اتفاق «أوبك 2016»... ماذا تغير هذه المرة؟

الرغبة والتنسيق كلمتا السر... وضغوط الموازنات وإثبات الكفاءة أقوى المحركات

وزير الطاقة السعودي خالد الفالح خلال مشاركته في احدى فعاليات منتدى الطاقة العالمي في أبو ظبي (أ.ب)
وزير الطاقة السعودي خالد الفالح خلال مشاركته في احدى فعاليات منتدى الطاقة العالمي في أبو ظبي (أ.ب)
TT

اتفاق «أوبك 2016»... ماذا تغير هذه المرة؟

وزير الطاقة السعودي خالد الفالح خلال مشاركته في احدى فعاليات منتدى الطاقة العالمي في أبو ظبي (أ.ب)
وزير الطاقة السعودي خالد الفالح خلال مشاركته في احدى فعاليات منتدى الطاقة العالمي في أبو ظبي (أ.ب)

بالتأكيد هذه ليست المرة الأولى التي تنخفض فيها أسعار النفط إلى مستويات غير مقبولة أبدًا، حيث سبق وأن شهدت السوق النفطية أزمات مشابهة في أعوام 1986 و1998 عندما كانت الأسعار لا تزيد على 10 دولارات.
وبالتأكيد هذه ليست المرة الأولى التي يتوصل فيها المنتجون في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) فيما بينهم؛ أو حتى مع المنتجين خارجها، إلى اتفاق عالمي لخفض الإنتاج.
وفي المرات السابقة، لم يكن الالتزام بين المنتجين عاليًا، ولكن هذه المرة مستوى الالتزام أعلى بكثير من آخر مرة اتفقت فيها أوبك على خفض إنتاجها في عام 2008 لدعم الأسعار.
ففي عام 2008، لم يكن التزام أوبك يزيد على 70 في المائة من الكمية المتفق على تخفيضها، بينما هذه المرة هناك بوادر بأن يصل الالتزام المبدئي إلى قرابة 80 في المائة.
إذن ما الذي حدث في 2016 حتى يجعل المنتجين يصلون إلى هذه الدرجة من الالتزام؟
هناك كثير من العوامل وراء هذا الأمر. ففي البداية هناك رغبة سياسية حقيقية وتنسيق سياسي على أعلى المستويات. وتمثلت هذه الرغبة في الدور الذي لعبته روسيا في تقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران حتى يتم الاتفاق على خفض الإنتاج.
وإذا كانت السياسة هي الأساس في الاتفاق، فهناك عوامل أخرى مهمة مثل هبوط الأسعار وضغطها على الميزانيات في دول الخليج، أو حتى على اقتصاد فنزويلا الذي كان على شفا الانهيار التام والتحول إلى الفوضى.
وكان انخفاض الأسعار حادًا جدًا لدرجة أنه سيؤثر في المعروض المستقبلي من النفط، وهو الأمر الذي أقلق كبار المنتجين، وما يعني أن الأسعار في المستقبل ستواجه ارتفاعات لا يستطيع عليها الزبائن.
وبلغ سعر خام القياس العالمي مزيج برنت عند التسوية يوم الجمعة 55.45 دولار للبرميل، بما يعادل نحو نصف مستواه في منتصف 2014.
إضافة إلى ذلك، فقد تسلم وزارات النفط في بلدان أوبك وزراء جدد يريدون إثبات قدراتهم على إدارة السوق ولعب دور قيادي فيها، مثل الوزير السعودي خالد الفالح ووزير النفط الكويتي عصام المرزوق والجزائري نور الدين بوطرفة، والأخير لعب دورًا مهمًا في هندسة الاتفاق.
لكن لعل هناك سببا نفسيا يدفع الجميع لتدارك الأمر وهو «الإحساس بالذنب». فلقد تركت أوبك أسعار النفط ترتفع إلى مستويات مائة دولار لمدة طويلة جدًا، وأدى ذلك إلى تراكم المعروض وزيادة المخزونات في آخر ثلاث سنوات. لكن أحدًا لم يفعل شيئا لأن الكل كان ينظر للأسعار والمكاسب الوقتية على حساب المكاسب المستقبلية.
* تفاؤل واسع: وساد جو كبير من التفاؤل حيال الاتفاق، بدءا من الأمين العام لأوبك النيجيري محمد باركيندو إلى الوزراء إلى المحللين والشركات النفطية.
وأبدى باركيندو ثقته في التزام منتجي النفط باتفاق خفض الإنتاج الذي أبرموه الشهر الماضي لتقليص تخمة المعروض العالمي، التي هبطت بأسعار النفط وأثرت سلبا على إيرادات الدول المصدرة.
وقال الأمين العام لأوبك لـ«رويترز» خلال مقابلة في أبوظبي الخميس الماضي: «ما زلت واثقا بمستوى الالتزام والتحمس الذي رأيته بين الدول الأربع والعشرين المشاركة التي أجري اتصالات منتظمة معها، وبأن هذا الاتفاق التاريخي المهم يتم تطبيقه بالكامل».
