فسيفساء الفصائل المسلحة في سوريا

فسيفساء الفصائل المسلحة في سوريا
TT

فسيفساء الفصائل المسلحة في سوريا

فسيفساء الفصائل المسلحة في سوريا

من درعا انطلقت مسيرة الاحتجاجات السلمية، وفي درعا اعتقل النظام في 26 فبراير (شباط) 2011، أطفالاً كتبوا شعارات تنادي بالحرية وتطالب بإسقاط النظام على جدار مدرستهم. وفي 15 مارس (آذار)، تحرّكت أول مظاهرة.
خلال ست سنوات من النزاع السوري الدامي، ازداد المشهد السوري تعقيدًا يومًا بعد يوم، وتعددت أطرافه بين قوات نظام ومجموعات موالية لها، ومتطرفين وفصائل مقاتلة وأكراد، وزادت التدخلات الدولية العسكرية من تعقيداته.
وتمهيدًا لمحادثات بين النظام السوري والفصائل المعارضة بدءًا من الاثنين في آستانة برعاية روسية - تركية - إيرانية، يسري في سوريا منذ 30 ديسمبر (كانون الأول)، اتفاق لوقف إطلاق النار يستثني بشكل رئيسي المجموعات المصنفة «إرهابية»، وعلى رأسها تنظيم داعش. وتقول موسكو والنظام إنّه يستثني أيضًا جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)، الأمر الذي تنفيه الفصائل المعارضة.
وحسب تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، هذه هي أبرز القوى المشاركة في النزاع الذي أودى بحياة أكثر من 310 آلاف شخص.

