«ورقة بيضا» إثارة مشغولة بحبكة لبنانية وعين فرنسية

الفيلم الأول من نوعه في إطار صناعة سينما «الأكشن» في البلاد

«ورقة بيضا» إثارة مشغولة بحبكة لبنانية وعين فرنسية
TT

«ورقة بيضا» إثارة مشغولة بحبكة لبنانية وعين فرنسية

«ورقة بيضا» إثارة مشغولة بحبكة لبنانية وعين فرنسية

قبيل إطلاق فيلم «ورقة بيضا» رسميا في صالات السينما اللبنانية في 19 من يناير (كانون الثاني) الجاري، لبّى أهل الصحافة والإعلام دعوة منتج الفيلم (طارق سيكياس) لحضور العرض الأول له في صالات سينما «سوديكو سكوير» في بيروت.
الفيلم الذي كتب نصّه شقيقة المنتج تانيا سيكياس وأخرجه الفرنسي هنري برجيس، يعدّ الأول من نوعه في صناعة السينما اللبنانية الحديثة إن من ناحية الموضوع الذي يتناول آفة الإدمان على لعب الميسر، أو من ناحية الحركة السريعة لكاميرا المخرج والتي تصبّ في مصلحة أجواء الفيلم المليء بالإثارة والأكشن.
مشاهد عنيفة حينا ملوّنة بالفكاهة حينا آخر تسود العمل منذ بدايته حتى نهايته، وهي تؤلّف نوعية أفلام لم يسبق أن اعتدناها في صناعتنا السينمائية، وهي بذلك حقّقت الفرق لا سيما أنها تصيب المشاهد بفوضى عارمة إيجابية المنحى. يخرج المتفرج من الصالة وهو يتلمّس حيطانها المخمليّة، باحثا عن بصيص نور ونفحة هواء وراء كلّ هذه العتمة كي يعود إلى حياته الطبيعية. فالغرابة التي تسود أحداث الفيلم تختصر النجاح الذي أراده له منتجه، بعد أن لجأ إلى عين أجنبية تصوّره تعود للفرنسي هنري برجيس. فرحلة المغامرات والتشويق هذه التي أخذنا إليها على مدى 100 دقيقة تذكّرنا بأفلام الأكشن الهوليوودية دون شكّ، إلا أنها في المقابل تحمل النفحة اللبنانية بامتياز والتي لم يشأ المخرج تغييبها عن العمل لا في ديكوراته ولا في نصّه.
حمل الفيلم رسائل اجتماعية عدة بينها ما سلّط الضوء على المجتمع الذكوري السائد في مجتمعاتنا الشرقية، كما تناول الحياة الزوجية وما يمكن أن يشوبها من مشاكل في حال دقّ الملل بابها. كما عرّفنا الفيلم إلى نماذج اجتماعية لم نكن نملك أدنى فكرة عنها، وهي ترتبط ارتباطا مباشرا بعالم الميسر.
ولعلّ الدور الذي جسّده الممثل بديع أبو شقرا في شخصيّة المقعد (حلّ كضيف شرف على العمل)، ترجم هذا الواقع المجهول من قبل كثيرين، بعد أن نجح بوصف خطوط شخصية كل لاعب على طاولة البوكر والسبب الذي يدفعه إلى إدمان الميسر.
يشارك في الفيلم الذي تلعب بطولته دارين حمزة، نخبة من الممثلين اللبنانيين وبينهم غبريال يمين وحسّان مراد وألكسندرا قهوجي وطارق تميم غيرهم. وقد أجادوا في تقمّص شخصيّاتهم بشكل لافت، مما زوّد العمل بأداء رفيع المستوى. ويمكن القول إن الممثلة دارين حمزة كانت نجمة هذا الفيلم إن بأدائها الطبيعي والمشبّع بأحاسيس مرهفة، وبحضورها الفذّ على الشاشة الذهبية والذي يبرز مدى الحرفيّة التي صارت تتمتّع بها، وانسجامها مع اللعبة السينمائية بشكل لافت بفضل تجاربها الكثيرة في هذا المضمار.
قدّم المخرج مجريات فيلمه من خلال توزيعه على خمسة أبواب (Chapters) ليعطيه صبغة القراءة. فيشعر المشاهد منذ اللحظة الأولى أنه أمام صفحات كتاب تقلبها أحداث الفيلم كلّ مرّة في إطار مغاير عن الآخر. وهذه اللعبة المجنونة التي تدخل فيها بطلة الفيلم (دارين حمزة) مع صديقتها (ألكسندرا قهوجي) من باب التسلية تقلب حياتهما رأسا على عقب بحيث تورّطهما في أمور عدّة، ورغم كلّ هذه الفوضى التي تعيشانها يبقى الانجراف بإيقاع حياتهما هذا ملازما لهما حتى نهاية الفيلم.
الرومانسية والحب والشغف والإثارة إضافة إلى العنف المجبول بالكوميديا السوداء، عناصر مختلفة ركن إليها المخرج على طريقته بعيدا عن الابتذال والتكرار الذي نشاهده في أفلامنا اللبنانية عادة.
ومرة أخرى أبدع الممثل غبريال يمين في أداء دوره بتمكّن وبتقنية عالية تنافس كبار ممثلي السينما في العالم. فتقمّص شخصية (قاسم) رجل المافيا السادي والمتغطرس دون أن يفقد الحسّ الكوميدي المشهور به. ولعلّ مشاهد العنف التي تنطوي عليها بعض أحداث الفيلم كتلك التي يظهر فيها الممثل عصام مرعب ويقوم خلالها مع صديقه بعملية اغتصاب قاسية، أو تلك التي يقطع فيها الممثل غبريال يمين مرة أذن واحد من موظفّيه الذين خانوه والمرفقة بالدماء النافرة، ويعيد الكرّة مرة ثانية في مشهد انتقامه من موظّف آخر (وائل) عندما يقطع له عضوا حساسا من جسمه، هي التي تركت علامات استفهام كثيرة لدى المشاهد. فقد اعتبرها البعض ناقصة لأنها لم تأت من خلفية تكمّلها، لتخوّل تسمية الفيلم بالعنيف. فيما أبدى البعض الآخر انزعاجه منها رغم محاولة المخرج التخفيف من وقعها بعد أن حمّلها جرعة من الكوميديا السوداء.
«ورقة بيضا» محاولة جدّية لصناعة سينمائية جديدة في لبنان ستجذب دون شكّ اهتمام المهرجانات السينمائية إليها، والتي ترجمتها بالفعل الدورة الثالثة عشرة لمهرجان دبي السينمائي في ديسمبر (كانون الأول) الفائت فقدّم الفيلم في أول عرض عالمي له.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.