«لبنان يجمعنا»... الملتقى الثقافي الثاني لرموز الطوائف

بدعوة من السفارة السعودية في بيروت

«لبنان يجمعنا»... الملتقى الثقافي الثاني لرموز الطوائف
TT

«لبنان يجمعنا»... الملتقى الثقافي الثاني لرموز الطوائف

«لبنان يجمعنا»... الملتقى الثقافي الثاني لرموز الطوائف

بدعوة من وليد البخاري القائم بأعمال سفارة السعودية لدى لبنان، التأم قبل ظهر أمس، في منزل السفير السعودي في اليرزة، الملتقى الثقافي الثاني لرموز الطوائف تحت عنوان «لبنان يجمعنا».
حضر اللقاء الشيخ عبد اللطيف دريان مفتي الجمهورية، والمطران بولس مطر ممثلاً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، والشيخ نعيم حسن شيخ عقل الموحدين الدروز، وغبريالي كاتشا السفير البابوي، وممثلين عن الطوائف المسيحية، والدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وفيصل بن معمر الأمين العام لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي، للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي.
بعد كلمة ترحيبية من الإعلامية محاسن حدارة، قال البخاري: «بحضوركم اليوم ترتقي إلى حضارة الإيمان والرقي وإلى تقديس النفس البشرية، وبحضوركم يعم السلام الذي لا يصنع إلاّ بوحدة «الأسرة الإنسانية».
وملتقى «لبنان يجمعنا» يكرّس ويؤكد توحيد صف أتباع الرسالات الإلهية جنبًا إلى جنب بوجه التطرف الذي يهدّد السلام باسم الدين. وأضاف: «لقد اعتنت القيادة السعودية الرشيدة بجملة أمور أساسية منذ تأسيس المملكة العربية السعودية، كانت بمثابة المرتكزات والملامح الأساسية للسياسات الخارجية السعودية، وظهر ذلك جليًا في التحولات السياسية الدولية المعاصرة، ومن ذلك، التحرك المستمر من أجل السلام والأمن الدوليين، ورفض الممارسات التي تهدّد السلام العالمي، أو تكرس الظلم والعدوان. ويستكمل ملتقى «لبنان يجمعنا» مسيرة الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله، ورؤيته التي تجلت بإطلاق مبادرته للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، حين قال في خطابه للمؤتمر العالمي للحوار الذي عقد في مدريد، ليكن حوارنا مناصرة للإيمان في وجه الإلحاد، والفضيلة في مواجهة الرذيلة، والعدالة في مواجهة الظلم، والسلام في مواجهة الصراعات والحروب، والأخوّة البشرية في مواجهة العنصرية».
وأشار البخاري إلى أن «مراحل مؤسسة هذه المبادرة توجت بإنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات». وختم قائلاً: «من قلب لبنان سيسجل التاريخ لهذا الملتقى الروحي رسالته، حيث نؤكد أنّنا في الشرق لن نعيش إلاّ تحت سقف الرسالات السماوية. والله سبحانه وتعالى استخلف الإنسان في الأرض، وجعلنا أممًا وشعوبًا متعددة الألسن، مختلفة الألوان والأجناس ومتنوعة الشرائع. لذا، فإن ملتقى لبنان يجمعنا وهو دعوة لإعلاء صوت السلام، ويعبر عن الإنسانية بأسمى معانيها وقيمها المشتركة، ويبعث برسالة أمل لما فيه خير الإنسان».
وكانت كلمات في المناسبة لكل من دريان ومطر والعيسى وبن معمر.
وأشار مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان في كلمة له خلال الملتقى إلى أن رؤساء الطوائف اللبنانية «متوافقون على المحافظة على السلم الأهلي والعيش المشترك لنقدم بذلك نموذجًا فريدًا بفقه العيش، ليس فقط للدول العربية الشقيقة إنّما لدول العالم أجمع».
وأوضح دريان «لقد تحاورنا كثيرًا بتعددنا الديني وتشاركنا جميعًا بحوارات دينية وتوصلنا إلى أن هناك اختلافًا دينيًا، لكن هذا الاختلاف نريده أن يكون مساحة إثراء للعيش الواضح فيما بيننا»، وقال أيضًا: «نحن متضامنون مع السعودية، ولن نكون إلا إلى جانبها وإلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي، فأنتم بُعدنا العربي ونحن متمسكون بعروبتنا إلى أقصى الحدود».
ثم كان حفل غداء، قدم خلاله بخاري دروعًا تذكارية تكريمًا لضيوفه رجال الدين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».