ترامب يبدأ عهده بالوعود والوعيد

قال في حفل تنصيبه إنّه سيحارب التطرف ويجتثّه وسيبقي على التحالفات القديمة وسيعيد لأميركا عظمتها

ترامب يبدأ عهده بالوعود والوعيد
TT

ترامب يبدأ عهده بالوعود والوعيد

ترامب يبدأ عهده بالوعود والوعيد

أصبح الجمهوري دونالد ترامب اليوم (الجمعة)، الرئيس الـ45 للولايات المتحدة، بعد آدائه القسم ليتولى مقاليد السلطة في بلد يشهد انقسامًا عميقا حيث يثير أسلوبه وتصريحاته التوتر.
ووضع قطب العقارات الاميركية يده اليسرى على الإنجيل ورفع اليد اليمنى ليؤدي القسم كما فعل قبله جورج واشنطن وفرانكلين روزفلت وجون اف كينيدي. قائلًا: "أنا، دونالد جون ترامب، أقسم رسميا بأنّني سؤدي مهام رئيس الولايات المتحدة باخلاص وبأن أبذل كل ما في وسعي لحماية وصون دستور الولايات المتحدة والدفاع عنه، فليكن الرب بعوني" قبل أن يرفع قبضته.
ووضع الرئيس الاميركي مكافحة التطرف في صلب سياسته الخارجية، إذ تعهد العمل مع حلفاء بلاده للقضاء على تهديدات المتطرفين.
وقال في خطاب التنصيب "سنعزز التحالفات القديمة ونشكل تحالفات جديدة ونوحد العالم المتحضر ضد الارهاب المتطرف الذي سنزيله تماما من على وجه الارض".
وسبق ترامب في مكافحة التطرف كل من الرئيسين السابقين جورج دبليو بوش وباراك أوباما.
وتعهد ترامب كذلك في خطابه بتشكيل تحالفات جديدة ضد الارهاب ملمحًا إلى نيته العمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقد أدى القسم قبل ترامب أيضًا نائبه مايك بنس.
وبعد آداء اليمين، أكد ترامب في خطابه أنّه ملتزم بوعده أن "يعيد لأميركا عظمتها" وأنّه سيعمل لإنهاء الانقسامات في البلاد، متعهدًا بأن رؤية "وضع أميركا فقط أولا" ستحكم جميع قرارات الولايات المتحدة من الآن فصاعدًا، مؤكدا أنه سيعطي الأولوية لشراء المنتجات الأميركية وتوظيف أميركيين.
وأضاف الرئيس الأميركي "معا سنجعل أميركا قوية مرة أخرى. سنجعل أميركا ثرية مرة أخرى. سنجعل أميركا فخورة مرة أخرى. سنجعل أميركا آمنة مرة أخرى. نعم معًا سنعيد إلى أميركا عظمتها مرة أخرى".
ويرتدي حفل التنصيب الذي تابعه ملايين الاشخاص مباشرة على التلفزيون في مختلف أنحاء العالم، طابعًا انتقاميًا لرجل الأعمال النيويوركي الذي أثار إعلان ترشيحه في يونيو (حزيران) 2015 استهزاء كبيرًا لدى الجمهوريين وكذلك لدى الديمقراطيين.
وفي هذا اليوم التاريخي، اتبع ترامب نفس التقليد البروتوكولي كأسلافه. وبعد ليلة أمضاها في "بلير هاوس" المقر المخصص لكبار الضيوف مقابل البيت الابيض، توجه الجمهوري وزوجته ميلانيا إلى كنيسة القديس يوحنا قرب البيت الابيض وحضرا قداسًا قبل أن يستقبلهما الرئيس المنتهية ولايته باراك اوباما وزوجته ميشيل لتناول الشاي ثم توجهوا جميعا الى الكابيتول.
وتجمع آلاف الاميركيين على طول جادات منطقة المول في واشنطن قبالة الكابيتول وعبر كثيرون عن أملهم في بدء "عصر جديد".
