ثروة زها حديد 70 مليون جنيه إسترليني

أوصت للعاملين في شركاتها وأفراد عائلتها ومؤسستها الخيرية

المعمارية الراحلة زها حديد (غيتي)
المعمارية الراحلة زها حديد (غيتي)
TT

ثروة زها حديد 70 مليون جنيه إسترليني

المعمارية الراحلة زها حديد (غيتي)
المعمارية الراحلة زها حديد (غيتي)

نشرت مجلة «آركتيك جورنال» على موقعها الإلكتروني أمس، تفاصيل وصية المعمارية البريطانية العراقية الأصل، زها حديد، التي تقدر بنحو 70 مليون جنيه إسترليني.
وذكر الموقع أن حديد امتلكت ثروة تجاوزت الـ70 مليون جنيه إسترليني وقت وفاتها في مارس (آذار) 2016، وبعد تسديد بعض الديون وصل المبلغ إلى نحو 68 مليون جنيه. ومن ضمن المستفيدين من ثروة حديد شريكها في العمل باتريك شوماخر، وهو الوحيد من خارج نطاق العائلة الذي خصته حديد بجانب من ثروتها، حيث أوصت له بـ500 ألف جنيه إسترليني.
ويمثل المبلغ (70 مليون جنيه) مجموع ثروة حديد في المملكة المتحدة، بما في ذلك مكتب المعمار الذي يحمل اسمها، إضافة إلى عدد آخر من الشركات التي كانت شريكة فيها وتشمل الثروة أيضا شقة على مساحة طابقين بحي كلاركنويل بلندن.
وبالنسبة للمستفيدين من وصيتها في مجال العمل وإلى جانب شوماخر شريكها وخليفتها في مكتب التصميم المعماري، تركت حديد أيضا نصيبا في ثروتها للعاملين في شركاتها في الماضي والحاضر والمستقبل، إضافة إلى العاملين في المؤسسة الخيرية التي تحمل اسمها وأفراد عائلتها وأزواجهم.
وسمت حديد أربعة أشخاص، من بينهم باتريك شوماخر لتنفيذ الوصية، ومنحتهم صلاحيات وسلطة لاختيار وإضافة مستفيدين آخرين. وتنص شروط الوصية على أنه إذا لم يتفق منفذو الوصية على أوجه توزيع الثروة أو إذا ترك الأمر لأكثر من 125 عاما فإن الثروة ستؤول إلى مؤسسة زها حديد الخيرية. غير أن هذا الاحتمال ضعيف، إذ من الممكن أن يواجه المنفذون عراقيل في المحاكم إذا لم تصرف الثروة بما فيه مراعاة لمصالح الورثة.
يذكر أن أوصياء مؤسسة حديد الخيرية هم أنفسهم القائمون على تنفيذ وصيتها وهم: باتريك شوماخر، والفنان برايان كلارك، والمطور المعماري بيتر بالمبو، والمصممة المعمارية رنا حديد ابنة أخ زها التي عينت واحدة من الأوصياء في يوليو (تموز) من العام الماضي عقب وفاة المعمارية الشهيرة. وقد عينت رنا حديد وبرايان كلارك وبارتريك شوماخر منفذين لوصية حديد في 2 أبريل (نيسان) 2015، ثم أضافت صديقها بيتر بالمبو بعد ذلك بأسبوعين.
وحسب خبراء، فإن وصية حديد قد تضم خطابا غير ملزم قانونيا يحدد رغباتها بالتفصيل. وعلق سيريس غاردنر، أحد الشركاء في شركة موريس تورنر غاردنر للمحاماة في حديث لـ«آركتيك جورنال»، أن «التوجيه الوحيد سيكون في خطاب مصاحب للوصية يحمل رغبات حديد، ولكنه لن يكون وثيقة عامة». وأضاف أن «منفذي الوصية ستكون لديهم السلطة لتقسيم الثروة كما يقدرون، فيستطيعون منح المال للأعمال الخيرية أو تخصيصه بالكامل للعائلة كما يرون، ودليلهم في ذلك سيكون خطاب الرغبات».
وتوضح الوثائق أن حديد كانت مدانة في وقت وفاتها بأكثر من ثلاثة ملايين جنيه، ما يعني أن مجمل الثروة يصل إلى 249.458.67 جنيه. وإلى جانب الـ500 ألف جنيه التي أوصت بها لشريكها شوماخر بصفة هدية، تركت حديد أيضا مبلغا مماثلا لكل فرد في عائلتها ومائتي ألف لشخصين آخرين.
حديد، المولودة في بغداد عام 1950 دخلت التاريخ كأول امرأة تفوز بجائزة «بريتزكر» التي تعد بمثابة «نوبل» للهندسة المعمارية في 2004، وأول امرأة أيضا تنال الميدالية الذهبية الملكية للهندسة المعمارية في 2015.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».