* قوات النظام السوري

خسرت قوات النظام نصف عناصره الذين قتلوا خلال المعارك أو فروا أو انشقوا. ويذكر أنّ عدد القوات وصل قبل بدء النزاع إلى 300 ألف عنصر. وتسيطر حاليًا على 34 في المائة من الأراضي السورية حيث يعيش 65.5 في المائة من أصل 16 مليون نسمة موجودين حاليًا في البلاد.
وحققت هذه القوات بفضل التدخل الروسي انتصارًا باستعادتها السيطرة على كامل مدينة حلب.
* المقاتلون الموالون للنظام:
يتراوح عددهم بين 150 ألفًا ومائتي ألف عنصر. وتعد قوات الدفاع الوطني التي نشأت عام 2012، وتضم في صفوفها 90 ألف مقاتل، أبرز مكونات الفصائل الموالية. ويُضاف إلى الفصائل المحلية مقاتلون من لبنان وإيران والعراق وأفغانستان. ويشكل مقاتلو ما يسمّى بميليشيا «حزب الله» اللبناني الذين يتراوح عددهم حسب خبراء بين خمسة آلاف وثمانية آلاف، المجموعة الأبرز بين هؤلاء.
* الدعم العسكري الروسي والإيراني:
استعادت قوات النظام زمام المبادرة في مناطق عدة بعد الدعم الجوي الروسي الكثيف منذ نهاية سبتمبر (أيلول) 2015. وتُعدّ إيران الحليف الإقليمي الرئيسي للنظام السوري، وأرسلت آلاف العناصر من الحرس الثوري لمساندة الجيش في معاركه، بالإضافة إلى مستشارين عسكريين. كما توفر إيران مساعدات اقتصادية لدمشق.
وأبرز الفصائل المعارضة هي:
* حركة أحرار الشام: أبرز الفصائل الإسلامية في سوريا. أُنشِئَت في العام 2011، تتلقى دعمًا تركيًا حسب محللين. توجد بشكل رئيسي في محافظتي إدلب وحلب.
* جيش الإسلام: الفصيل الأبرز في الغوطة الشرقية قرب دمشق. يرأس عضو المكتب السياسي في جيش الإسلام محمد علوش وفد الفصائل المعارضة إلى محادثات آستانة.
* مجموعة من الكتائب والفصائل الصغيرة التي لا تحصى.
في يوليو (تموز) 2015، أعلنت جبهة النصرة فك ارتباطها بتنظيم القاعدة الذي قاتلت تحت رايته منذ 2013، وغيرت اسمها إلى جبهة فتح الشام.
يقود الجبهة أبو محمد الجولاني، وتتألف بمعظمها من سوريين، وجذبت المقاتلين إلى صفوفها بسبب تنظيمها ووسائلها المادية. وتتحالف الجبهة مع فصائل مقاتلة غالبيتها إسلامية تحديدًا في محافظتي إدلب (شمال غرب) وحلب، ولها وجودها الميداني في محافظة دمشق وفي جنوب البلاد.
ويعد «جيش الفتح» أهم تحالفاتها المعلنة، وهو عبارة عن ائتلاف مجموعة من الفصائل الإسلامية بينها حركة أحرار الشام ويسيطر على كامل محافظة إدلب.
* تنظيم داعش:
يضم التنظيم الذي يتزعمه أبو بكر البغدادي منذ انطلاقه في عام 2013، الآلاف من المقاتلين. وهو المجموعة المسلحة الأكثر ثراء والأكثر وحشية في سوريا.
ويخوض معارك متزامنة ضد كل من قوات النظام والفصائل المقاتلة، ومنها جبهة فتح الشام، وكذلك ضد المقاتلين الأكراد.
في يونيو (حزيران) 2014، أعلم التنظيم إقامة «الخلافة الإسلامية» حسب تسميته، في المناطق الواقعة تحت سيطرته في سوريا والعراق. وانضم نحو 30 ألف مقاتل أجنبي إلى صفوفه في البلدين.
خسر كثيرًا من مواقعه في عام 2015 وتحديدًا أمام تقدم الأكراد، ويسيطر حاليًا على 33 في المائة من البلاد (يعيش فيها 9.5 في المائة من السكان)، وتشمل كامل محافظة دير الزور النفطية (شرق)، والجزء الأكبر من محافظة الرقة (شمال)، وعلى كامل المنطقة الصحراوية الممتدة من مدينة تدمر (وسط) وصولاً إلى الحدود العراقية.
* وحدات حماية الشعب الكردية:
تصاعد نفوذ الأكراد مع اتساع رقعة النزاع في سوريا في عام 2012، مقابل تقلص سلطة النظام في المناطق ذات الغالبية الكردية، وبعد انسحابها تدريجيًا من هذه المناطق، أعلن الأكراد الذين عانوا على مدى عقود من سياسة تهميش حيالهم، إقامة إدارة ذاتية مؤقتة في ثلاث مناطق في شمال البلاد.
وتتلقى وحدات حماية الشعب الكردية دعم التحالف الدولي بقيادة واشنطن التي تعتبر أن الأكراد هم الأكثر فعالية في قتال تنظيم داعش.
ويريد الأكراد تحقيق حلم طال انتظاره بربط مقاطعاتهم الثلاث، الجزيرة (الحسكة) وعفرين (ريف حلب الغربي) وكوباني (ريف حلب الشمالي)، من أجل إنشاء حكم ذاتي عليها على غرار كردستان العراق.
ويسيطر الأكراد على 20 في المائة من البلاد تشمل 75 في المائة من الحدود السورية التركية. ويعيش في مناطقهم 12.5 في المائة من السكان أي ما يقارب مليوني نسمة.
وتخشى أنقرة إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها. وبدأت عملية عسكرية في شمال سوريا في أغسطس (آب) ضد تنظيم داعش والمقاتلين الأكراد.
وبعد ما يقارب ست سنوات من الاختلاف، تقود تركيا مع روسيا وإيران حاليا جهودًا سياسية بشأن سوريا وغارات مشتركة مع موسكو ضد تنظيم داعش.
وتمهيدا لمحادثات آستانة، رعت تركيا وإيران وروسيا في نهاية ديسمبر، اتفاقًا شاملاً لوقف إطلاق النار لا يزال ساريًا.
تشارك فيه دول عدة غربية وعربية بقيادة واشنطن. وينفذ منذ صيف 2014 غارات جوية مكثفة على مواقع لتنظيم داعش خصوصًا وجبهة فتح الشام التي استهدفت مرارًا الشهر الحالي.
ومن أبرز الدول المشاركة فيه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا والسعودية والأردن والإمارات والبحرين وكندا وهولندا وأستراليا.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.