وقالت دول السعودية - أكبر مصدر للنفط في العالم - والكويت والجزائر يوم الخميس إنها خفضت الإنتاج بقدر أكبر مما تعهدوا به. وقال العراق ثاني أكبر منتج في أوبك إنه خفض الإنتاج والصادرات أيضا وملتزم التزاما كاملا بالاتفاق.
* مستقبل الاتفاق: ومن المقرر أن تعقد لجنة معنية بمراقبة الامتثال للاتفاق اجتماعا في فيينا في 22 يناير (كانون الثاني) . وذكر باركيندو أن الاجتماع سيحدد عند أي مستوى سيكون الالتزام مقبولا.
وأضاف أنه من السابق لأوانه قول ما إن كان الاتفاق سيتم تمديده بعد يونيو (حزيران)؛ لكن وزراء أوبك سيتخذون قرارا بخصوص ذلك حين يعقدون اجتماعهم المقبل يوم 25 مايو (أيار) في فيينا، والذي قد يشارك فيه منتجون من خارج المنظمة.
وقال باركيندو: «سوف ينظرون في مستوى الالتزام، واستجابة السوق، والعوامل الأساسية، والعرض والطلب والمخزونات... وبناء على التقييم سيحددون ما سيفعلونه».
وذكر الأمين العام أن أوبك لا تستهدف سعرا محددا للنفط، وأن قرار المنظمة بكبح الإمدادات اتخذ في الأساس لمواجهة المخزونات المرتفعة التي بدأت في الانخفاض.
وقال باركيندو: «ليس لدينا هدف للأسعار... هدفنا كان المستوى المرتفع للمخزونات التي زادت خلال 2014 و2015 وحتى 2016».
وأضاف أن الهدف هو «إعادة التوازن والاستقرار إلى السوق وخفض مستوى المخزونات المرتفع إلى متوسطة في خمس سنوات، وهو ما بدأنا نراه بالفعل».
وتوصلت أوبك وكبار المنتجين المستقلين الشهر الماضي إلى أول اتفاق منذ عام 2001 على خفض مشترك للإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا لفترة مبدئية تبلغ ستة أشهر بهدف وقف هبوط أسعار النفط وتقليص تخمة المعروض.
وستخفض دول أوبك 1.2 مليون برميل يوميًا، فيما ستخفض الدول خارج أوبك الكمية المتبقية. وأعلنت السعودية والكويت والجزائر عن تخفيضها الإنتاج بأكثر من المتفق عليه.
وكانت حصة السعودية من تخفيض أوبك 486 ألف برميل يوميًا، فيما كانت حصة الكويت 131 ألف برميل يوميًا، بينما التزمت الجزائر بتخفيض 50 ألف برميل يوميًا.
* التزام أكبر من الوعود: وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن المملكة خفضت إنتاجها النفطي إلى أدنى مستوياته في نحو عامين منذ فبراير (شباط) 2015. وأوضح أن إنتاج الخام هبط لأقل من عشرة ملايين برميل يوميا، ليتجاوز حجم الخفض ما وعدت به السعودية أوبك.
وقال وزير النفط الكويتي عصام المرزوق إن الكويت خفضت صادراتها النفطية أكثر من 133 ألف برميل يوميا. وأوضح أن الكويت خفضت الإمدادات المتجهة إلى المشترين في أميركا الشمالية وأوروبا، لكنها لم تمس الصادرات المتجهة إلى آسيا.
أما وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة فقد قال إن بلاده خفضت إنتاجها بنحو 60 ألف برميل يوميا، وهو أكثر من الخمسين ألف برميل التي التزمت بها.
* صعوبات واردة: وقد تكون هناك رغبة قوية جدًا للالتزام وتعويض ما فات خلال السنتين الماضيتين، ولكن لا تزال الأمور ليست بالسهلة... فالإنتاج من ليبيا ونيجيريا اللتين تم إعفاؤهما من التخفيض في ازدياد، كما أن إيران لا تزال تصدر النفط الذي تخزنه بكميات أكبر.
ومن المحتمل أن يزيد الإنتاج في أميركا هذا العام إلى 9 ملايين برميل يوميًا بحسب أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية. كل هذه الظروف تجعل اتفاق أوبك والالتزام به ضرورة ملحة، ولكن هل سيصلح الالتزام والاتفاق ما أفسد الدهر؟ هذا ما ينتظر الجميع معرفته في النصف الثاني من 2017 عندما ينتهي العمل باتفاق أوبك، وعندما تتضح الصورة حول المخزونات النفطية التي قد تحتاج إلى سنتين حتى تهبط تمامًا كما قال الرئيس التنفيذي لشركة توتال باتريك بوييان في أبوظبي الأسبوع الماضي.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.