«رومية»... بديل «داعش» لنسيان الهزائم عقب توقف «دابق»

المجلة تقع في 44 صفحة وسلطت الضوء على نحر شيخ سيناء وتفجير الكنيسة البطرسية

غلاف مجلة «رومية» لسان داعش بالعربية والإنجليزية ({الشرق الأوسط})
غلاف مجلة «رومية» لسان داعش بالعربية والإنجليزية ({الشرق الأوسط})
TT

«رومية»... بديل «داعش» لنسيان الهزائم عقب توقف «دابق»

غلاف مجلة «رومية» لسان داعش بالعربية والإنجليزية ({الشرق الأوسط})
غلاف مجلة «رومية» لسان داعش بالعربية والإنجليزية ({الشرق الأوسط})

في محاولة جديدة من تنظيم داعش الإرهابي للتغلب على هزائمه المتلاحقة في سوريا والعراق، اتجه التنظيم إلى منبر إعلامي جديد وهو مجلة «رومية» كبديل عن مجلته الرئيسية «دابق» التي توقفت بسبب هزيمته في «دابق» السورية.
واعتمد «داعش» على «رومية» الآن بشكل أساسي، وهي المجلة التي أطلقها مركز الحياة للإعلام التابع لـ«داعش» بـ8 لغات هي «الإنجليزية، والروسية، والفرنسية، والتركية، والألمانية، ولغة بشتو، وتركستاني، وإندونيسي»... وقال مصدر مطلع إن «داعش» يدعو مؤيديه عبر مجلته الشهرية إلى مواصلة استهداف دول التحالف الدولي المعتدية على عناصر التنظيم بالعراق وسوريا وفي كل الدول.
في غضون ذلك، أكد خبراء أن التنظيم لجأ لمجلة «رومية» إثر توقف إصدار «دابق» بعد هزيمته الساحقة في معركة «دابق»، حيث حاول التنظيم الخروج من المأزق التاريخي وهزيمته في معركة «دابق» التي روج لها ولأهميتها الاستراتيجية والدينية، فلجأ إلى وسيلة جديدة كي ينسى مقاتلوه ومؤيدوه الخسارة التي مُني بها التنظيم. وقال الخبراء في دراسة لهم بالقاهرة إن «داعش» ما زال يستخدم البهرجة الإعلامية في حملاته الدعائية عبر الأذرع الإعلامية لجذب مزيد من العناصر ومخاطبة جمهوره الغربي بالخطاب الإغوائي الذي يتناسب معه.
و«داعش» يمتلك آلة إعلامية مكنته من أن يصبح التنظيم المتطرف الأشهر في العالم، ولدى التنظيم مواقع ومنابر إعلامية كثيرة من بينها: «شبكة شموخ الإسلام» و«منبر التوحيد والجهاد» و«إذاعة البيان».
وكان مركز الحياة الإعلامي قد أصدر في وقت سابق مجلة «دابق» الإلكترونية الناطقة باسمه باللغة الإنجليزية، وكانت تتمتع بالحرفية وأناقة الإخراج وجودة الصور، وجرى توزيعها عبر البريد الإلكتروني في الداخل السوري، وقال المصدر المطلع إن مجلة «دابق» كانت تشبه في تصميمها مجلة «إنسباير» التي أصدرها فرع تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية، وتضمنت تعليمات حول كيفية تصنيع القنابل وتجنيد أشخاص يشنون هجمات بمفردهم.
وأكد التقرير المصري أن التحول من «دابق» إلى «رومية» يكشف زيف الادعاءات الداعشية الباطلة، ويفضح التنظيم أمام العالم أجمع، ويؤكد أن «داعش» لا يمت للنبوءات بأي صلة، كما أن استناده إلى روايات أو نصوص دينية يكون وفق فهمه الخاطئ لها، فيقتطع تلك النصوص عن سياقاتها وينسبها له بما يوافق مصالحه كي يضفي قداسة دينية على كل جرائمه وإرهابه ضد البشر في كل مكان.
