تركيا تطلق مشروعًا لترميم مقبرة الملك موسولوس

إحدى عجائب الدنيا السبع

تركيا تطلق مشروعًا لترميم مقبرة الملك موسولوس
TT

تركيا تطلق مشروعًا لترميم مقبرة الملك موسولوس

تركيا تطلق مشروعًا لترميم مقبرة الملك موسولوس

أطلقت مؤسسة أكاديمية بلدان البحر المتوسط مشروعا لترميم قبر موسولوس، المعروف باسم «قبر الملك موسولوس»، الذي يقع في المنطقة الغربية من محافظة موغلا في مدينة بودروم جنوب غربي تركيا في هاليكارناسوس.
والمقبرة مدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي بوصفها إحدى عجائب الدنيا السبع، ويتضمن مشروع الترميم الذي سينفذه عالم الآثار الدنماركي بول بيدرسون ومساعده جون لوند أعمالا لفتح الطريق من ميناء بودروم إلى المقبرة.
وتهدف مؤسسة أكاديمية بلدان البحر المتوسط، التي أنشئت في تركيا عام 1993 ويرأسها أوزاي كارتال، إلى العمل على الكشف عن مشاريع تسلط الضوء على تاريخ المنطقة الذي يعود لنحو 5 آلاف سنة.
وأكد بيدرسون، أنه سيقدم الدعم العلمي لجميع الجهود التي ستبذل من قبل المؤسسة، من أجل اكتشاف القطع الأثرية تحت الأرض وإحياء مقبرة موسولوس، نظرا لخبرته التي اكتسبها خلال 50 عامًا.
وكجزء من مشروع الترميم سيتم استخراج أسوار المدينة القديمة التي يبلغ طولها 8 أمتار التي تحيط ببودروم والمضمار الذي يبلغ عمره 3500 عام.
ويشمل المشروع كذلك أعمالا أخرى منها ترميم مقبرة يهودية وكنيسة، وتنظيم مهرجان ثقافة وفنون هيرودوتس الدولي، وإضاءة بوابة ميوندوس والعثور على أساس معهد هيرودوتس للتاريخ وجمع كل القطع الأثرية القديمة في متحف حضارة الموكيانية اليونانية المفتوح.
وقال رئيس مؤسسة بلدان البحر المتوسط، أوزاي كارتال، إنه يوجد كثير من السكان المحليين في بودروم ممن لا يعلمون أن هيرودوتس ولد في بودروم، وإن مقبرة موسولوس في هاليكارناسوس مسجلة بوصفها إحدى عجائب العالم السبع. لهذا السبب تعد أبرز أولوياتنا ترميم المقبرة وفتح طريق من الميناء إليها، لتمكين مئات الآلاف من السياح من مشاهدتها.
وأضاف أن المؤسسة ستنظم ورشة عمل حول مقبرة موسولوس في مايو (أيار) المقبل، لتقديم معلومات عن تاريخ بودروم بمشاركة أكاديميين ومؤرخين وعلماء آثار، كخطوة مهمة في إطار مشروع ترميم المقبرة.
وتعود المقبرة إلى ملك يوناني يدعى موزول، وتم بناؤها عام 337 ق.م في مدينة هاليكارناسوس التي كانت عاصمة كاريا غرب الأناضول (تركيا حاليا)، وحظي هذا الملك بشهرة واسعة في عصره، حيث كان ميالا لحياة البذخ والترف، مما دفعه إلى أن يشيد لنفسه وهو على قيد الحياة ضريحًا فخمًا يتناسب مع مكانته، الذي سرعان ما اعتبر من عجائب الدنيا السبع القديمة لضخامته، ونقوشه باهظة التكاليف، وزخارفه التي تتسم بالبذخ والعظمة.
وتقول رواية أخرى، إنه عندما مات ملك كاريا قررت أرملته أن تقيم له قبرا ضخما هو (ضريح هاليكارناسوس)، واشترك أشهر المعماريين الإغريق في تشييد وتزين الضريح بأجمل التماثيل، ووضعوا في قمة الضريح تمثالا للملك موسولوس وزوجته، وهما جالسان في عربة تجرها خيول.
وبحسب الروايات التاريخية، أطلق على هذا البناء في ذلك الوقت «الموزوليوم»، نسبة لاسم الملك، وأصبحت كلمة «موزول» لفظًا عامًا تعني «مقبرة ضخمة»، حتى إن تلك الكلمة أصبحت ترجمتها بالعربية في العصر الحالي «ضريحًا».
وكان الضريح، الذي لم يتبق منه شيء اليوم، عبارة عن بناء مستطيل الشكل، ارتفاعه نحو 45 مترًا، يتكون من ثلاثة أجزاء المستوى السفلي منه، عبارة عن قاعة ضخمة من الرخام الأبيض، يليه المستوى الثاني الذي يوجد به 36 عمودًا، موزعة على جميع أجزاء البناء، تحمل تلك الأعمدة سقفا على شكل هرم مدرج، تعلوه عربة فاخرة ذات أربعة جياد.
وأهم ما يميز الضريح الأعجوبة هو النقوش البارزة، والزخارف البارزة والتماثيل متفاوتة الأحجام على الأعمدة وفي جميع أركان الضريح، تحكي قصصا مصورة لبعض المعارك الأسطورية، كما يوجد بقاعدته دهليز يؤدي إلى غرفة بها كثير من الكنوز والتحف الذهبية، كذلك كانت رفات وعظام الملك موزول التي تم حرقها طبقا للطقوس اليونانية، ملفوفة في قماش مطرز بالذهب وموضوعة داخل تابوت من الرخام الأبيض الفاخر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».