليف مهم لبلاده في الصناعات العسكرية وفي التجارة.
وأيضًا، حول آستانة، ذكر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في كلمة له أمس الأربعاء في أنقرة أن من أهم أهداف السياسة الخارجية لحكومته إحلال السلام في سوريا ودول الجوار، وإتاحة الفرصة لعودة ملايين السوريين إلى بلادهم، ووصف مفاوضات آستانة بأنها «نجاح دبلوماسي». وأوضح يلدريم أنّ تركيا «تسعى لتطهير المنطقة من المنظمات الإرهابية التي تهدد أمن وسلامة الشرق الأوسط، وتعمل على توفير الأمن والاستقرار للشعب السوري، الذي عانى من ويلات الحرب منذ قرابة 6 سنوات». وتابع أن «الذين لم يدرجوا تركيا في حساباتهم قبل عام بخصوص الأزمة السورية، نراهم اليوم يعملون وفق ما تقوله أنقرة».
العمليات العسكرية
في سياق مواز دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية جديدة، أمس الأربعاء، إلى محافظة كيليس الحدودية مع سوريا. وقالت مصادر عسكرية إن قافلة تضم دبابات وعربات نقل جنود مدرعة وصلت إلى كيليس، وسيجري تسليم هذه التعزيزات إلى الوحدات العسكرية التركية المتمركزة على الحدود مع سوريا بغرض دعم العملية العسكرية الحالية في محيط مدينة الباب لشمال سوريا، حيث تتواصل المعارك بين فصائل المعارضة المسلحة المدعومة من الجيش التركي من جهة، وتنظيم داعش الإرهابي من جهة أخرى، شرق الباب الواقعة في محافظة حلب.
وفي الإطار ذاته، أعلن الجيش التركي في بيان أمس تدمير 180 هدفًا لتنظيم داعش من البر والجو، ومقتل 17 من إرهابيي التنظيم، شمال سوريا. كذلك أعلنت فصائل «الجيش السوري الحر» المدعومة من تركيا سيطرتها على قرية السفلانية التابعة لمدينة الباب بعد اشتباكات عنيفة مع داعش.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.