وأضاف التقرير الذي أعده خبراء في مرصد دار الإفتاء بمصر أن التنظيم لم يغير شيئا من المجلة القديمة «دابق» سوى العنوان الذي أصبح «رومية»؛ إلا أن المحتوى ظل كما هو يروج للتفسير الخاص بالتنظيم للشريعة ولأسطورة «الخلافة» والانتصارات المزعومة التي يحققها التنظيم، لافتا إلى أن «رومية» تختلف عن «دابق» في أمور عدة، أبرزها أن المجلة الجديدة تصدر بثماني لغات وبمحتوى أقل قيمة من سابقتها، التي أثارت أعدادها الخمسة عشر اهتمامات وسائل الإعلام العالمية... كما أن «رومية» موجهة لعناصر التنظيم من غير العرب؛ لأن التنظيم يدرك بأن طريقة التعاطي والمستويات الثقافية مختلفة بين جمهوره الغربي وجمهوره العربي، إضافة إلى أن مضمون رومية – مثل دابق – يأخذ منحى الأسلوب الدعوي، فضلا عن تضمين المجلة لقصص عاطفية لمقاتلين من التنظيم مع كل عدد، كعملية جذب وترغيب للقارئ الغربي.
ويشار إلى أن «رومية» صدر منها 4 أعداد من قبل؛ لكن هزائم التنظيم وتوقف «دابق» دفعته للاعتماد عليها.
وحول العدد الخامس من مجلة «رومية» التي صدرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، قال خبراء المرصد إنه مؤلف من 44 صفحة، وإن المقال الرئيسي للمجلة جاء بعنوان «لهيب العدالة» وحث مناصري التنظيم في أوروبا على استخدام سلاح الحرائق، وأنه أفضل سلاح يمكن استخدامه في إثارة الرعب لدى أعدائهم، لأنه أقل كلفة ولا يتطلب امتلاك البنادق أو الأسلحة المتفجرة، كما لا يتطلب استخدام المركبات كما حدث في عمليات الدهس الأخيرة في فرنسا وألمانيا، بل إن كل ما يتطلبه بعض المواد البسيطة القابلة للاشتعال.
وقال التقرير المصري إن العدد الأخير من المجلة ألقى الضوء على عملياته في مصر، حيث تفاخر بأنه قام بذبح الشيخ سليمان أبو حراز شيخ الطرق الصوفية في سيناء، فضلا عن إعلانه تبنيه العملية الانتحارية في الكنيسة البطرسية بالقاهرة الشهر الماضي، وتضمن العدد كذلك مقالا بعنوان «تكتيكات الإرهاب» تناول تعليمات حول كيفية صناعة قنابل المولوتوف والنابالم وكيفية استخدامها والمواقع المثالية للاستهداف، وكان أبرزها كنيسة دالاس المعمدانية والتي وضع صورتها داعيًا إلى حرقها.
من جانبه، قال المصدر المطلع إن مجلة «رومية» تبدو جذابة بصريا، ولم يخف ممن حصلوا على نسختها الإلكترونية، ومن رواد مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الفنيين في مجال الإخراج، دهشتهم لقدرة هذا التنظيم على هذا القدر من الاحترافية.
وكشف التقرير المصري عن أن التنظيم الإرهابي يحاول دائما أن يظل عناصره مبهورين بإنجازاته الوهمية وانتصاراته المزعومة من خلال عملية غسل أدمغة عبر الإصدارات المرئية والمسموعة والمكتوبة، التي يغطي بها على هزائمه المتكررة في سوريا والعراق، ويعمد القائمون على التنظيم إلى ما يشبه «انفصال الشخصية» في طريقتهم بالتعامل مع عناصرهم، فهم ينشرون الجهل بين الناس ويقومون بعملية «عزل جماعي» عن وسائل التواصل الخارجي للسيطرة عليهم وإبعادهم عن العالم الخارجي والواقع الحقيقي.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.