وقال ميغيل (54 سنة)، "لست موافقا بنسبة مائة في المائة على الطريقة التي يعبر فيها (ترامب) عن نفسه، لكن رجل أعمال ناجح وليس سياسيا" مضيفا "اعتقد أنّه سيفي بوعوده".
من جهته قال مايكل هيبوليتو الشرطي النيويوركي المتقاعد "لقد عرف كيف يبسط الامور للناس العاديين، ونجح في لم شمل الناس".
وبعد حملة استمرت 17 شهرًا ومرحلة انتقالية استغرقت شهرين ونصف الشهر، تبدأ اعتبارًا من اليوم، ممارسة السلطة لاربع سنوات من رئيس يثير أسلوبه وتصريحاته انقسامًا. وتعهد ترامب أمس، بأن يعيد "جمع بلدنا".
وسارت تظاهرات معادية لترامب مساء أمس، في نيويورك شارك فيها مشاهير مثل الممثل روبرت دي نيرو مع آلاف الاميركيين. كما جرت تظاهرة في مانيلا أمام السفارة الاميركية شارك فيها مئات الاشخاص. ويتوقع تنظيم تجمعات أخرى اليوم في براغ وبروكسل.
أعلن فريق ترامب أنّه سيوقع مطلع الاسبوع المقبل سلسلة مراسيم تهدف إلى تفكيك حصيلة اداء سلفه الديمقراطي (المناخ والهجرة...) وفرض سياسته. وقد يوقع عددًا من هذه المراسيم اعتبارًا من اليوم.
وتبدو المهمة شاقة لمقدم برنامج تلفزيون الواقع السابق ومؤلف كتاب "فن ابرام الصفقات" الذي وعد بصيغة تثير ارتياح انصاره واستياء معارضيه، وبأنّه سيكون "أكبر منشىء للوظائف خلقه الله".
وكان تشكيل ادارته عملية شاقة إذ أنّ فوزه فاجأ الجمهوريين. ومن العمل اليومي في البيت الابيض إلى التعامل مع الهيئات الاخرى، قد تشهد الاسابيع الاولى من حكم ترامب حالة من الفوضى.
ولم يحدث منذ 40 عاما أن تولى رئيس أميركي السلطة بينما شعبيته في هذا المستوى المنخفض.
إلّا أنّ ايفانكا ترامب دعت معارضي الرئيس المنتخب إلى "اعطاء فرصة" لوالدها مع اعترافها بأنّها تنصحه في بعض الاحيان بالكف عن كتابة تغريدات على تويتر.
من جهة اخرى، تفيد دراسة لمركز بيو للأبحاث نشرت أمس، بأنّ 86 في المائة من الاميركيين يرون أنّ البلاد تشهد انقسامًا أكبر من الماضي. وكانت هذه النسبة تبلغ 46 في المائة عند تولي أوباما الرئاسة.
وفي وسط واشنطن، تجمع متظاهرون مناهضون للعنصرية ومؤيديون لقضايا النساء، في مواجهة الشرطة مرددين شعارات ترفض ترامب.
عبر تويتر، يواصل رجل الأعمال تصفية حساباته يوميًا مع الذين وجهوا انتقادات له، من جون لويس الشخصية التاريخية في حركة الدفاع عن الحقوق المدنية إلى النجمة السينمائية ميريل ستريب.
أمّا على الساحة الدولية، فوجه ترامب سهامه إلى الصين وحلف شمال الاطلسي والمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل.
ويثير هذا الجانب أكبر التساؤلات، فقادة العالم يتساءلون عن القيمة الحقيقية لتصريحاته عندما يتخذ المسؤولون الذين عينهم -- على رأس وزارتي الخارجية والدفاع مثلا -- مواقف مخالفة كما يبدو لموقفه من روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين أو الاتفاق النووي الايراني.
وبعد مراسم التنصيب سيتوجه أوباما إلى كاليفورنيا مباشرة في أول اجازة عائلية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.