«حزب الله» قلق عشية آستانة ويسعى لتعزيز وجوده في «سوريا المفيدة»

«حزب الله» قلق عشية آستانة ويسعى لتعزيز وجوده في «سوريا المفيدة»
TT

«حزب الله» قلق عشية آستانة ويسعى لتعزيز وجوده في «سوريا المفيدة»

«حزب الله» قلق عشية آستانة ويسعى لتعزيز وجوده في «سوريا المفيدة»

يسود القلق والترقب لدى ما يسمى «حزب الله» وإيران على حد سواء عشية الاجتماع المرتقب في آستانة، عاصمة كازاخستان، يوم 23 يناير (كانون الثاني) الحالي حول سوريا، وبخاصة في ظل تزايد الكلام عن اتفاق روسي - تركي جاهز لإجبار الأطراف السورية على الالتزام به على غرار قرار الهدنة الأخير. من ناحية ثانية، يستبعد معارضون للحزب ومتابعون لشؤونه عن كثب - من أبناء الطائفة الشيعية - إقدامه في هذه المرحلة خاصة، على التمدد في ساحات قتالية جديدة، وبالتحديد اتخاذ قرار بمواجهة «داعش»، ويشدد هؤلاء على أن ذلك إن حصل فسيحصل ضمن إطار اتفاق دولي، أو أقله اتفاق إيراني - روسي محدد المعالم.
علي الأمين، الباحث السياسي والمعارض الشيعي البارز لما يسمى «حزب الله»، رأى أن التطورات الإقليمية والدولية الأخيرة، خصوصا التفاهم التركي - الروسي والاجتماع المرتقب في آستانة كلها «عوامل تترك نوعا من (القلق والانزعاج لدى (حزب الله) كما لدى إيران، ولعل هو ما تم التعبير عنه بوضوح في منطقة وادي بردى، حيث يصر النظام السوري وحلفاؤه على تجاوز قرار وقف إطلاق النار». ورجّح الأمين أن تكون «الاستراتيجية الإيرانية التي يلتزم بها الحزب تقضي بتوطيد وتعزيز وجوده في مناطق (سوريا المفيدة)»، مستبعدا وجود أي رغبة أو قرار بالتمدد لمواجهة تنظيم داعش أو قوى أخرى في مناطق في الوسط أو الشرق أو الشمال السوري.
وأوضح الأمين أنّه بعد «هدنة» حلب سحب ما يسمى «حزب الله» القوة القتالية من المدينة الواقعة في الشمال السوري إلى المناطق الخاضعة للنفوذ الإيراني، وبالتحديد، محيط العاصمة دمشق ومدينة حمص وريف محافظة حماة والجنوب السوري، لافتا إلى أن هذه المناطق لإيران فيها اليد الطولى. من جهته، رأى لقمان سليم، الباحث السياسي ومدير مركز «أمم» للدراسات، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أهم جبهة يوجد فيها (حزب الله) الآن ويقاتل فيها بمثابرة، هي المنطقة التي تربط لبنان بدمشق، التي تبدأ من رأس الناقورة (حدود لبنان الجنوبية) وصولاً إلى آخر نقطة في الشمال السوري». واعتبر سليم، وهو شيعي أيضا، أن «الحزب يتحرك في هذه المنطقة، باعتبارها منطقة نفوذ إيراني». وإذ أكد سليم أنه «لم يعد بين لبنان وسوريا حدود بالمنطق الإيراني، لأن طهران أسقطت حدود لبنان وسوريا والعراق وحوّلتها إلى مسرح عمليات وميدان قتالي»، فإنه رجّح أن يكون «أي تدخل للحزب على الجبهات السورية الأخرى، سواء في حلب أو دير الزور أو تدمر، جزءًا من مجموع الميليشيات الإيرانية التي تستدعى بوصفها احتياطا».
ومن ثم، اتفق المعارضان للحزب على استبعاد فرضية توجيهه عددًا كبيرًا من المقاتلين إلى جبهة دير الزور وغيرها من الجبهات. وفي هذا السياق، أكّد الأمين أن ما يسمى «حزب الله» لن يذهب لقتال «داعش» إلا إذا تم توقيع اتفاق مع الروس، أو اتفاق دولي، كما هو حاصل في العراق، لمحاربة التنظيم. وأردف: «غير ذلك، لن تذهب إيران والحزب وحدهما لقتال (داعش) لأنه لا مصلحة لهما بذلك». وإذ رجّح أن يكون الحزب قد أرسل عددا محدودا من المراقبين أو المقاتلين إلى دير الزور باعتبار ذلك رسالة إعلامية، فقد نبه إلى أنه (أي الحزب) حاليا بانتظار ما سينتج عن اجتماع آستانة ليبني على الشيء مقتضاه.
من جانبه، شدّد لقمان سليم على وجوب عدم حصر قتال الحزب في سوريا بشقه العسكري، لافتًا إلى أنّه ينعكس في لبنان «إصرارا على الهيمنة على القرار السياسي، وإنشاء طوابير خامسة لدى الطوائف غير الشيعية». وتابع: «من الخطأ الحديث عن الحرب في سوريا كأنها مجرّد جغرافيا، ونتجاهل أن إيران تقاتل في سوريا، باعتبارها جزءًا من نفوذها الممتد على مساحة العراق وسوريا ولبنان».
عودة إلى علي الأمين فإنه يقول: «إذا كان (حزب الله) مرتاح حاليا تكتيكيًا باعتبار أنه لا يخوض حاليا مواجهات عسكرية كبيرة، فلا شك أنّه من الناحية الاستراتيجية غير مطمئن... فهو يدفع أثمان تورطه بالحرب السورية دون أي ثمن يُذكر، وبخاصة أن ما يحصل في آستانة مثلا لا يلحظ الحزب على الإطلاق، وهذه في حد ذاتها خسارة معنوية وسياسية له». واختتم الأمين بالقول: «على كل حال أي اتفاق سياسي سيحصل فسيكون على حساب (حزب الله)، خصوصا أنّه محكوم عليه الخروج من سوريا مع باقي الميليشيات التي تقاتل هناك، وهذه إحدى بنود الاتفاق الروسي - التركي».



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.