قافلة لاستكشاف المعالم الأثرية في منطقة صفاقس التونسية

ضمت مصورين وصحافيين شاركوا في احتفالاتها كعاصمة للثقافة العربية

قافلة لاستكشاف المعالم الأثرية في منطقة صفاقس التونسية
TT

قافلة لاستكشاف المعالم الأثرية في منطقة صفاقس التونسية

قافلة لاستكشاف المعالم الأثرية في منطقة صفاقس التونسية

تفنن المصورون والإعلاميون في التقاط مئات الصور من زوايا مختلفة لعدد من المعالم الأثرية المطلة على البحر وعلى الميناء القديم بمدينة صفاقس التونسية. ومر عدد من المصورين عبر الأنفاق لالتقاط الصور التي تخلد عبق التاريخ وعمق الحضارة، وكان البحث عن الصور الجميلة في رحاب المكان وثنايا التاريخ قد جعل بعض المصورين لا يترددون في الغوص في المياه الباردة بأرجل حافية لاستكشاف المكان وللتوثيق بالعدسة الفنية الجميلة.
وعند توجه 42 مصورا معظمهم من الشبان إلى جانب 22 صحافيا ضمن قافلة لاستكشاف آثار منطقة صفاقس (وسط شرقي تونس)، وذلك ضمن احتفالات المدينة بكونها عاصمة للثقافة العربية 2016، ركزت الزيارة الميدانية على معلمين أثريين يعودان إلى العهد الروماني وما زالا يقفان شاهدين على تجذر المنطقة في عمق التاريخ، وعلى اكتشاف ما تزخر به الجهة من معالم أثرية، بعضها لا يزال يسبح في البحر، على حد تعبير بعض المختصين في المعالم التاريخية.
وشهدت القافلة تنافسا مفتوحا بين الإعلاميين والمصوّرين الفوتوغرافيين لالتقاط أفضل الصور المعبرة عن معالم المنطقة التاريخية. وأعدت هيئة تنظيم تظاهرة «صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016» الوطنية للتصوير الفوتوغرافي حول هذه المسارات الأثرية، على أن تُتوّج بتقديم جوائز لأفضل الأعمال المنجزة، وذلك يوم 18 فبراير (شباط) المقبل بمناسبة افتتاح معرض لصور المعالم الأثرية بصفاقس، إلى جانب نشر الصور الفائزة في مطوية للتعريف بصفاقس، على أن يتمّ استغلالها في الكتاب الأبيض «صفاقس 2017» وبطاقات بريدية يقع إهداؤها لضيوف صفاقس بمناسبة اختتام التظاهرة.
وكان السباق محتدما بين المشاركين لاكتشاف الموقع الأثري الروماني «باراروس» الواقع بمنطقة وادي الرقة من مدينة الحنشة، وهو موقع يختصر كل جماله تحت الأرض، حيث توجد الأعمدة والأقواس وروعة المعمار الروماني الذي حافظ على خصوصيات فريدة ظلت شامخة رغم فعل الزمن الغابر وتعاقب القرون.
وموقع «باراروس» الأثري يختزل المعمار الروماني في المنطقة، وهو مبني تحت الأرض، ما جعل جزءًا منه مغمورًا بمياه البحر، وحفز جمال المكان الذي ظل مغمورا بالمشاركين من مصورين وإعلاميين على الاعتماد على السلالم، ثم المدرجات المحفورة لاكتشاف جمالية هذا المعلم الأثري الذي لا تصله أشعة الشمس إلا لماما من خلال فتحات موضوعة للتهوية والإضاءة.
وبشأن هذه الزيارة، قالت هدى الكشو، المنسقة العامة لتظاهرة «صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016»، إن هذه القافلة كانت فرصة للتعرّف إلى كنوز تاريخية وأثرية، ولعلها تكون حافزا لمزيد من البحث والتنقيب والاستكشاف في مختلف مدن وقرى وأرياف ولاية - محافظة - صفاقس التي ما زالت تنتظر الكشف عن مزيد من المعالم والمواقع التي يخبئها الزمن في تفاصيله.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».